المشهد الكردي في الداخل السوري ؟

  حسن برو

كمن يريد أن يصطاد سمكة في شبك مقطوع …..الكلمات والمفردات متعددة بين فصائل الحركة الكردية في سورية فمن (حقوق ثقافية أجتماعية سياسية ..إلى الحكم الذاتي مروراً بالادارة الذاتية للمناطق الكردية) وقبل هذه و تلك في البرامج (القومية الكردية القومية الثانية في البلاد  أو الشريك الثاني أو له خصوصيته القومية  أو جزء من النسيج الوطني السوري) وهذه العبارة الأخيرة مرت مع الرئيس السوري بعد أحداث 12 آذار  في 2004 في مقابلة خاصة مع قناة الجزيرة  وباتت تلاقي الرواج في أي لقاء بين فضائل الحركة الكردية والمعارضة أو مع السلطة حتى باتت مفرد ة خاصة والوحيدة التي تتفق عليها (الحركة الكردية  والمعارضة والسلطة) ……
إذاً كيف يمكن رؤية المشهد السياسي الكردي في الداخل السوري ؟
للإجابة على ما سلف يمكن تقسيم المشهد إلى ثلاث جوانب:
1- الحركة الكردية (الواقع) تتنافر الحركة الكردية وتجتمع وفقاً للأزمات التي تمر بها سواء أكان على صعيد كل حزب على حدة أو صعيد (كل الحزبي) لتجتمع في إطار ما  وليس تسمية المجلس العام للتحالف أو المجلس السياسي الكردي المعلن عنه في الآونة الأخيرة (سيكونان الأخيران) وإنما يمكن القول بأن الأزمة الحقيقية للحركة الكردية هي التي جمعت الأحزاب في الأطر المذكورة أعلاه  وبما أننا نرجع تجمع الأحزاب إلى أزماتها  فأننا يمكن أن  نعطي عدة أمثلة عن واقعها المعاش فمثلاً في المؤتمرات الأخيرة  للأحزاب الكردية التي عقدت في الربع الأخير من عام 2009  جاءت على الشكل التالي (الديمقراطي التقدمي  لم يغير شيئاً  حسب بيان المؤتمر وبقى الحزب على ذات الخط (التمسك بالمجلس العام للتحالف – وإعلان دمشق – وعدم وجود تغيير في شخصيات القيادية فيه  ..) وهذا يعني بالتالي  بقاء الحزب للحفاظ على نفسه وعلى نهجه ومسألة التغيير  غير وارد في المرحلة المقبلة أما- المؤتمر الأخر هو لحزب يكيتي الكردي (وطرحه لمسألة الحكم الذاتي لكردستان سوريا – وانفلات الأزمة من عقالها بين المؤتمرين حسب البيانات الصادرة –وظهور اسم الحزب باسم حزبين (يكيتي الكردي –ويكيتي الكردستاني) واعتقال بعض قياديه (حسن صالح ومحمد مصطفى ومعروف ملا) .
حركة الوفاق الذي عقد مؤتمره في إقليم كردستان تعرض لتصدع في قيادته ليظهر الحزب بـ(حركة الوفاق الديمقراطية) ولكن (بين منسقه العام فوزي شنكالي –  والمنسق الأخر وحاجي عفرين) وتظهر الاتهامات بين الجناحين.
-أما الأحزاب الأخرى فتبقى تعاني من أزمة في اتجاهين –الأول (تنظيمي : من خلال بقاء غالبية القيادات القديمة على رأس القائمة) –والثاني (سياسي : أ – التركيز على الذات الكردية والنظر إلى الآخرين والمكونات السورية الأخرى من خلال المسألة الكردية المطروحة في سورية والتمسك بالقومية الكردية في ذات الاتجاه والمراهنة عليه ب- الاعتماد على البعد الوطني للداخل السورية على أساس أن القضية الكردية جزء من القضية الوطنية وهي قضية ديمقراطية بامتياز ولكن هذا الاتجاه يأتي على حساب الذات الكردية ولا تلقى الحماس العاطفي من غالبية القواعد الجديدة المنتسبة إليها ” وبالتالي تطرح نقاشات وهي مدى ارتباط الحركة الكردية في سورية مع الأحزاب الكردية الأخرى الشقيقة في أجزاء كردستان.
أي أن الأحزاب الموجودة في الساحة الكردية غير متجانسة في حالتها التنظيمية والسياسية  وهو ما يظهر بخاصة في مسألة الانشقاقات والوحدات اللاحقة فمن هرب وانشق  من حزبه يلتقي معه في إطار (تحالف أو مجلس سياسي أو مجلس العام) …..السؤال كيف لايمكن تحمل هذه القيادات لبعضها البعض في إطار حزب واحد …ويتحملون بعضهم في أطر ومسميات أخرى وهم نفس الأشخاص .
2-الحركة الكردية وواقع التعامل مع القوى والأحزاب الوطنية :  لابد من القول أن أول اتصال بعد انقطاع دام لثلاثون عاماً مع الأحزاب والقوى الوطنية أ ي من ( 1962- 1992) كان بشكل كبير في داخل السجون والمعتقلات السورية بعد أن قامت القيادة المشتركة  للأحزاب الثلاثة (حزب الموحد – اتحاد الشعبي – الشغيلة) بلصق بيان بمناسبة مرور (30) عاماً على ذكرى الإحصاء الاستثنائي الذي جرد بموجبه آلاف الأكراد من الجنسية السورية – فتعرف الأكراد حينها على وجود معارضة سورية داخل السجون وباتت هناك قنوات اتصال بدأت من داخل السجن واستمرت إلى أن تأسست لجنة التنسيق الوطنية قبل الإعلان عن (إعلان دمشق)، حيث لم يكن الأكراد قبل ذلك في أجندتهم سوى المطالبة بالحقوق الكردية  من السلطة السورية فقط بمعزل عن حقوق باقي الشعب السوري ، بالإضافة إلى ربط الكثير من الأحزاب الكردية من الداخل السوري بعجلة الأحزاب الكردستانية (اتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني  العراقيان – وحزب العمال الكردستاني التركي) حيث كان لثلاثتهم أجندة ومصالح سياسية مع السلطات السورية ،وهي ماقيدت حركة الحركة الكردية باتجاه التحرك نحو (الداخل السوري المعارض أو الموالي للسلطة)، وبذلك اتخذت مواقف خاطئة  من قبل الأحزاب الوطنية الموجودة على الساحة السورية بأن الحركة الكردية هي حركة انفصالية، بسبب ما كانت تروجه السلطة في تجاه الحركة ،وعدم تعرف باقي الأحزاب الوطنية على الحركة الكردية في سورية وإنما كانت تتعرف على الأحزاب الكردية من خلال (زعامات تقليدية في العراق وتركيا فقط) دون أن تعرف بأن الحركة الكردية بات لها رؤية خاصة بها بمعزل عن الأحزاب الكردستانية الأخرى بعد عام 1962  تقريباً – وفي هذا تتحمل القيادة الكردية السورية الوزر الأكبر في عدم مقدرتها في التحرك باتجاه الداخل الوطني الذي كان بحاجة إلى تفهم للقضية الكردية مطالب الأكراد –ويمكن لنا أن نقول بأنه وخلال ثلاثون عاماً وأكثر لم يصدر بيان مشترك من قبل الحركة الكردية مع الأحزاب السورية الأخرى بشأن القضايا الوطنية التي تهم المواطن السوري بشكل عام (العربي أو الكردي) على حد سواء.

