بعد رفض إيران المقترحات الغربية والمهلة التي حددتها الإدارة الأمريكية هل تعيش المنطقة على وقع استعدادات دق طبول الحرب..؟؟

إسماعيل حمه

بمناسبة تسلمه لجائزة نوبل للسلام قال الرئيس الأمريكي باراك اوباما إنه رغم سعيه للسلام إلا أن خوض بعض الحروب أحياناً تبقى ضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي, وفي تصريح أمريكي آخر مثير للجنرال بترايوس قائد القيادة المركزية للقوات الأمريكية أشار فيه لجهوزية خطط الطوارئ الأمريكية العسكرية لضرب إيران, لذلك يمكن بناءً على هذا التصريحات وغيرها الكثير من التصريحات لمسؤولين أمريكيين أن ندخل القرار الأمريكي بإرسال 30000 ألف جندي أمريكي إضافي إلى أفغانستان بعد تردد الرئيس الأمريكي كثيراً في الموافقة عليه, أيضا في خانة تعزيز الوجود الأمريكي والدولي في أفغانستان ليس في سبيل مواجهة القاعدة وطالبان فحسب, وإنما لتعزيز قدراتها في مواجهة عسكرية محتملة مع إيران.

وفي السياق نفسه أعلنت إسرائيل في وقت سابق نجاح اختبارها لمنظومة صاروخية مضادة لصواريخ قصيرة المدى,
في تأكيد بأنها أصبحت تمتلك قدرة التصدي للصواريخ التي يمكن أن تتعرض لها من جنوب لبنان والأراضي الفلسطينية وسوريا, في تأكيد على جاهزيتها على شل الهجمات الصاروخية الإيرانية, إذا علمنا أن إيران ستعتمد في أي حرب محتملة مع اسرائل والغرب في خطتها الدفاعية على ترسانتها الصاروخية الموجهة نحو الداخل الإسرائيلي, ونحو القوات الأمريكية المتواجدة في أفغانستان والعراق والخليج.
هذه التصريحات وغيرها من المعطيات والمؤشرات تقول أن الأزمة بين إيران والمجتمع الدولي تسير باتجاه الصدام العسكري, مع انسداد أفق الحل السلمي لقضية الملف النووي الإيراني, بعد رفض إيران مجدداً العرض الدولي بتسليم مخزونها من اليورانيوم المخصب مقابل تزويدها بوقود نووي ضعيف التخصيب مصنع في الخارج, لتشغيل مفاعلاتها النووية للأغراض المدنية, وبعد انتهاء المدة التي حددتها الإدارة الأمريكية للحكومة الإيرانية لقبول العرض الدولي, الأمر الذي يرجح فشل منهج الحوار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي باراك اوباما مع إيران أو وصل إلى حائط مسدود, وتتجه الأنظار إلى المزيد من العقوبات وخيارات الحرب, ولكن بانتظار حل العقدة الوحيدة المتبقية وهي العقدة الروسية التي تجري المفاوضات حولها بينها وبين أمريكا في إطار ما يسمى اتفاقات تخفيض الأسلحة الإستراتيجية النووية, وهي على ما يبدو في طريقها إلى الحل.
إلى جانب ذلك ثمة تحركات في المنطقة العربية أيضاً باتجاه سوريا, التي يعتقد الغرب بأنه قدم لها كل الحوافز لتحييدها في أي حرب محتملة على إيران, ويبدو إن التحرك العربي وخصوصاً السعودي باتجاه إزالة كل أشكال التوتر العربي العربي جزء من هذا السيناريو الغربي الساعي لتحييد سوريا, الذي يعني إذا تم ذلك إضعاف فاعلية ما يسمى بالمخالب الإيرانية  (حزب الله, حماس ..الخ).

ولكن ليس ثمة مؤشرات جدية بحصول هذا الاختراق, فالقمة السورية السعودية الأخيرة التي كان من المتوقع أن ينضم إليها أيضاً الرئيس المصري حسب وسائل الإعلام, كان فحواها إعادة إحياء التنسيق الثلاثي السعودي السوري المصري كتتمة لتك الحوافز المقدمة لسوريا, ولكن لم ينضم إليها الرئيس المصري, الأمر الذي يعني إن هذه الأطراف العربية لم تتمكن بعد من التغلب على خلافات في بعض الملفات.
وتكاد المناخات الدولية الحالية تقترب من تلك التي صاحبت الحرب على أفغانستان والعراق, من حيث عودة التشدد إلى اللهجة الأمريكية حول الإرهاب, بعد تعرض الولايات المتحدة الأمريكية لسلسلة من الهجمات من القاعدة, واضطرارها لرفع مستويات الإنذار الداخلي والدولي من مخاطر الإرهاب وتشديد الإجراءات الأمنية على مرافقها الحيوية, وعودة القائمة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب الدولي إلى الصدارة تحت عنوان التشدد الاستثنائي مع المسافرين القادمين من هذه الدول ومنها إيران, وتكاد تقترب هذه اللهجة الأمريكية الجديدة من الخطاب الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش إزاء الإرهاب, وإزاء ما يسمى بالدول الداعمة له, , وهذا المعطى (الإرهاب) يبقى من العوامل ذات الأهمية القصوى لتهيئة وتعبئة الرأي العام الأمريكي بضرورات بعض الحروب وأهمية الاستعداد لتحمل مزيد من الخسائر المادية والبشرية للحفاظ على امن الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها في العالم.

كل هذه العوامل إضافة إلى الأزمة الداخلية الصعبة والانقسام الداخلي غير المسبوق الذي يمر بها إيران منذ عام 1979, بعد أزمة الانتخابات الرئاسية, وتزايد الاتهامات المتبادلة بين الغرب وبعض الدول العربية من جهة وإيران من جهة أخرى بالتدخل في الشؤون الداخلية, يوفر لحظة تاريخية حاسمة بالنسبة للغرب لإسقاط النظام الإيراني فيما إذا وجهت ضربة عسكرية لإيران, ونحن نعلم إن الأزمة بين إيران والمجتمع الدولي هي أبعد بكثير قضية الملف النووي الإيراني وتتصل بموضوع النفوذ في المنطقة.

16/1/1010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…