المتشيّكون الجُدد.. «عندما يتعلم المواطن لغة البورصة فجأة!»

محمود عبدو عبدو

إثر انطلاق ماراتون الدعم الحكومي وتحديد شروط تحصيل (دعم) مادة المازوت وما سبقه ولحقه من القيل والقال بين المتفائل والمتشائم والمتشائل بينهما (وهم الغالبية)، وما لحقه من تسابق محموم منسجم مع البرودة والأمطار التي حاصرتهم قبل ورود صافرة العد السّباقي لاستحصال مستحقاتهم، أو ما يفترض أنها ستفي جزءاً من احتياجاتهم لمجابهة الصعوبات الشتائية.

وفي الجزيرة وباقي المناطق تكاثر الكلام مع تكاثر أرتال المصطفين أمام بوابات التسجيل كما تعودوا عادة أمام بوابات الأفران والمؤسسات الاستهلاكية أو الغذائية, ليتحول الطابور في المرحلة الثانية إلى مراكز استلام الشيكات, لنجد الريف والجزيرة عموماً قد تداول عبارات جديدة لها علاقة بعوالم البورصة وأسواق المال ( الشيك والبنك), وتتحول جلسات الجزراويين لأخذٍ وردٍ وكأنهم من ذوي المضاربات و عملاء بورصة وأسهم (ناسداك ونيكي وداو جونس) طوكيو أو نيويورك، مع فارق السّحنة والقيمة والدلالة, متشيّكون بما يحملونه للمرة الأولى في عمرهم , شيكات ملونة بهمومهم, لتجد أشدَّ الناس أميّة ووعياً بالثقافة والحياة وهو يتحدث بالشيك وطريقة صرفه أو الاحتفاظ به, وتجد الفلاح وابن القرية والراعي والعامل وجميع الفئات المنسحقة في المجتمع للمرة الأولى التي يراجعون فيها مصرفاً أو يسمع بأن هنالك مصارف خاصة في البلد!؟.

وهو ما يشير البعض إليه, أنه أهم ميزة ولّدتها هذه الشّيكات والقسائم ألا وهي تفعيل الحياة النقدية والبنكيّة بين الشريحة العامة من الناس وبالأخص الفلاحين وسكان المناطق الهامشية من الحياة، وتسليط الضوء على مدى الحاجة التي تولدت نتيجة تأخر صرف تلك المعونة مقارنة مع البرودة.

فالظروف المعيشية للجزيرة ساهمت أكثر في تزايد المزاحمة وإطالة الطوابير, آملين من ورقة الخمسة آلاف أن تحول بينهم وبين الكريب والسعال والبرودة القارسة التي شهدتها الجزيرة وسورية عموماً في شتاء هذا العام.
  المواطن ولغته الحديثة المدعومة بتخاطب من مستوى معين, مرتبط أصلاً بالسيولة والحراك النقدي الذي تفتقده الأرياف عموماً.

فما بال مدن الريف الأكثر ريفية أيضاً في المواضيع المالية والمصرفية!؟
 لغة جديدة كسبها الناس ومصطلح مغاير لما ألفوه سابقاً.

والسؤال الأكثر أهمية: إلى أي مدى نستطيع تحسين حياة المواطن بعيداً عن اللغة فقط، لتصبح هذه الأمور النقدية وتقديم الدعم والشيكات من بديهياته ومتماشية مع ظروفه المجتمعية والحياتية عامة.
محمود عبدو عبدو

 جريدة النور 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…