عمر كوجري
ساهم المثقفون الكرد في تأسيس أول تنظيم سياسي على الساحة النضالية لكرد سورية منذ منتصف القرن الماضي، ولعبوا دوراً جلياً في بلورة الأفكار القومية والمطالب والآمال التاريخية المشروعة لشعبهم، وانحازوا لقراءة الواقع السوري العام بعيون واعية واستطاعوا أن يضعوا الحجر الأساس في لبنة بيت الحركة الوطنية الكردية.
ساهم المثقفون الكرد في تأسيس أول تنظيم سياسي على الساحة النضالية لكرد سورية منذ منتصف القرن الماضي، ولعبوا دوراً جلياً في بلورة الأفكار القومية والمطالب والآمال التاريخية المشروعة لشعبهم، وانحازوا لقراءة الواقع السوري العام بعيون واعية واستطاعوا أن يضعوا الحجر الأساس في لبنة بيت الحركة الوطنية الكردية.
غير أن المثقف الكردي – لسنا بصدد عرض الأسماء- وهو في لجة نضاله وعطائه وتسخير ثقافته لقضيته القومية، وللوليد السياسي الجديد لاقى غبناً بحقه، وتضييقاً عليه من جانب الفئات” المتضررة من وجوده” من جمهور القياديين الأميين الذين شاءت الظروف أن يكونوا قياديين في مرحلة اتسمت بالمخاض القومي وبلورة النظم والأفكار التي اجتاحت العالم بعيد الحرب الكونية الثانية، وحتى أواخر تسعينيات القرن الماضي.
هذا الاغتراب أخذ منحى إشكالية علاقة المثقف الحزبي بالسياسي الذي يتحرك ضمن إطار ثابت غير متفاعل، يبدو عليه الترهُّل ومصاب بمرض الفوات التاريخي، ومنشد للشعارات الجاهزة والمعلبة، والترويج لأطروحات محددة ومعدة مسبقاً، والسير في دوائر موصدة كلياً تخنق الخيال وتغتال الإبداع، ويرى أن أي تطوير في بنيان تنظيمه السياسي قد يعرِّض موقعه للاهتزاز ، وبالتالي فقد يفقد كرسيه الذي أهدته إياه ظروف غير طبيعية، في حين أن المثقف الذي دخل بوابة السياسة يملك بالإضافة للانخراط في العمل التنظيمي حساً ثقافياً ومشروعاً تنويرياً يدافع عنه، ويتطلع السياسي حينئذ ليكون المثقف تابعاً أو ظلاً له، يحرّكه كيفما يشاء، و”يفرمل” و”يجمد” تحركه أنَّى شاء، والويل والثبور لكل مخالف يأنف حياة القطيع ضمن التنظيم الحزبي، ولعل هذا ماأدى إلى ترك المثقفين ميدان أحزابهم للساسة الأميين، وخلت تقريباً أحزابنا من المثقفين الحقيقيين.
أما المثقف الكردي ومنذ انخراطه بالعمل السياسي عنى، واهتم بالكشف، والخلق والإبداع، وتطلَّع لتغيير المجتمع والنهوض به، فهو دائماً في حالة من الجدل والحوار, يفكك نظام العلاقات، ويعيد ترتيبها من جديد وفق رؤية مجدّدة تتناسب وحركة الواقع، وهو لا يخضع في خلقه الإبداعي لصيغة أو معادلة ثابتة، وفي هذا الوضع يعيش حالة من الاغتراب الروحي التي قد تدمّر ملكة التقدم على المستوى الإبداعي لديه، ويشعر أنه محاصر من قبل رفاق كانوا حتى الأمس يرفعون من شأنه، ويهللون له، عندما كان خارج التنظيم، وحينما دخل انقلبت الموازين، وصار القيادي يحنق على المثقف، ويدبر له الدسائس والمكائد ليطفشه، ويكفره ” برب السياسة والحزب”
بين يدينا مثال ناصع على محنة المثقف الكردي بل مأساته التي تشبه في بعض دواخلها مأساة شهيد الكلمة الحرة ” منصورالحلاج” الذي صلب حياً، داخل التنظيم الكردي.
يقول البيان المقتضب جداً من ” اللجنة المركزية” للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية إنه لم يعد للسيد فيصل يوسف (عضو اللجنة المركزية ، سابقا) ، أية علاقة مع حزبنا”
هكذا وبكل بساطة، وبجرة قلم، يشطب على نضالات وتضحيات ومساهمات مثقف وسياسي مُحنَّك من طراز الأستاذ فيصل يوسف، هذا المثقف الألمعي الذي التقيت مرات عديدة، وفي كل مرة كنت أزداد إعجاباً بثقافته، وتبحره في مختلف العلوم والمعارف، وتحليله السياسي الصائب، بل حسدت قيادة حزبه على طاقاته الخلاقة، وكنا في نقاشاتنا نستثني يوسف وأمثاله القليلين من خانات قياديي حركتنا الكردية الأميين الذين لا يضعون مسألة التثقيف الذاتي في حسبانهم بالمطلق طالما بقوا متشبثين بكراسيهم، ومواقعهم ” المتلألئة” بل أن معظمهم لا يطلع حتى على محتويات جريدة حزبه” إن صحت تسميتها بالجريدة” لكنهم ماهرون في حبك الدسائس والمؤامرات بحقِّ من يرونه خطراً عليهم!!
