وهذا يؤدي الى أن أي نظام سياسي يضطهد شعبآ أو أقلية ويحاول أن يصهرها وينتهك حقوق الانسان لايمكن أن يشكل نواة لاستقرار سياسي واقتصادي على المستوى الداخلي أو الدولي، وأن يكون جديرا بقيادة حوار حضاري وثقافي ايجابي بين ثقافة شعبه والثقافات الأخرى الموجودة في عالمنا فمن يمتلك مثل هذا الشرط بالإضافة الى الثقافة والتربية الديمقراطيتين ويؤمن بمبادئ حقوق الانسان, لايصرح بمثل ماصرح به الاستاذ حسن عبد العظيم للمرصد السوري وبهذا الشكل الإنفعالي المستفز لمشاعر الشعب الكردي في سوريا
وأن تسمية كل جزء من كردستان المقسمة بالإقليم والذي هو حاصل بحكم التقسيم والواقع المعاش حاليآ كما هو في العراق اقليم كردستان العراق وفي ايران اقليم كردستان ايران ، فسنصل الى نتيجة مفادها الى أننا أي الشعب الكردي في سوريا والأقليات الأخرى المتعايشة معنا نعيش في اقليم كردستان سوريا فما وجه الغرابة في الأمر ولماذا الرفض إذآ ؟ ، أعتقد أن ماجاء في تصريح السيد حسن عبد العظيم الناطق الرسمي باسم التجمع الديمقراطي (خمسة أحزاب سورية معارضة) للمرصد السوري بأنه يرفض رفضآ قاطعآ استخدام مصطلح كردستان سوريا الذي ورد في البيان الختامي الصادر عن المؤتمر السادس لحزب يكيتي الكردي في سوريا، ليس بسبب عدم معرفته بمثل هذه الأمور ، بل بغية اثارة المزيد من الخلافات بين الأحزاب الكردية وتأجيجها من جهة وبينها وبين النظام الحاكم وبقية القوى العربية المعارضة من جهة أخرى ، وليتنصل من الاعتراف بالحقائق والوقائع التاريخية والجغرافية والديمغرافية والسياسية والقانونية التي تؤكد صحة المصطلح ، وبالتالي فهو هروب من الاستحقاقات الديمقراطية الوطنية السورية ومن المسؤولية التاريخية والسياسية والنضالية الملقاة على كاهله وعلى كاهل كل الوطنيين الشرفاء وكل الديمقراطيين والخيرين من السوريين، كون القضية الكردية قضية وطنية وديمقراطية بامتياز في سورية وهي ليست قضية تخص الكرد وحدهم ، خاصة وهو يعتبر نفسه والتجمع الذي ينتمي إليه من المعارضة الديمقراطية ويريد تغيير النظام بشكل ديمقراطي سلمي تدريجي، واقامة دولة ديمقراطية تسود فيها العدالة والمساواة تؤمن بمبادئ حقوق الانسان ، ويكون السيادة فيها للقانون.
علمآ أن المصطلح يستعمل بشكل واسع وواضح وصريح ومنذ أمد بعيد بين أبناء الشعب الكردي في سورية وأصدقائه من الشعوب والأقليات الأخرى وليس جديداً ، وأقره أكثر من حزب كردي في برنامجه السياسي.
أما بالنسبة لمصطلح الحكم الذاتي والذي يرفضه أيضاً رفضاً قاطعاً فهو يعلم جيدا (السيد حسن عبد العظيم) أن المجتمع الذي تعيش فيه أكثر من أقلية أو مجموعة من الشعوب يقدم النظام الديمقراطي التعددي نفسه كنظام لضمان وحماية الحقوق والخصوصيات القومية لجميع هذه الأقليات والشعوب ، وأن حق تقرير المصير كمبدأ يضم أشكال وخيارات مختلفة ومتعددة من (استقلال – كونفدرالية – فدرالية – حكم ذاتي – ادارة ذاتية < ادارة محلية >) وأن الحكم الذاتي هو شكل من أشكال مبدأ حق تقرير المصير، الذي لم يخترعه الكرد ، بل أن مضمونه تم تحديده من خلال ميثاق الأمم المتحدة ، والعهدين الدوليين للحقوق الاقتصادية ، الاجتماعية ، والثقافية من جهة ، وللحقوق المدنية والسياسية من جهة أخرى لعام 1966 ، والاعلان عن العلاقات على أساس الصداقة لعام 1970.
