مناقشة الردود على مشروع «الحركة الوطنية الكردية» (2 – 2)

صلاح بدرالدين
  
  من أجل الفائدة العامة أرى من المناسب تسجيل ملاحظات أولية على بياني كل من ” المبادرة المطروحة باسم حزبين ” و ” المجلس السياسي المطروح باسم ثمانية أحزاب ” ومن ثم مناقشة التساؤلات والمقترحات فقط من دون حاجة الى اعادة التأكيد على ماورد من تأييد وتثمين للمشروع ومن ثم الانتقال الى تحديد القواسم المشتركة في جميع المداخلات .
   ملاحظات على بياني – المبادرة والمجلس –

  المجلس السياسي أو الاطار الرباعي والمرجعية ولجنة التنسيق والهيئة التمثيلية وغيرها تدور حول تقريب قيادات الاحزاب واتفاقها بغطاء ما من مستقلين على قواسم سياسية مشتركة حتى انها لاتتوقف كثيرا على موضوع تقارب القواعد اي دعوة – فوقية – ولا تتضمن برنامج استرتيجي قومي نضالي متكامل وهي بالنهاية تتركز على مبدا اصلاح ذات البين بين ما هو قائم من الهياكل الحزبية والغاء الفوارق بينها (وهي فوارق شكلية ليست أساسية نسبة الى الموقف السياسي من السلطة والحقوق الكردية ومستقبل سوريا)
كما أرى أن أي تناول لمسألة وحدة الحركة الكردية سيبقى محدودا وناقصا اذا لم يأخذ بعين الاعتبار التغير الذي طرأ على الخارطة السياسية والبنية الاجتماعية والشأن القومي عموما منذ هبة آذارالدفاعية المجيدة  لعام 2004 في حين ان مشروع – حوك – ينطلق من حقائق المتغيرات الدولية والاقليمية والمحلية ويتناسق ويتفاعل معها ويستند على ارادة الغالبية الشعبية من الوطنيين ودور معين ما للجماعات الحزبية.
رغم ما ذكرناه فان تحقيق تلك التمنيات بتفاهمات الأحزاب وتوحيد صفوفها خطوة ايجابية تسهل تطبيق مشروعنا الذي يعتبر مجموع الاحزاب والمنظمات القائمة جزء من المشروع وليس كله قد يشكل 40 % في أقصى الحالات  واذا تقاربت وشكلت مركزا واحدا ستزيل عقبات عن طريق مشاركتها بفاعلية لذلك من دواعي السرور أن تتفق الأحزاب التي باتت تتجاوز العشرة خاصة بعد انتفاء التمايزات الجوهرية في المواقف العامة بينها الى درجة امكانية اصطفافها في تنظيم واحد ليتحقق الفرز وحينها يمكن توصيف الحركة القومية الديموقراطية الكردية في سوريا بجناحين : الأحزاب من جهة وباقي فئات الشعب الكردي من الوطنيين المستقلين (بمعنى اللامنتمين الى المنظمات) وبينها المثقفون من النساء والرجال والشباب وجيل الهبة الآذارية الدفاعية ( 2004 ) والبورجوازية الحديثة من أصحاب المشاريع الانتاجية المجدية والطبقات الوسطى المدينية أو الآتية من الريف والمبدعون من الفنانين والكتاب والأدباء والمناضلون من الرواد والكوادر المخيبة آمالهم والفئة الناشطة اعلاميا من المشرفين على المواقع الألكترونية الجادة أو المثابرة على الكتابة في الثقافة والسياسة والفكر ومنتسبوا منظمات المجتمع المدني وخاصة المعنية بحقوق الانسان قد تنعكس عملية توحد الأحزاب  هذه ايجابا على فرص تحقيق برنامجنا الوطني في المصالحة واعادة بناء الحركة الكردية الذي نسعى الى انجازها واذا ما تشكلت هيئة حزبوية موحدة ذات برنامج وآليات تنظيمية تحت أي مسمى كان ستسهل مهامنا الوحدوية خاصة عندما تتحقق الخطوة الأصعب من المصالحة بين المختلفين ادراكا منا أن الكرد كشعب متماسك ومتحاب ومصيره مشترك والعلة في علاقات الأحزاب التصارعية العدائية التخوينية والثقة المفقودة بينها وكذلك بينها مجتمعة من جهة وجماهير الشعب الكردي من الجهة الأخرى وتوحدها هو الطريق الوحيد الى اعادة الثقة وحينذاك سنطالب الأحزاب – المتصالحة المتوحدة – بموقف جماعي واضح من مشروعنا وسيكون لها دور – اذا أرادت – في عملية بناء الجديد  ..تلك البيانات الصادرة من الفريقين لايمكن اعتبارها مشاريع متكاملة واضحة المعالم بل تمنيات ودعوات لاصلاح وترشيد ماهو قائم اما ما طرحناه فهو مشروع قومي استراتيجي لاينطلق من الاحزاب باعتبارها الممثل الشرعي الأوحد بل كونها جزءا من الحركة ويستند الى الجسم الشعبي الاوسع والحركة القومية بكل مكوناتها وطبقاتها وفئاتها لاكما قام البعض بتقييم مشروعنا خطأ قبل مدة باعتباره الأحزاب لبنة أساسية وحيدة في البناء المنشود في حين أن – حوك – سيكون بديلا لما هو قائم من اسماء ومسميات .
  حوك –  يحمل المشروع الوطني القومي بكل جوانبه ومضامينه ( فكرية – سياسية – برنامجية – تنظيمية ) بتوجه واضح وصريح بخصوص الأرض والشعب والحقوق والتغيير الديموقراطي والشراكة الكردية العربية والمواطنة الحقة والمستقبل (وهي عناصر الخلاف والاختلاف والأزمة البنيوية) وهو كاف الآن ويمنح الأولوية كخطوة أولى للجانب التنظيمي العملي الاجرائي بداية لتأمين الشرعية القومية الشعبية ومن ثم الانطلاق منها نحو صياغة واقرار البرنامج السياسي الشامل والانخراط في الجانب النضالي العملي بعد التسلح بالفكر والموقف والقيادة الشرعية الجماعية الديموقراطية النابعة من الارادة الشعبية التي لايعلو عليها شيئا .


