m.yousef2@yahoo.com
المفارقة الأولى:
في معرض إجابتها على سؤال:
إذا سجن أوجلان في منزل ما , هل تقومون بزيارته؟
أجابت السيدة كولتاك كيشناك رئيسة حزب السلام والديمقراطية (الممثل القانوني للأكراد في تركيا) لمجلة وارفين :
الشعارات والأعلام وصور السيد عبد الله أوجلان التي رفعت من قبل فئة من الأكراد السوريين في احتفالات نيروز هذا العام وفي موقع واحد فقط كانت تتجاوز الشعارات والأعلام وصور السيد أوجلان التي رفعت في احتفالية نيروز آمد بعشرات المرات في الوقت الذي كان عدد المحتفلين في أمد بالملايين بينما لم يتجاوز العدد في احتفالية سوريا أكثر من ثلاثين ألف.
والحقيقة أن تصريح السيدة كولتاك وان جاء متأخرا ليس مفهوما جديدا أو طارئا في دائرة السياسة الكردية التركية ولا في مفهوم الهوية والتعريف الذاتي الكردي فالكثير من المفكرين والمثقفين والسياسيين الأكراد تنبهوا مبكرا لهذه المسألة ولكن الظروف لم تكن مواتية للتعبير بوضوح عن هذا الرأي أو كانت تنقص هؤلاء الجرأة في التعبير عنها ولسنا هنا بصدد تفاصيل هذه المسألة !!.
الرئيسة كولتاك لم تدل بهذا التصريح لتقلل من أهمية السيد أوجلان كزعيم وقائد كردي ولم تقصد التنكر لنضاله ورسالته وتاريخه الوطني ولا أحد في الشرق الأوسط يستطيع تجاهل السيد أوجلان ولكن أرادت أن ترسل بشفافية رسالة إلى الجانب التركي وأخرى إلى الجانب السياسي الكردي في كل مكان.
أدركت كولتاك بحسها الوطني العقلاني أن الأكراد دفعوا ثمنا غاليا في الماضي وجرى حظر وإغلاق ستة أحزاب كردية في تركيا كان من الممكن أن لا تغلق لو تصرف الأكراد ببرغماتية وواقعية وعقلانية.
وأرادت أن تقول للسيد أردوغان وحكومته والرأي العام التركي أن مسألة الحزب الكردستاني والسيد أوجلان مسألة جدلية وخلافية في تركيا ففي حين أن حزب العمال الكردستاني حزب إرهابي في نظر الحكومة التركية فانه حزب مناضل لدى معظم الأكراد, لذا – اذا كنتم جادون في حل المشكلة فلنضع الحزب الكردستاني وزعيمه السيد أوجلان جانبا في هذه المرحلة ولنتفاوض بمعزل عنهما وعندما نتقدم في التفاوض نبحث في مسألة الحزب الكردستاني والزعيم عبد الله أوجلان .
والحقيقة أن السيد أوجلان نفسه شرع لهذا المبدأ منذ أسابيع.
أعتقد أن كولتاك أرادت أن تزيل العراقيل وتسحب البساط من تحت المتطرفين الأتراك وتجسر الهوة بين الأتراك والأكراد, وأرادت أيضا أن تمنح الفرصة لحزب العدالة والتنمية لحل المشكلة بالتفاوض, هذا من حهة , ومن جهة أخرى نفهم بأنها أرادت أن تقول للسياسيين الأكراد في كل مكان وللأحزاب الكردية في سوريا وغيرها أن مفهوم الوحدة الكردية لا يشغل بال أكراد تركيا ولا يشغل بال أكراد العراق وإيران وأنه بات لزوم ما لا يلزم بالنسبة للأكراد كما أصبح مفهوم الوحدة العربية لزوم ما لا يلزم للعرب.
والحقيقة أن نمط التفكير السياسي الحزبي الكردستاني السوري (الوحدوي) أصبح نمطا كارثيا , وبلوى تهدر المقدرات الكردية في غير أماكنها وتعرض الشعب الكردي السوري للهلاك (وكفى أيتها الأحزاب تورما) في حين أن الأكراد السوريين ليسوا ملكيين أكثر من الملك.
ولهذا ينبغي إعادة النظر في السياسية الكردية السورية العقيمة , وإذا توفرت الإرادة الوطنية الكردية السورية المستقلة لدى الأحزاب فان تعديل الأفكار ممكنا والتعديل الأهم يجب أن يطال المفاهيم من أجل مصلحة الأكراد السوريين ورسم معالم مستقبلهم في إطار البيت السوري الكبير بعيداً عن منطق الإملاء والوصاية حتى نتمكّن من الإقلاع مجدّداً.