الشخصية النضالية…… تمر مصطفى نموذجا

  جكر محمد لطيف

بدأ الراحل تمر مصطفى النضال منذ بداية شبابه ومبكرا لأنه ينتمي بطبيعته الى عائلة وطنية ونضالية معروفة عائلة الشخصية الكردستانية /آقوب آغا الأرهي/ الذي كان له دورا مهما في ثورة شيخ سعيد بيران .

فالروح النضالية بهذا الشكل تنتقل كما يبدو بشكل وراثي وتفرز صفات وخصال معينة تساعد في خلق الشخصية النضالية حتى قبل استكمالها وتكاملها وتظهرها حتى قبل أوانها زمنيا أحيانا كذلك كان الراحل تمر مصطفى نلاحظ بأنه يدخل معترك النضال السياسي في صفوف الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا في سن مبكرة ولكونه يمتلك مؤهلات سياسية وثقافية متميزة يتحمل المسؤوليات القيادية مبكرا أيضا قياسا بسنه فيصبح عضوا في اللجنة المركزية عام /70/ مؤديا واجباته بنجاح كما تدل الوقائع
فهو كان في المكتب السياسي الى جانب شخصيات سياسية معروفة ومن الطراز الثقيل ولكن الراحل لم يتعثر يوما بل ساعده ذلك لتحمل مهامه ومسؤولياته بايجابية أكثر ويتحول الى عامل توازن واستقرار داخل قيادة الحزب وهذه السمة لا تتوفر إلا في الشخصية الثقافية المتمرسة المتوازنة وهو يقوم بدور محوري للحفاظ على وحدة الحزب مدة طويلة في وسط تلك الشخصيات المؤثرة والتي لها باع طويل في العمل السياسي ولكن دور الراحل ومكانته وثقة ومحبة رفاقه له تدل بشكل أكيد على امتلاكه لقدرات سياسية وثقافية وصفات شخصية كاريزمية لها تأثيرها ووقعها على الوسط الذي يناضل فيه حتى مكنته ليقوم بواجباته المتنوعة وبايجابية عالية .
كان الراحل يثقف نفسه باستمرار فامتلك ثقافة عقلانية عالية ولأنه كان يدرك بأن الوعي الثقافي والمعرفي عامة هو السبيل الأمثل لمعرفة الحقوق وكيفية طرحها في الظروف الملائمة وإيجاد الآليات المناسبة للوصول الى الأهداف.

علاقاته الاجتماعية.

من ميزات الراحل تمر التي يتفق عليها كل من عرفه بأنه اجتماعي مقتدر تربطه بعلاقات طيبة مع مختلف الأوساط الاجتماعية والمتباينة فكريا واجتماعيا.

صلاته متشعبة أحبه على ذلك كل من اتفق معه فكريا واحترمه أغلب من اختلف معه.

صداقاته موزعة على عدة مستويات فهو شاب بطبعه مع الشباب ويروي الأحداث والذكريات مع كبار السن وبحب دعابي مرح يضفي على مجلسه دوما روح المحبة والتآلف .علاقاته متنوعة له فيها القروي البسيط الى المثقف المجادل الى الوجيه الاجتماعي فرجل الدين .

لا أثر للانقطاع والمخاصمة في تواصله.

كان مثقفا يحول الثقافة الى معرفة مبسطة في المناسبات الاجتماعية .

لأقواله صدى بين مختلف قطاعات التركيب الاجتماعي من اللذين تعرفوا إليه.

كان الراحل يعشق التراث الكردي الغنائي محبته لشعبه فلا يخلو أغلب مجالسه من الغناء الكلاسيكي فهو مطلبه دوما ولا يهم عذوبة الصوت ولكنه يصر على تمكين الأداء بإذن الخبير .

كان سريع التنقل بين صفحات التاريخ للكرد والشعوب المجاورة على حد سواء, يدخل السياسة الى الفكر ورموزه والأدب والشعر يدلي في ساحاتها وبذاكرة قوية مستنيرة لا تخييب حاملها , وبثقة تدل على تمكنه وعلمه بالمجال الذي يخوضه وبأسلوب جدلي سلس ومرن يفتح السبل للتحاور والتواصل فيفرض الاحترام..

كان يحافظ على مكانة الآخرين حفاظه على مكانة رفاقه ويقدر الجهود بغض النظر عن الاتفاق في الموقف شديد الاحترام واضح ومصر في مواقفه فيكتسب احترام وتقدير الآخر..

قال فيه الشيخ عبد الرزاق جانكو معزيا “لقد كان تمر مصطفى قائدا في حزبه كما عرفته لم يكن يحقد حتى على خصومه فكان ينظر إليهم كأنهم إخوته تجاوزوا عليه وهضموا حقه لم يكن يعرف الحقد ومع الأطراف الأخرى كان يحترم المقابل مع الاختلاف يجب أن يصبح مرشدا لنا في وطنيته ودفاعه عن حقوق شعبه أرجو من الله أن يسره بجنانه ” …….