   من أجل المزيد من الوضوح وتجنبا لتفسيرات خاطئة من هنا وهناك لابد من اعادة تعريفنا لقطاع المستقلين أو اللاحزبيين الوارد في مشروعنا حيث مازال مثار تساؤلات فهم الغالبية العظمى من عناصر الحركة القومية الديموقراطية الكردية المتوزعة بين جميع الطبقات ومن بينها تعبيرات الراسمالية الوطنية والفئات الاجتماعية تتصدرها فئات الشباب من الجنسين وتشكل فيها فاعليات وحركات المجتمع المدني الناهضة موقع الصدارة (الكتاب والمثقفون من طلاب وناشطات في مجال الثقافة والفنون وجمعيات حقوق الانسان والمنتمون الى النقابات المهنية والمؤسسات الانتاجية غير الحكومية والاعلامييون وبخاصة الذين يديرون المواقع الألكترونية وذوو المهن الحرة) وهي وبالرغم من بدايات ظهورها المنظم سيكون لها شأن في مستقبل شعبنا وبلادنا وفي هذا المجال يجب القول بأن مسار الحدث التركي – الكردي مؤخرا باتجاه البحث عن الحل – المدني – للقضية القومية في كردستان تركيا قد عزز قناعاتنا أكثر حول جدوى مشروعنا وقيمته وتوافقه مع الظروف الداخلية وآفاقها المرتقبة ومع المستجدات المحيطة الكردستانية منها والاقليمية وامكانية تحقيقه على الصعيد العملي وأدعو مثقفينا الى متابعة مقالتي الموسومة – قراءة في التحولات التركية الكردية – ومناقشة مضمونها ذي الصلة بالمعاني الفكرية والثقافية .


