رأس السنة أو ذيلها .. مازلنا على ذمة الحياة و.. المرجعيات والمجالس

عمر كوجري

     قبل يومين مزقنا غير آسفين آخر ورقة من عمر العام الذي لحق بأقرانه، عام أردناه جميلاً، وخططنا فيه أن نكون سعداء أو نصنع سعادة نتوهَّمُها نحن..

نصدِّقها نحن..

لكنا كنا كمن يقبض على قرون الريح، ففي لحظة شرود لم نرَ أنفسنا إلا على عتبات عام جديد يطل برأسه علينا، طالباً أن نفسح لحضرته قلوبنا وعقولنا ليحل هو الآخر ضيفاً ليس عزيز على موائدنا التي لم تعرف العمارة والطراوة منذ أن قلنا لهذه الحياة: مرحبا..

تسابقنا دموعنا وبكاؤنا الــ مازال بكاء، وربما غدا عويلاً في قادمات الأيام على أعزاء وأحبة إما تختطفهم يد المنية غيلة وغدراً، أو يذهبون بمحض إراداتهم التعبة إلى ضباب اعتبروه كنزاً في البداية، وما لبث أن كان ضباباً خنق إشراقاتهم، ونضارة أرواحهم، وابتلعتهم غيلان المدينة أو البحر أو حتى الصحراء.
عام..

كان كالهمَّ الثقيل على قلوبنا، فيه فقدنا العديد من أصحابنا وأصدقائنا، والبعض غُيِّب في أماكن رطبة ومدلهمة دون أن يشكِّل خطراً على نمل الطريق..

وشعرنا أن أمامنا مهمات حسبناها منذ إشعال شمعة العام الجديدة أننا واثقون من قدراتنا في النجاح، لكن خيباتنا كانت أكثر، وآمالنا أصبحت تذروها رياح الجهات الضائعة.
عام مضى بكل ما فيه من أحزان، كنا نتحدى فيه صلادة الحديد والحجر، استقبلت فيها أمهات كثيرات أولاداً بين خشب غبي، وبدلاً من غناء الزغاريد بالعرس ، كانت هناك في أقاصي القرى والقصبات أنهار من دموع الثكالى على الوحيدين.
عام مضى، وكأن أوراقه تشبه أوراق أعوام سبقته، وكأن أوراق هذا العام ستتشاكل بكل قسوة وقهر مع أوراق عمرٍ تتناثر تباعاً على تعب الأرصفة والشارع غير النظيف ببلاهة لافتة.
عام مضى، وشارعنا الكردي مازال شارعنا، حيث نشدُّ ظهورنا كلنا ومعاً مثقفين وأحزاباً وأشباه أحزاب لهذا الشارع، بل وعوائل أحزاب، وفي كل حواراتنا ومداخلاتنا ونقاشاتنا – العقيمة غالباً- ندّعي أن كل لحظة من حياتنا نهبها لذاك الشارع المسكين، وكل ” نضالنا” المشرّف مُسخَّر بكليته فداء لعيون ذاك الشارع.

وحركتنا الكردية تجهد لتقدم لشعبها شيئاً ولو كان ذلك في الوقت الضائع، فما إن يفكر في مرجعية، أو يُخطِّط لتأسيس مجلس حتى تنفرخ من بين أصابعه دون أن يدري آلاف الولادات الآسنة، والتي تُقزِّمُ كل فرح، وتقضي على كل أضحوكة – أ ومشروع أضحوكة حتى إذا كانت على ذواتنا.
والحزين في الأمر أن المرجعية تتحدث عن أبواب مشرّعة للآخرين، وتقول: أنا من يحقق للكرد أمانيهم، وأنا الأصل والباقي فرع..

وهذه هديتي لشعبي الكردي
يا لسعادة الكرد ما أشرعَ أبوابَهم!!
وينبري المجلس ليحكي لنا القصص ذاتها، ويحاول البحث عن فرح له الطعم عينه، وقال: هذي هديتي لشعبي الكردي.
يا لتعاسة الكرد ما أضيقَ بحرَهُمُ وسماءهُمُ!!!
وا فرسان السياسة الكرد من الأحزاب وأشباه الأحزاب، أيها المناضلون ..

الأشاوس ال… ارفعوا عنا أيادينا..

رسائلكم وصلتنا، لكن خففوا أعداد الهدايا ما استطعتم إلى ذلك سبيلا!!!!!
كان الشارع الكردي يأمل أن يكون هناك على رصيفه اسم واحد لا أسماء متعددة.
عام مضى نعلن فيه ثورة على أنفسنا ومعداتنا، ونتحدى الخوف من أنفسنا ومن الآخرين، ونقرر أن نكون جديرين بالحياة، نضع أمام عيوننا كلمات كبيرة دون ان نكون على قدها وقدودها فنضيع..

نضيع دون ان نعرف لهذا الضياع قراراً ولا سكوناً.

لم يعد مهماً إن كان في رأس السنة أو ذيلها، المهم أن نكون سبّاحين ماهرين وسط تلاطم أمواج الألم من كل حدب وصوب، وأن نعرف، ونتعرَّفَ على البوصلة التي تهدينا سواء السبيل، رغم أن بعضنا قد يستقر في بطن حوت – نحن فائضو الحاجة لغريزة جوعه-أو ينهرس بين فكَّي قرش متخم بأطايب الطعام..

المهم ” أن تستمروا”

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…