اليابان اعتذرت وسحبت.. ماذا عنا نحن المثقفين والسياسيين الكرد؟؟

عمر كوجري

منذ بداية الشهر الحالي وحديث تقارير الفضائيات، ومراسلي الصحف ووكالات الأنباء يدور حول قرار شركة تويوتا العملاقة والعريقة في صناعة أفضل السيارات من حيث الأمان ودقة الصناعة وانسيابية المظهر وروعة الشكل بسحب واستدعاء مايقارب ثمانية ملايين سيارة حول العالم بسبب مشاكل في دواسة البنزين أو عيوب” لاتذكر” في المكابح.

   وأوعزت الشركة لوكلائها في معظم أنحاء المعمورة بوجوب تسهيل سحب السيارات بسلاسة، لا بل أن الرئيس التنفيذي لتويوتا، أكيو تويودا، قدّم اعتذاراً رسمياً عن خلل تقني في سيارات الشركة في الولايات المتحدة وأوروبا، والشرق الأوسط، والقلق الذي تسبب به الإجراء لعملاء الشركة.

ومبيعاتها خلال العام الحالي.

وتويوتا اليابانية لمن لايعرف شركة متعددة الجنسيات كُبرى لصناعة السيارات، والآن المُصنع الأول للسيارات بالعالم،  ويعمل فيها مئات الآلاف من العمال والمهندسين.
بطبيعة الحال ليس موضوع المساهمة الراهنة إسهاب الحديث واستسهاله عن الشركة المذكورة، ولكن!!
ولكن ماذا عنا نحن المثقفين أو أدعياء الثقافة الكرد؟ ماذا عنا نحن السياسيين أو أدعياء السياسة الكرد؟؟
لماذا لانتحلى بثقافة الاعتذار من بعضنا على الأخطاء الفاحشة التي نرتكبها بحق بعضنا البعض؟! وكل فريق منا يتمترس في مجموعة، لنتراشق بالسباب وأقذع الكلمات لبعضنا، ونتحارب ونتخندق، ونصفق لفريقنا، ونعلن حربنا “غير المقدسة” لفريق الحارة الأخرى من قريتنا الغارقة في جهلها وبدائيتها؟
 لماذا يقرأ واحدنا مقالة من هنا وكتيباً تافهاً من هناك، فيودع التواضع وعطر السيرة، هل كتب علينا نحن معشر الكرد أن نمر مرور الكرام على تاريخنا الذي يستوجب علينا أن نتعمق فيه لنستخلص منه العبر والمآثر، ونقرأه بعيون ناقدة متبحرة لنتجاوز أخطاء زعمائنا وقواد حركاتنا وإخفاق انتفاضاتنا وثوراتنا، ونعرف سبب فشل معظمها إن لم يكن كلها!!
لماذا لم نكن نستطيع المحافظة على “بعض” مكتسباتنا الآنية التي كنا نهدر دماء المئات بل الآلاف من خيرة شبابنا لنخسر هذه الدماء – بقلوب غامضة وعقول مغلقة على آخرها عندما نجلس خلف طاولة الحوار مع أعدائنا لأننا لانعرف مصطلحاً اسمه “الدبلوماسية” والحنكة السياسية، لهذا عرفنا بأننا الحجل الذي يقع في الفخ ذاته للمرة المليون، فيضحك علينا الآخرون ..

الأشطر والأنبه للمرة المئة والألف دون أن يرفَّ لنا جفن، بل كنا نداوي صداع رؤوسنا الذي لم يسكت يوماً بأن نسارع إلى الجبل بعد كل إخفاقة، “يالشجاعتنا!!” وبعد ضحك على ذقوننا لهذه المرة أيضاً كالمرات السابقات، وتنتظر أمهاتنا بشغف وحيرة، وأحياناً بدموع عودة آبائنا من أعلى الجبل حتى يزرعوا في أرحامهن أولاداً جدداً..

ووقوداً جديداً لزوم صولاتنا وجولاتنا التي ماكانت تنتهي؟؟
لماذا لسنا شجعاناً إلا مع بني جلدتنا، وبإمكاننا أن نبقر بطون أعز أصدقائنا لأنهم أنتجوا وأثمروا، ونحن اجتهدنا في المضغ الفخم للبان الميوعة، وترخيص الذوات، وبيع النفيس من أجل تحقيق منافع رخيصة آنية تحقق لنا بعض البهجة الآنية؟؟
لماذا عندما يكتب واحدنا نصاً أو قصة أو مقالة، “يمشي على الأرض مرحاً”، وينفش ريشه كطاووس مريض، ويكره محيطه وأقرانه لأنهم صغار أمام عظمة كتاباته وإبداعاته، ولأنهم لايفهمون الهذيان الذي يهذي به، بل ويصدق نفسه أنه أصبح أهم كاتب على وجه البسيطة لاغياً بذلك كل الإرث الحضاري الخلاق لقامات إبداعية شامخة وسامقة في شتى ضروب المعرفة والعلم؟؟؟
اليابان الذي اقترن اسمها وتاريخ عظمتها بشركة سيارات تعتذر من عملائها” زبائنها”
ونحن لا “نعتذر عما فعلنا” بحق أنفسنا وحق الآخرين!!
القيادي أو الزعيم أو السكرتير في أحزابنا الكردية، يظل كابوساً على صدورنا، يدير أحزابنا كما يدير مزرعة للأبقار، ويعتبر كل مافي الحزب ملكاً وصكاً مدقوقاً باسمه، ولايقرأ أحياناً كثيرة “إن كان تحرر من أميته” غير صحيفة حزبه “العظيمة” دون أن يفكر حتى مجرد التفكير بالاعتذار من الشناعات التي ارتكبها، وهو على سدة “حكم ” الحزب، يقرّب هذا ويبعد ذاك، يرفع هذا، ويطرد ذاك، ويكثر من عدد الموالين الذين يرفعون أيديهم لسيادته حتى لو كانوا في المرحاض أو نياماً في سابع نومة دون أن تكون لقيادة حزبه حق محاسبته أو حتى مواجهته بفظاعة ما يفعله آناء الليل والنهار!!!
لماذا القيادي الكردي وحالما يصل إلى كرسيه يتشبث به إلى أبد الآبدين، ولايقيم وزناً لتداول “السلطة” أعني لتداول الكرسي، ولايعتذر لنفسه أولاً ولشعبه ورفاقه أنه يوماً كان يوبّخ رفاقه، ويفضح أعراضهم، بينما كان في زاوية مكتب مهمل ترتعد أوصاله، وهو ينظر إلى الدواليب المرصوصة، أو بعض “الشرطان” الكهربائية المتدلية من بطن الحائط المتسخ، ويحتاج لأن يبلع الموس كاملاً، ويستلطف أحدهم، ويرجوه ليتخلص من ضغط المثانة اللعينة.
لماذا نتفاخر بأننا شعب الحجل؟؟
إن كان الحجل رمز الغباء، والوقوع في الشرك ذاته، دون أن يحترس، وهو يرى أعزته وأحبابه يحترقون، وتنهرس أضلعهم من جبروت وشراسة الفخاخ التي لاترحم ذليل قوم لم يعرف العِزَّة يوماً، إن كان الحجل الذي وسمنا به كذلك فأنا من هذا الطائر بريء، حتى لو كان يبني عشه على حافة قلبي.
العمالقة يعتذرون..

أما نحن!!

لماذا؟ ولماذا؟؟ ولماذا ؟؟؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…