 
3- الحركة الكردية المأمول منها: يمكن أجمال المأمول منها وبحسب أراء تم جمعها من القواعد وبعض المواطنين الكرد : أ- إنهاء الصراعات الحزبية والتي تظهر في الشارع الكردي بشكل سلبي تسيء إلى الأحزاب وأعضائها وحتى مناضليها الذين اعتقلوا دفاعاً عن القضية الكردية .
ب- الاجتماع في إطار واحد بصرف النظر عن التسمية  (مؤتمر أو مجلس أو …..) والظهور أمام القوى الوطنية الأخرى سواء أكانت أحزاب المعارضة أو الجبهة الوطنية التقدمية ككتلة واحدة تمثل الأكراد .
ج – مشاركة الفعاليات الكردية الأخرى (عشائرية و مهنية ووجوه اجتماعية) في الحالة السياسية الكردية السورية باعتبار السياسة (ليست حكراً على الأحزاب فقط).
د- مشاركة منظمات المجتمع الوطني وحقوق الإنسان الكردية في الإطار الموجود أو المطروح .
هـ- من كل ماسلف يمكن انتخاب أمانة عامة تمثل الحركة وفعالياتها المذكورة للتفاوض مع القوى الموجودة على الساحة السورية العامة وبناء علاقات أخوة مع الأحزاب الكردية خارج سورية في إطار احترام خصوصية الشعب الكردي فيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية
و- إبعاد كل من كان له يد شق وحدة حزب ما عن الحوارات المشتركة التي تجري بين الأحزاب الكردية ، لأن غالبيتهم يأتي من مواقف مسبقة للحوار وبالتالي لا يمكن التوصل لاتفاق ما.

وهنا يمكن أن نقول بان بان الحركة الكردية يمكن لها أن ترقع شبكتها المقطوعة لاصطياد ما يمكنه من حقوق أو مطالب الشعب الكردي في سوريا .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…