  من أبرز الملاحظات التي يمكن سوقها حول ” وثيقة مبادىء وبيان المجلس ” الصادران عن أحزاب مجموعتي – المبادرة والمجلس – أن الطرفين حسما أمريهما وحررا نفسيهما من الالتزام  بتلقي أية اعتراضات أو مطالبة بالتعديل واعادة النظر عندما طرحا مالديهما بصيغة قرارارات – على الطريقة الحزبوية –  وليس مشاريع مطروحة على الساحة لمزيد من النقاش  من جهة أخرى ليس هناك تمايز يذكر بين التوجهين من حيث الدعوة الى تحقيق ممثلية – مرجعية سياسية – تلاقي جهود الافراد والتنظيمات السياسية واعتراف بوجود ازمة بالحركة دون بيان اوجهها واسبابها الرئيسية والقيام بدور الوصي على الشعب وفرض نسبة 50% أو أكثر من ممثلي الاحزاب على اللجنة التحضيرية اذا قامت واشراك المستقلين لاحظ كلمة اشراك وقد بلغ الأمر بأصحاب المبادرة الى– تحديد المدة الأقصى بسبعة اشهر لانعقاد المؤتمر الوطني من دون اشتراط موافقة الآخرين – وضع شروط تعسفية لمشاركة الآخرين مثل 1 – اقرار ضرورة عقد هكذا مؤتمر  2 – وينطلق في برنامجه السياسي و سياساته من الارضية الوطنية السورية (وهل هناك من ينطلق من أرضية أخرى ومن هم ؟ اليس ذلك تشكيكا بالوطنيين والمواطنين الكرد وتأليب السلطة عليهم وما هو تعريف الارضية الوطنية السورية ؟) ، 3 –  لا يتعارض مع مبادئ اعلان دمشق (وهذا الاشتراط  امر خطير ومذل ويدعو الى القلق وجاء بناء على رغبة جهات معروفة مما يضفي الريبة على الرؤية من أولها  خاصة وان الاعلان ليس تنظيما كرديا بل تحالفا واسعا وموقفه فضفاض من القضية الكردية ومثير للجدل يخضع لتوافق المتناقضات في الحدود الدنيا واذا كان الاعلان مرجعية ملزمة لعضوية المؤتمر فلماذا عناء عقد المؤتمر والدعوة لمرجعية جديدة ؟ .

– خلو الرؤية من اي تحديد لتمثيل المرأة والشباب –والطرحان لايبدوان كمشروع وثيقة قومية ديموقراطية كردية لتوحيد الحركة ولايحملان اي برنامج سياسي ولا آليات جماعية خارج المجموعتين – لايمكن مقارنتهما من حيث التمثيل المجتمعي والأفق الثقافي والمضمون السياسي والبعد القومي بالمؤتمر الوطني عام 1970 بكردستان العراق , وهو أقل بكثير من صيغ – التحالف – والجبهة – ولجنة التنسيق – التي ولدت ميتة –  وهما ليستا الامشهدا مملا مكررا ظهر من جهة تحت ضغط الجماهير الكردية والوطنيين ومن جهة اخرى محاولة لعرقلة المسيرة الحقيقة لارادة تحقيق المشروع الوطني وقفزة خائبة باتجاه نشر لجم الاندفاع الشعبي نحو اعادة بناء حركته من جديد وفي جانبه الأخطر ارجاع الأمور الى دائرة الصفر والارتهان الى رغبات الآخرين.


