تركيا وإيران والقرصنة على البثّ الفضائي المخالف

اسطنبول – هوشنك أوسي

على اختلاف طبيعة النظامين الحاكمين في طهران وأنقرة، من حيث التوجّه الإسلامي، مذهبيّاً، وهامش الانفتاح على حريّة الإعلام والتعدديّة السياسيَّة، وتضارب المواقف والمصالح السياسية بين البلدين، إلا أن ثمة ما يتفق عليه النظامان، في ما يتعلَّق بالتعاون والتنسيق الديبلوماسي والسياسي والعسكري والأمني المشترك بالضد من القضية الكردية وتهديداتها.

ولقد تطوَّر هذا التنسيق، ليصل إلى المواجهة المشتركة لبثّ قناة «روج تي في» الكرديَّة، ومقرُّها بروكسل.

ولأكثر من أسبوعين، وتركيا وإيران، ترسلان إشارات تشويش على بثّ الفضائيَّة الكرديَّة في مسعى لعرقلته.

ما أجبر إدارة قناة «روج تي في» على إصدار بيان، جاء فيه: «منذ فترة، وتركيا وإيران، تقصفان بثّنا، بإشارات التشويش المعرقلة.

ونتيجة هذا الإرهاب، توقّفنا عن البثّ في يوم 3/2/2010  لفترة.

ولم يتوّقف هجوم الدولتين علينا.
 إننا نعتبر هذا جزءاً من المخطط الذي يستهدف الشعب الكردي ونضاله التحرري، في الآونة الأخيرة.

إنّ إشارات البثّ المشوّش والمعرقل، ضدّ فضائيتنا، وضدّ بثّ الزميلة «نوروز تي في»، الهدف منه، أن يبقى الناس محرومين من الخبر الموثوق حيال جرائم النظامين ضدّ الشعب الكردي والفارسي والعربي في ايران وتركيا».

وناشدت إدارة «روج تي في» في بيانها السالف، الدنمارك (مانحة ترخيص بثّ «روج تي في»)، والاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي، التعاطي مع هذا الأمر، بكامل المسؤوليَّة والحرص والحساسيَّة، بعيداً من التجاهل أو التغافل.

كما ناشد البيان السالف، كل المؤسسات المعنيَّة بحريَّة الإعلام والصحافة، بالدعم والتأييد، واستنكار المحاولات التركيَّة – الإيرانيَّة بهذا الخصوص.

هذا وكانت كل من «بي بي سي»، «دي فيريلدومرويب»، «دوتشه فيليه»، وإذاعة «صوت أميركا»، قد أصدرت بياناً مشتركاً، أشارت فيه إلى أن بثّها يتعرَّض للتشويش والمنع، من قبل النظام الإيراني.

ولفت البيان الى أن الحكومة الإيرانيَّة، ومع احتفالاتها بمرور 31 سنة على قيام «الثورة الإسلاميَّة»، قامت بهذه المحاولات.

والجدير بالذكر، أن الحملات الإيرانيَّة لحجب قلاقل الداخل الإيراني عن الإعلام الخارجي، قد ازدادت شراسة، عقب الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسيّة في إيران، وما تلتها من اشتباكات بين المحافظين والإصلاحيين، التي جوبهت بقمع وحشي من قبل الحرس الثوري وقوى الأمن والاستخبارات الإيرانيّة للمظاهرات والاحتجاجات المعارضة.

وكذا الحال في تركيا، لجهة كشف الإعلام الكرديّ، بالصور والوثائق، اعتداءات الجيش وقوى الأمن التركيَّة على المدنيين الأكراد، أثناء احتجاجاتهم السلميَّة، التي غالباً مع تتحوّل الى اشتباكات داميَّة، بفعل دخول الدبابة والمدرّعة والمصفحة التركيّة ميدان الاحتجاج، ناهيك عن حشود قوى الأمن واستفزازاتهم للمتظاهرين الكرد.

هذه الصور، يتفادى الإعلامي العربيّ نشرها.

وإنْ نشرها، فعلى مضض، ومع جرعة من التحوير والتغيير، تفادياً لإزعاج الأتراك.


أيّاً يكن من أمر، فإنّ تقنيَّة التشويش وعرقلة البثّ الفضائي وحجب المواقع الإلكترونيَّة (كل المواقع الإلكترونيَّة للصحف والقنوات الكرديَّة، محجوبة في تركيا)، مكلفة جداً.

وعلى رغم ذلك التشويش والحجب، وتحوير الخبر وتزويره الذي يمتهنه بعضهم، لن يجدي ذلك نفعاً.

ولن يحول دون وصول الخبر، وبالصوت والصورة، للمُشاهد.

عن صحيفة الحياة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…