فقد وردت الكتابات في مجملها – إلا من عصمته نفسه عن الابتذال – على شكل قراءات سطحية, وتكهنات وافتراءات حول درجة الشرخ الموجود داخل الحزب, وإمكانية تعرضه لتشظي وانشقاق داخلي, وكأني بالبعض يتمنى ويعمل على ذلك, ويتحين الفرصة ليعمل على تحقيقه
لقد تجاوز الحزب المستوى الكلاسيكي للصراع, عندما عمل وبوعي عميق على ترسيخ معادلة الاصطفاف على أساس الموقف السياسي في الشارع الكردي, بدل الانتماء الحزبي أو أي انتماء آخر ما عدا الانتماء للقضية والمصلحة العليا للشعب الكردي.
الحقيقة هي أن حزباً جماهيرياً واسع الانتشار في كل مناطق التواجد الكردي, في الداخل والخارج ويمتلك عدداً كبيراً من الكوادر المثقفة النشيطة, ويرتكز في علاقاته الداخلية على أكثر المفاهيم الديمقراطية حداثة, يفسح المجال واسعاً أمام أعضائه للدفاع عن آرائهم ومواقفهم وتصوراتهم, لدرجة الإقرار بحق كل عضو في إشهار آرائه وقناعاته داخل الحزب كتابةً وشفاهاً.
لابد أن تتشكل داخل هكذا حزب قناعات ومفاهيم وآراء متعددة ومختلفة, وفي بعض الأحيان متباينة ومتناقضة, ولكن عبر آليات الحوار الديمقراطي والإيمان مبادئ الاختلاف على أساس الوحدة, ولما كان الحزب يرتكز في وجوده على الوعي العميق بقدسية الإنسان, والإيمان بأن الحرية هي جوهر هذه الإنسانية, فإن تمكين كل فريق من الدفاع عن رؤيته حتى آخر حجة هي جوهر المنظومة الأخلاقية لحزب يكيتي, وأن التعدد والاختلاف والتنوع هي تمظهرات طبيعية وحقيقية لهذه المنظومة, بما تحقق من غنى في الآراء وتشكل أرضاً خصبةً لرؤى إبداعية تسهم في تقدم وارتقاء العقل السياسي الكردي.
لقد اكتسب الحزب مراناً وخبرات وقدرات كبيرة في تحويل الاختلاف والتعدد إلى عزيمة ووحدة في النضال, تعجز عن إدراكه العقول الكلاسيكية المتخشبة أو المتحجرة, فما تناولته الألسنة والأقلام من اختلافات في وجهات النظر داخل يكيتي ليس أمراً طارئاً أو جديداً, بل هو جزء من مشروعه النهضوي الذي يستهدف إلى تعميق ثقافة التعدد لدى الشعب الكردي والسوري عامةً, وهو يرتقي بوسائله التنظيمية باستمرار ليكون بمستوى مقولة ’’ الوحدة مع الاختلاف ’’.
ثم إننا نرى بأنه من حق كل كردي أن يدلو بدلوه ويناقش ما يشاء من مواضيع تتعلق بالحزب وسياسته, وما يصدرعن محافله العامة ومؤتمراته, فلا ندعي بأن الحزب ملك فقط لأعضائه, فهو أسس ليكون في خدمة الشعب الكردي وقضيته القومية في سوريا, فهو ملك للجميع, ولكن علينا أن نميز بين من يفعل ذلك عن وعي وإدراك مدفوعاً بكرديته ونقاء سريرته, ومن يفعل ذلك بدوافع غير نبيلة وكيدية, من دون وعي بكرديته.
إننا نعلن بأن حزبنا سيبقى مصراً على المضي قدماً على طريق النضال والتقدم والحرية رغم الصعاب والتحديات, ورغم ما يحاك ضده من مؤامرات وما يضع في مسيرته من متاريس, وسيثبت الأيام ذلك للجميع, وإننا سنعمل على ترسيخ وتجذير ثقافة الاختلاف والتعدد ما أمكن, باعتبارها إحدى أهم ضرورات الحياة المعاصرة, رغم المتشبثين بنظام الحزب الواحد والزعيم الواحد والفكر الواحد, لأن حزبنا ليس مشروعاً سياسياً نضالياً.
* نشرة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا – العدد المزدوج 175-176 ت2 ك1 2009 م