في هذا المقام أعتبر من موقعي كمشتغل في حقل الثقافة عموماً، ويحرص ألا تتفرّخَ الأحزابُ الكردية أكثر ممَّا هي مفرَّخة، ومن كوني أمقت حالات الانشقاقات التي أضرت بعموم الشعب الكردي في سورية، والذي ولَّى ظهرَه لأحزابه، وابتعد عن تناحراتها وحروبها” التافهة” غالباً مع بعضها ونسيان أو تناسي الهدف الحقيقي الذي من أجله تأسَّستْ..
من هذا الموقع أرى أن قرار قيادة الحزب التقدمي كيدي ومستعجل، ولا يخدم مسيرة الحزب بل يضرُّ بها، ويشرذم الحركة، ويرسخ حالة اليأس والتيئيس التي وصلنا إليها، ويكرّس مقولة أن الأحزاب تتخلص تباعاً من خيرة مثقفيها، وتتبرأ من نضالاتهم، وهذا وبالطبع يزيد من نقمة الجماهير الكردية على أحزابها، ويزيدها تخبطاً، وفقداناً لبوصلة النضال الحقيقية.
إن الصيغة التي كتب بها البيان المقتضب جداً، لاعلاقة لها بالروح الرفاقية والديمقراطية التي ننشدها جميعاً بالكلام لا بالفعل، ويبدو من خلال كلمة” سابقا” أن الحزب التقدمي قد حسم أمره، ونسف تاريخ الصديق يوسف على مقصلة الفصل النهائي دون وجه حق، فالبيان لم يقل إن اللجنة المركزية اجتمعت بكامل أعضائها أو بأغلبية أعضائها ، وقررت بالإجماع أو بالأغلبية فصل السيد يوسف من الحزب لأنه ارتكب كذا وكذا، وخالف خط الحزب، واخترق الأطر التنظيمية، واتصل مع (…) أو شكل تكتلات انشقاقية، وألَّبَ الرفاق على حزبهم، وأي كلام من هذا القبيل!!!
وإذا أخذنا مظلمة الصديق فيصل الذي دعا إلى” إصلاح وتقدم الحزب وفق أسس تعتمد المؤسساتية والموضوعية والشفافية لتكشف عن كل ممارسات السكرتير العشائرية والمخلة بالحياة الحزبية خلال السنوات التي مضت، وانطلق من خلال شرعيته وثقة رفاقه به”
إذا وضعنا مظلمته جانباً أقول: لابد للحزب الديمقراطي التقدمي أن يبحث عن نفسه أولاً، ويحدد موقعه بدقة، ويجدر بقيادة الحزب أن تعي بأن هذا القرار يلحق الضرر الأكيد بحزبهم، وبالتالي حلُّ المشاكل مهما كانت عالقة بروح رفاقية، ونبذ الانتقام والأحقاد المريضة، ورغم إنني أحترم قناعات وآراء مؤتمري التقدمي مؤخراً بإعادة انتخاب الأستاذ حميد درويش سكرتيراً للمرة (… ) وانتقد كل حزب يعيد انتخاب قيادييه وأمنائه العامين أكثر من دورتين على أبعد حد، وأرى أن من حق الناس الغلابة من أمثالي أن تسأل، وتتساءل: هل منصب السكرتاريا أو الأمانة العامة أو القيادة أو… مُطوّبة لسياسيينا الكرد إلى ماشاء الله!!؟؟ أو يتكفل عزرائيل بأخذ الأمانة من صاحبها إلى باريها.
أما المثقف الكردي ومنذ انخراطه بالعمل السياسي عنى، واهتم بالكشف، والخلق والإبداع، وتطلَّع لتغيير المجتمع والنهوض به، فهو دائماً في حالة من الجدل والحوار, يفكك نظام العلاقات، ويعيد ترتيبها من جديد وفق رؤية مجدّدة تتناسب وحركة الواقع، وهو لا يخضع في خلقه الإبداعي لصيغة أو معادلة ثابتة، وفي هذا الوضع يعيش حالة من الاغتراب الروحي التي قد تدمّر ملكة التقدم على المستوى الإبداعي لديه، ويشعر أنه محاصر من قبل رفاق كانوا حتى الأمس يرفعون من شأنه، ويهللون له، عندما كان خارج التنظيم، وحينما دخل انقلبت الموازين، وصار القيادي يحنق على المثقف، ويدبر له الدسائس والمكائد ليطفشه، ويكفره ” برب السياسة والحزب”
بين يدينا مثال ناصع على محنة المثقف الكردي بل مأساته التي تشبه في بعض دواخلها مأساة شهيد الكلمة الحرة ” منصورالحلاج” الذي صلب حياً، داخل التنظيم الكردي.
