لذا يشكر رجب أردوغان على هذا القرار قبل المحكمة لأنه أزال الغمة والغشاوة عن عيون وقلوب الكثير من ساسة وكتاب كرد كانوا يظنون أن أردوغان في طريقه إلى حل المشكلة الكردية في تركيا سلمياً بعد فشل جميع خطط تركيا عسكرياً منذ أواسط الثمانينيات من القرن الماضي وحتى اللحظة.
يقيناً ومما يؤسف له أن أردوغان استطاع أن يستغل مشاعر الكرد ” الدينية” في المحافظات ذات الوجود الكردي شبه المطلق منذ فوزه الكاسح في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الشهر السابع من العام 2007 وبعد أن ضمن الرجل الفوز، أدار ظهره لمنتخبيه من الكرد و ذهبت كل وعوده بتحقيق حياة أفضل وتنمية شاملة للمنطقة الكردية أدراج الرياح.
فقد استطاع حزب العدالة والتنمية بفضل أصوات الكرد أن يضاعف من نسبة نجاحاته مقارنة مع انتخابات عام 2002 الذي فاز فيها أردوغان وحزبه بمقدار 34%
الآن يكشر حزب أردوغان عن أنيابه تجاه الكرد، ولا يفيده فتح قسم للغة الكردية في هذه الجامعة أو الترخيص لفضائية كردية مكبلة الأيدي والأرجل، ولا تستطيع بث أغنية باللغة الكردية دون الحصول على موافقة الأجهزة الأمنية المتنكرين برداء الإعلام والرقابة، ويفترض أن أردوغان بعد مهزلة المحكمة الدستورية فقد ورقة التوت الأخيرة على مستوى وعي كرد تركيا وباقي الكرد في أجزاء كردستان الأخرى أو في الشتات.
وحري بأهل آمد” ديار بكر” أن ينعتوه بمسليمة الكذاب، ويرموه بالطماطم الفاسد، لا أن يصفقوا له طويلاً، ويذبحوا أمام موكبه الخراف أثناء إلقائه خطاباً في ساحة بلدية المدينة، ويقول لهم بالكردية: roj bash
والغريب والمؤلم أن العديد من سياسيينا وبعض كتابنا سطروا، وأرخوا لملحمة أردوغان وكأنه جاء لينقذ الكرد من براثن الأعداء، وكأن غشاوة قد عمت عيونهم، فرأوا أن كل الظروف والمناخات يجب أن تكون مواتية لأردوغان من طرف الكرد، فضغطوا على حزب العمال الكردستاني بشتى الطرق ليكف عن مهاجمة الجيش التركي الذي كان يمشط جبال دول مجاورة، ويجتاز حدودها، وينتهك حرماتها، ويحرق القرى الكردية ويقتل الأطفال والشيوخ الكردبحجة تعقب عناصر الكردستاني، وأكد المبهورون بأردوغان في بيانات التأييد والتهليل والرقص لنجاحه أن هذا الرجل ليس من أية طينة سابقة، ووضع على عاتقه حل الموضوع الكردي النازف في تركيا منذ عشرات السنين.
في هذه المرحلة لن يفيد كرد تركيا سوى وحدتهم، والاستماع إلى بعضهم البعض، ونبذ التخاطب بعقلية التعالي وتهميش الآخر، والانفتاح على عموم الحركة الكردستانية ومساندتها، والاستفادة من تجاربها وخبراتها، وعدم الاعتماد لا على أوربا ولا على أمريكا التي رأت أن قرار الحظر شأن داخلي ” لا علاقة لنا به”
وحتى الاتحاد الأوربي خذل الكرد على حد قول أحد القياديين في الحزب المحظور والذي أكد أن الحزب لن يتخلى عن نضاله الديمقراطي والسلمي موضحاً أن ثمة جهوداً تبذل لانضمام أعضاء الحزب المذكور إلى صفوف حزب السلام والديمقراطية.