ووفق ذلك الاعلان وتلك المواثيق والعهدين الدوليين والملف الختامي لاعلان هلسنكي لعام 1975 والذي تم اصداره ضمن مؤتمر العمل المشترك والأمن في أوربة تملك جميع الشعوب وفي كل وقت حق تقرير مصيرها وبملء الحرية ، متى وكيفما شاءت ، تقرير وضعهم السياسي الخارجي والداخلي ، وبدون تدخل خارجي ، ومتابعة تطورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي كما تشاء .
فالحكم الذاتي ، وبالرغم من أن مفهومه غير محدد تمامآ ضمن نصوص وقواعد القانون الدولي .
ولايوجد نموذج له يعتبرمعياراً لتطبيقها في كل الدول ، نظراً للإزدواجية في مدلولها بين الجانب السياسي والجانب القانوني، والذي يصعب ضبطه نظرياً ، إلا أنه يتضمن قدراً من المرونة ، إذ يقترب في أحيان كثيرة من الادارة والقانون ، أي يمكنه أن يكون حكماً ذاتياً إدارياً ، وفي حالات أخرى يقترب من السياسة ، وفي بعض التطبيقات قد يجمع بين الطابع الإداري القانوني والسياسي معاً .
فالمعنى العام للحكم الذاتي الإقليمي هو انشاء القانون ذاتياً أو التقنين الذاتي ، ووفق القانون الدولي لهذا المصطلح فانه يعني الاجازة لإقليم ما أو لجزء أو منطقة تابعة لدولة معينة بحرية التصرف بتنظيم بعض الشؤون الداخلية ، بعد أن يتم توزيع الاختصاصات والمهمات أي الحقوق والواجبات لكلا طرفي العقد في تلك المنطقة التي يعيشون فيها على طريقة الادارة الذاتية من خلال اصدار القوانين وبدون أن يكون لهذه المنطقة أو هذا الجزء ومن خلال هذه الاجازة التمتع بصفة الدولة ، لأن السياسة الخارجية ومسائل الدفاع والعملة يتم استثنائه من اختصاصات سلطة الحكم الذاتي وتترك للسلطة المركزية ، لذلك فان أكثر الحركات القومية والتنظيمات السياسية في الدول متعددة القومية ، اقتنعت بأن الحكم الذاتي يمثل أحد أشكال التعبير السياسي القومي التي يمكن بواسطتها تنمية التراث الحضاري والثقافي ، وقيام الجماعات القومية بادارة شؤونها الداخلية في اقليمها القومي ضمن النطاق الإقليمي للدول التي يعيشون فيها وذلك بتقريرهم لمصيرهم ، وانطلاقاً من هذا التصور للحكم الذاتي اتجهت هذه الحركات الى تبني هذا النظام ، دون رفع شعار المطالبة بالانفصال والاستقلال التام ودون المساس بالحدود الإقليمية لهذه الدول وتغييرها، حفاظاً على وحدة الوطن وصيانة الوحدة الوطنية ، ولقد ساعدت هذه الظواهر الجديدة على التخفيف من التوترات والنزاعات في المجتمع الدولي ، اذ اتجهت معظم الدول التي تعاني من الصراع الداخلي وعدم التكامل الى النص صراحة على الحكم الذاتي في صلب دساتيرها .