يقول البيان المقتضب جداً من ” اللجنة المركزية” للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية إنه لم يعد للسيد فيصل يوسف (عضو اللجنة المركزية ، سابقا) ، أية علاقة مع حزبنا”
هكذا وبكل بساطة، وبجرة قلم، يشطب على نضالات وتضحيات ومساهمات مثقف وسياسي مُحنَّك من طراز الأستاذ فيصل يوسف، هذا المثقف الألمعي الذي التقيت مرات عديدة، وفي كل مرة كنت أزداد إعجاباً بثقافته، وتبحره في مختلف العلوم والمعارف، وتحليله السياسي الصائب، بل حسدت قيادة حزبه على طاقاته الخلاقة، وكنا في نقاشاتنا نستثني يوسف وأمثاله القليلين من خانات قياديي حركتنا الكردية الأميين الذين لا يضعون مسألة التثقيف الذاتي في حسبانهم بالمطلق طالما بقوا متشبثين بكراسيهم، ومواقعهم ” المتلألئة” بل أن معظمهم لا يطلع حتى على محتويات جريدة حزبه” إن صحت تسميتها بالجريدة” لكنهم ماهرون في حبك الدسائس والمؤامرات بحقِّ من يرونه خطراً عليهم!!
في هذا المقام أعتبر من موقعي كمشتغل في حقل الثقافة عموماً، ويحرص ألا تتفرّخَ الأحزابُ الكردية أكثر ممَّا هي مفرَّخة، ومن كوني أمقت حالات الانشقاقات التي أضرت بعموم الشعب الكردي في سورية، والذي ولَّى ظهرَه لأحزابه، وابتعد عن تناحراتها وحروبها” التافهة” غالباً مع بعضها ونسيان أو تناسي الهدف الحقيقي الذي من أجله تأسَّستْ..
من هذا الموقع أرى أن قرار قيادة الحزب التقدمي كيدي ومستعجل، ولا يخدم مسيرة الحزب بل يضرُّ بها، ويشرذم الحركة، ويرسخ حالة اليأس والتيئيس التي وصلنا إليها، ويكرّس مقولة أن الأحزاب تتخلص تباعاً من خيرة مثقفيها، وتتبرأ من نضالاتهم، وهذا وبالطبع يزيد من نقمة الجماهير الكردية على أحزابها، ويزيدها تخبطاً، وفقداناً لبوصلة النضال الحقيقية.
إن الصيغة التي كتب بها البيان المقتضب جداً، لاعلاقة لها بالروح الرفاقية والديمقراطية التي ننشدها جميعاً بالكلام لا بالفعل، ويبدو من خلال كلمة” سابقا” أن الحزب التقدمي قد حسم أمره، ونسف تاريخ الصديق يوسف على مقصلة الفصل النهائي دون وجه حق، فالبيان لم يقل إن اللجنة المركزية اجتمعت بكامل أعضائها أو بأغلبية أعضائها ، وقررت بالإجماع أو بالأغلبية فصل السيد يوسف من الحزب لأنه ارتكب كذا وكذا، وخالف خط الحزب، واخترق الأطر التنظيمية، واتصل مع (…) أو شكل تكتلات انشقاقية، وألَّبَ الرفاق على حزبهم، وأي كلام من هذا القبيل!!!
وإذا أخذنا مظلمة الصديق فيصل الذي دعا إلى” إصلاح وتقدم الحزب وفق أسس تعتمد المؤسساتية والموضوعية والشفافية لتكشف عن كل ممارسات السكرتير العشائرية والمخلة بالحياة الحزبية خلال السنوات التي مضت، وانطلق من خلال شرعيته وثقة رفاقه به”
إذا وضعنا مظلمته جانباً أقول: لابد للحزب الديمقراطي التقدمي أن يبحث عن نفسه أولاً، ويحدد موقعه بدقة، ويجدر بقيادة الحزب أن تعي بأن هذا القرار يلحق الضرر الأكيد بحزبهم، وبالتالي حلُّ المشاكل مهما كانت عالقة بروح رفاقية، ونبذ الانتقام والأحقاد المريضة، ورغم إنني أحترم قناعات وآراء مؤتمري التقدمي مؤخراً بإعادة انتخاب الأستاذ حميد درويش سكرتيراً للمرة (… ) وانتقد كل حزب يعيد انتخاب قيادييه وأمنائه العامين أكثر من دورتين على أبعد حد، وأرى أن من حق الناس الغلابة من أمثالي أن تسأل، وتتساءل: هل منصب السكرتاريا أو الأمانة العامة أو القيادة أو… مُطوّبة لسياسيينا الكرد إلى ماشاء الله!!؟؟ أو يتكفل عزرائيل بأخذ الأمانة من صاحبها إلى باريها.
هذا يعني أن حركتنا أنهت علاقتها بالطاقات الجديدة الخلاقة للشباب ومثقفينا، وتحولت هذه الأحزاب إلى دكاكين للعجزة، وأصبحت ملكيات شخصية للبعض دون أدنى اعتبار لمشاعر وطموحات الشعب الكردي في سورية.