تدل الصفات التي كان يمتلكها الراحل أبو سالار بأنها نابعة من إيمان راسخ توضح ملامح قناعاته السياسية المبنية على أن سوريا للجميع وبالجميع دون استثناء أو تمييز وأن النضال السياسي عماده التواصل والتحاور مع المختلف قبل المتفق وأن لكل مكونات المجتمع السوري حقوق كما للكرد يجب احترامها وتقديرها لتصبح حقوق وقضايا مشتركة يحملها ويتحمل مسؤوليتها مختلف أطياف الشعب السوري بعربه وكرده وسريانه ومن جميع المذاهب والأديان وأن مفتاح الحل للقضية الكردية هي في دمشق لا غيرها وتجلت تلك القناعات في ممارساته النضالية عندما أصبح ممثلا لحزبه في دمشق طرق كل الأبواب حاملا قضاياه القومية والوطنية مدركا بضرورة التواصل مع كل اللذين يمكن الوصول إليهم كل المهتمين بالشأن السوري وما يحوي في طياته من قضايا وطنية تتطلب الحل مبينا وجهة نظر حزبه وبجدارة في عدالة قضية الشعب الكردي ووطنيتها فأعطاها بعدا مميزا ووجد المناصرين للكرد من الإخوة العرب وذلك بتحديد المشركات بين المكونات السورية جادل حتى الشخصيات المتزمتة تجاه الكرد … أعتقد بأن نشاطاته تحولت الى قاعدة مناسبة للعلاقات العربية الكردية والتي تحتاج المواصلة والتي تمخضت عنها في وقت قياسي عدة نشاطات سياسية وثقافية للحزب وبالمؤازرة والمتابعة أصبح للكرد قوة أساسية في الإطار الوطني المتشكل مؤخرا وإذا اعتبر أحد ما بأن تشكيل إعلان دمشق ذو شأن وأهمية وانجاز للقوى السياسية الديمقراطية السورية اعتقد بأنه من الإنصاف القول بأن للراحل باع مهم في وضع اللبنات الأساسية للعلاقة النضالية بين الكرد والآخرين فيها.

لقد شارك في عدة محطات كردستانية هامة فكان ضمن وفد الحزب الذي شارك في المؤتمر العاشر للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي سمي بالمؤتمر العملاق وكان لمشاركته وشخصيته أثرا ايجابيا في توصيل خيوط التواصل بين الحزبين ..كذلك مشاركته على رأس وفد في مؤتمر الاتحاد الوطني الكردستاني الذي سمي بمؤتمر الوحدة والاتحاد … أما ترأسه لوفد التحالف الديمقراطي الذي كان مهمته للصلح بين الديمقراطي والاتحاد وعلى الرغم من صعوبة المهمة وتعقيدات نجاحها كانت مهمة نبيلة وتاريخية انطلاقا من نبل الهدف المرجو منها فقد قام الراحل بها بدبلوماسية السياسي المحنك وبشجاعة الحريص كلما تطلبه الموقف الصعب وأوصل الرأي المطلوب الى أعلى المستويات في الطرفين.

ان قوة نجاحه لم تكن سوى في حجته السوية والقدرة على بيان الرأي المناسب حتى في أعقد المواقف وحضور شخصيته المتزنة والقدرة على خلق التوازن بين الحقائق النسبية الموزعة هنا وهناك … ان الصفات والخصال والتاريخ النضالي الناصع والتفاعل الاجتماعي المثمر والإرادة النضالية الصلبة وفي مختلف الظروف والمحبة المتبادلة انعكست وبشكل لافت ومتميز في تشييع جنازته التي تمثلت فيها مختلف مكونات والفئات المجتمعية ومن كافة المناطق والتواجد الكردي .الجميع وجد مكانا له لتشييعه وكان ذلك دليلا آخر بأنه شخصية قيادية نضالية مقتدرة متكاملة وذي مكانة محترمة في مجتمعه ومن جهة أخرى دلت وبشكل قطعي بأن كافة قطاعات وفئات المجتمع الكردي تقدر مناضليها حق قدرها وتحاول وبشتى التعابير أن توفيها حقها وتساند بقوة الشخصيات والقوى السياسية المناضلة على عكس ما يروج من قبل البعض بأن الحركة الوطنية السياسية انعزلت عن جماهيرها وأن الجماهير قد تجاوزت الحركة وهذا البعض ينطلق في ذلك من غايات لا تمت بالنضال والوطنية بصلة ..

هكذا كان المناضل التقدمي أبا سالار مخلصا محبا شجاعا معلما ومبدئيا في حياته جامعا ورمزا مقدرا أثناء رحيله …..

لك جنان الخلد ولرفاقك وأهلك الصبر …

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…