كما ان حق الشعوب والأقليات بالحكم الذاتي هو حق قائم على قواعد العرف الدولي والتي تعتبر إحدى قواعد القانون الدولي وذلك حسب المادة 38 فقرة ب من دستور محكمة العدل الدولية ولكن رغم ذلك فان الدول والنظام الحاكم في سورية وبعض الكرد منا والسيد حسن عبد العظيم يرفضون هذا الحق.
أليس الحكم الذاتي هو حل من الحلول الديمقراطية للقضية الكردية العادلة في سوريا ؟ ، ألم يكن الاستاذ حسن عبد العظيم يعتبر أحد الوجوه الأساسية في اعلان دمشق ، قبل تجميد حزبه في الاعلان الذي أقر في وثيقته (وثيقة اعلان دمشق) حل القضية الكردية حلاً ديمقراطياً عادلاً في سوريا ، اذاً ماهو الحل الديمقراطي العادل للقضية الكردية في سوريا من وجهة نظر السيد حسن عبد العظيم هل ينحصر في الحصول على البطاقة الشخصية وجواز السفر واعادة الجنسية لمن جردوا منها بين ليلة وضحاها ، ونحن أخوة وشركاء في البلد أم ماذا ؟ .
أما بالنسبة لحزب يكيتي الكردي في سوريا لماذا تبنى حل القضية الكردية في سوريا عبر الحكم الذاتي لكردستان سوريا ؟ ، ولماذا لم يختار شكل أو خيار أخر من بقية الخيارات الأخرى ، كخيار (الادارة الذاتية) مثلاً وهو الخيار الذي اختاره أكثر من حزب كردي في سورية وأقره في برنامجه السياسي ؟ ، ولماذا لم يختار الفدرالية مثلاً وهو الشكل المثالي لنظام يحمي الأقليات أو الشعوب التي تعيش فيه دستورياً .
وخير أمثلة على ذلك سويسرة ، كندا وبلجيكا ؟ .
كل هذه التساؤلات من حق الجميع أن يسأله أفراداً وجماعات وأحزاب ، وأسئلة أخرى كثيرة من قبيل :
1 – لماذا في هذا الوقت وفي هذه المرحلة بالذات والحزب في حالة غير صحية وفي وضع لايحسد عليه ، بل ويرثى لها ؟ .
2 – لماذا لم يتمسك الحزب بالرؤية المشتركة وماورد فيها من مطالب سياسية التي أجمعت عليها الأحزاب الكردية (التحالف – الجبهة – التنسيق) باستثناء تحفظ وحيد من قبل حزب التقدمي الكردي في سوريا على بعض من بنوده ؟ .
3 – هل تبني الحزب للمصطلح جاء نتيجة بحوث ودراسات علمية واستراتيجية قامت بها لجان مختصة ونتيجة مناقشات ديمقراطية مسهبة بين القيادة والقواعد من جهة وبين القيادة والنخب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والمهنية القريبة والمؤيدة لها على الأقل ؟ .
4 – هل حصل التشاور مع الأحزاب الثمانية الأخرى التي تتحاور مع الحزب لإنجاز مشروع المجلس السياسي للأحزاب الكردية في هذه المرحلة على أمل الانتقال الى فضاءات اتحادية أكثر شمولآ ؟ ، ولما لم يتريث الحزب بعض لما كان سيسفر عنه من نتائج الحوارات والمباحثات القائمة بينه وبين تلك الأحزاب ؟ .
5 – لماذا لم يعط الحزب الفرصة لتبلور مشروع المؤتمر الوطني القديم الجديد الذي طرحه كل من الحزبين التقدمي الديمقراطي الكردي في سوريا والوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) ، وانتظار اللقاء مع اللجنة التي تشكلت لهذا الغرض ؟ .
كل هذه التساؤلات مشروعة ، لأن الأمر يتعلق بمصير شعب كامل مضطهد ، ومحروم من أبسط الحقوق الانسانية والديمقراطية ، ويتعرض لأبشع ، وأشد أنواع الظلم والاضطهاد ،