وهنا اقصد المكون الثاني ضمن المشكل السوري ، اي الشعب الكردي مع الفارق الجوهري بين الحاملين الاجتماعيين فيما يخص المسالة الوطنية وتقاطعاتها .
وتوضحت معالم ومفردات هذا الخطاب بعد صياغة البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البدايات ) في مفصلين أساسين، الأول المذكرة التي قدمها الدكتور نورالدين زازا أمام المحكمة عام 1960 حينما قال : (….واقع ملموس وموضوعي هو حقيقة وجود الشعب الكردي الذي كان ولا يزال يعيش على أرضه ضمن نطاق جمهوريته العربية المتحدة جنباً إلى جنب مع إخوانه العرب، وهو شعب له لغته وعاداته وتقاليده الخاصة به، وهو غيور على هذه اللغة والعادات والتقاليد، وحافظ على مقوماتها… والآن نحن في هذا التاريخ من حياة البشرية التي تسعى حثيثة من أجل تعاون وتفاهم الشعوب،لتحقيق تقدم ورخاء أفضل للإنسان وتوطيد السلام والارتقاء بالشعور والكرامة الإنسانية إلى مستواها اللائق، كما قلت أن اللغة الكردية والعادات والتقاليد الكردية لدى الشعب الكردي وتمسكه بها لم يكن في يوم من الأيام مصدراً من مصادر التفرقة والخلاف بين الشعبين العربي والكردي..).
اما المفصل الثاني : فقد تمثل في إدراك الأستاذ عبد الحميد درويش وفهمه طبيعة مطالب البعض لتحوير مسار الخطاب السياسي الكردي ، حينها عارضها بشدة وطالب قيادة الحزب بتحديد موقف واضح وصريح من مسألتين ،الأولى من شعار تحرير وتوحيد كردستان ، والثانية من اسم الحزب الذي تحول إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا.
كان عبد الحميد درويش يعارض بشدة هذا الطرح ويطالب بموقف واضح وشفاف من هاتين المسالتين ،لما لهما من آثار وانعكاسات سلبية على القضية الكردية في سوريا ، وأصدر على أثرها كراسين في عام (1963) أحدهما يتناول الوضع السياسي ويدور حول شعار تحرير وتوحيد كردستان, ( وعدم ملاءمته مع واقع الشعب الكردي ، وما يسببه من إشكاليات سياسية وعملية لحزبنا وكوادره ، ومن ثم ضرورة تعديله بشكل يراعي الظروف الذاتية والموضوعية للشعب الكردي ،وخصائص الحركة الوطنية الكردية في سورية .
وهذا ما خلق ارتباكا في فهم ماهية السلطة من جهة وماهية المعارضة من جهة أخرى ، وبالتالي أدى إلى خلل واضح في الرؤى في الكثير من المنعطفات السياسية والاجتماعية….وفي مراهناتنا اللاموضوعية ضمن خطاباتنا السياسية ويتضح ذلك جليا في تعاملنا مع مختلف القضايا التي تمس مصير مجتمعنا عبر محاولات البعض منا إظهار القضية الكردية بأنها قضية تتجاوز الحدود الوطنية وذو أبعاد اخرى … ، بقصد إثارة المخاوف لدى الآخرين من شركاءنا في هذا الوطن ، واللعب على أوتار العواطف لدى البسطاء من أبناءنا،من خلال رفع الشعارات البراقة والجمل الرنانة و الطنانة ، وعلى ما يبدو هذا الطرح كان يستحسن لدى الكثيرين من الآخر ليبرروا مواقفهم وأفكارهم ، وتوجيه اللوم لمن يتعاطفون مع قضايانا ، من الذين يدعون الى عقد اجتماعي جديد ,ينتج عنه دستور ديمقراطي عصري يجعل المواطنة معيارا للانتماء .وختم المحاضر بالقول : ان الاعلام اليوم يلعب دورا بارزا في اظهار أهمية صياغة خطاب سياسي واضح واقعي وموضوعي للحركة الكردية تزيل كل إشكال أو لبس لدى شركائنا في الوطن ، كما يعمل في نفس الوقت على فتح باب الحوار لتفهم عدالة قضيتنا كونها قضية وطنية تهم جميع المكونات .
كما دعا المثقفين الكرد والمستقلين الى القيام بدورهم في أداء هذا الواجب الوطني .
و في نهاية الندوة جرت نقاشات مطولة شارك فيها الحضور بمداخلاتهم حول مضمون المحاضرة .