   مناقشة بعض الردود والمداخلات

  يبدو أن ما سجل من ردود من جانب ممثلي (المبادرة والمجلس) هو من باب المجاملات فبعد مرور هذه المدة على اعلانهما لم تظهر لجنة تحضيرية ممثلة لجميع الأطياف والقطاعات ولم يجري أي نقاش حول الآليات والادارة والتنفيذ في اطار التكامل البرنامجي للوصول الى الهدف المعلن كما يجب التأكيد مرة أخرى على أن مشروع – حوك –  يرمي الى ايجاد بديل تنظيمي ومركز سياسي ومرجعية قومية شرعية وبرنامج شامل ومدروس في اطار المشروع القومي – الوطني العام للوصول لاحقا الى حركة سياسية قوية ناشطة ومحاور يستمد قوته من الجماهير حاملا مسؤليته التاريخية للحلول محل التشرذمات الراهنة مالئا الفراغ الناشىء من الانقسامات وغياب البرنامج النضالي والقيادة المؤهلة والاستراتيجية والتكتيك السليمين مقابل من يرغب في الابقاء على القديم المترهل وترقيع العورات عبر احياء هياكل جديدة – قديمة بأسماء بديلة من نفس المجموعات التي كانت ومازالت جزءا من الأزمة وليس الحل.


   أجمعت المداخلات المنشورة من جانب النخب الثقافية والسياسية من مستقلين وبعض الحزبيين  على وجود أزمة عميقة في الحركة الكردية يجب معالجتها وعجزقيادات الأحزاب عن القيام بما هو مطلوب لأنها المشكلة وليست الحل وتركزت غالبية الردود على مخاوف اعتراض قيادات الاحزاب الكردية على المشروع وآليات وسبل تنفيذه والصعوبات العملية في طريقه الى درجة اعتقد البعض باستحالة تطبيق المشروع لأن الأحزاب ستقوم بعرقلة تقدمه واتفق الجميع بوجود أزمة حقيقية لابد من التصدي لها عبر جميع المبادرات المطروحة وتميز طرح البعض باعتبار المقترحات المطروحة غير متكاملة وارتجالية اقرب الى الدعاية الحزبوية مقيما مشروعنا خطأ مرة أخرى بالارتهان الى موافقة – قيادات – الأحزاب وبالاجرائي قبل السياسي مغاليا في – شخصنة – قضية مصيرية تتعلق بثلاثة ملايين مبديا جملة ملاحظات وتساؤلات بعضها وجيه ومن خلال متابعتي شعرت بضرورة قيام بعض هؤلاء باعادة قراءة المشروع بامعان.
    ما لفت نظري تنبؤ البعض بصعوبة نجاح المشروع لأن صاحبه عير متواجد في الساحة وأنا أتساءل بدوري : هل ان اعتناق الأفكار والثقافات والبرامج الوطنية منذ فجر التاريخ وظهور حركات الشعوب التحررية والثورية والديموقراطية يقتضي تواجد أصحابها الذين رحل معظمهم منذ عقود وقرون وهل الأمر يتعلق بمشروع استثماري أو ورشة عمل حتى يشرف عليه صاحب رأس المال ؟ من جهة أخرى هل يفتقد ثلاثة ملايين من أبناء شعبنا الى مناضلين وناشطين ؟ مشروع – حوك – عنوان المرحلة وسبيل الخلاص انه المشروع الوطني بعينه وهو عصارة تجربة مايقارب القرن بني على ماقدمه الرواد الأوائل وعلى تضحيات جماهيرنا ونخبها الثقافية والسياسية الكفيلة الآن برعايته ومده بطاقة الاستمرارية والنجاح عاجلا أم آجلا بعيدا عن شخصنة القضية الكردية وحركتها والقوة التنفيذية للمشروع تكمن أولا بصحته وسلامة تحليله وشفافيته وتوقيته المناسب وتعبيره عن آمال ومطامح غالبية شعبنا وبالتالي استحواذه على ثقة وحماية شعبنا ونخبه الواعية على وجه الخصوص مع معرفتنا التامة بأنه غير مسموح له من جانب أكثر من جهة بأن يرى النور بالقريب العاجل وفي هذا المجال لسنا في عجلة من أمرنا بل أن أهمية الموضوع الاستراتيجية المصيرية تقضي بضرورة التوسع والتعمق في المناقشات الى أجل غير مسمى وحتى تتوفر شروط وأسباب التحقيق الذاتية والموضوعية الداخلية والخارجية  .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…