عبدالباقي اليوسف
مع انتهاء كل عملية انتخابية في البلدان الديمقراطية تبدا مرحلة جديدة واكثر واقعية ، خاصة في الدول المتعددة القوميات والاديان والقوى السياسية ، على خلاف مرحلة ما قبل الانتخابات والتي تتميز بتقديم الوعود السخية للشارع بتأمين الامن و الاستقرار وتحسين المستوى المعاشي والصحي والخدمي للناس الى جانب القاء كل النواقص على الطرف الاخر خاصة اذا كان ذلك الطرف في دفة الحكم .
لقد مضى نحو سبع سنوات ومصير سكان هذه المناطق غير واضح ، خاصة وان الحكومات السابقة تقصدت عدم حلها ، مما تسبب بتقصير كبير في توفير الامن و الاستقرار ، و تاخر مشاريع التنمية والاعمار في هذه المناطق وتوفير الخدمات والوظائف لسكانها ، وبالتالي اصبحت مرتعا للقوى الارهابية والظلامية التي قتلت على الهوية الميئات من الكورد والمسيحيين والكورد الايزدين والبعض من الاقليات الكوردستانية الاخرى.
من جهة اخرى وبسبب عدم تنفيذ المادة 140 فان حدود كردستان العراق تبقى غير واضحة وبالتالي فان مجالها الجغرافي والبشري غير محدد ويحدث تداخل بينها وبين حكومات المحافظات المجاورة وبالتالي تتوفر على الدوام الارضية لحدوث المشاكل واستمرار النزاع وبالتالي خلق وتغذية الاحقاد في هذه المناطق المتنازعة عليها من فبل بعض القوى الحاقدة على النظام الديمقراطي الجديد ، و بالتالي يسهل تدخل بعض دول الجوار في الشأن العراقي الداخلي .
في الواقع سكان مناطق النزاع قررت مصيرها من خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 7 من اذار من خلال تحديد ممثليها ، لقد قرر سكان كركوك و المناطق الاخرى مصيرهم عندما أدلوا باصواتهم لمرشحي التحالف الكوردستاني ، و أكدوا على تصريح مام جلال : بان كركوك هي كوردستانية، ولم تعد تحتاج الى استفتاء ، و بالتالي الكرة اصبحت في ملعب القيادات والكيانات البرلمانية الكردستانية المختلفة .
هذا يعني جملة من الحقائق يأتي في مقدمتها الالتقاء و بأسرع وقت على برنامج عمل مشترك لتشكيل كتلة برلمانية كوردستانية واحدة ضمن البرلمان العراقي قبل ان تبدا الحوار مع الكتل الاخرى حتى لا تستغل الاخر تشتتت الجانب الكردي وبالتالي التهرب من تنفيذ الالتزامات حيال شعب كردستان .
نبض الشارع الكردستاني يوحي الى ضرورة الاحتفاظ بمنصب رئيس الجمهورية لكونهم القومية الثانية من حيث الحجم في البلاد خاصة اذا ما تمسك الجانب الشيعي بمنصب رئيس الحكومة .
لكون مام جلال هو مرشح التحالف الكردستاني الفائز الاكبر بالمقاعد البرلمانية في الوسط الكوردستاني ، لذا من الحكمة ان لا يكون مصدر خلاف وذلك لدور مام جلال السابق والذي يكاد ان لا يكون له منافس لهذا الموقع .
لاشك ان هناك تباينات واختلافات بين الكيانات الكردستانية المختلفة لكن ما يتطلع اليه الشارع الكردستاني هو تجاوز هذه الخلافات والتخلص من حالة عدم الثقة كى لا تعود بنا الايام الى مرحلة ابان تحرير العراق والتي كانت السبب في بقاء مناطق النزاع خارج حدود الاقليم وربطت مصيرها بالمادة 58 من دستور العراق المؤقت ، ومن ثم ترحالها الى المادة 140 من الدستور الدائم .