ثقافة مستعارة بأقلام صريحة

 أمين عمر

أضرار التحف المكتوبة بالأسماء الصريحة في جولات وقعة “أم الألقاب المستعارة” كانت أكثر من أضرار كتابات الأسماء المستعارة، في معارك عديدة أخرى، حيث كان عنوان الحرب تلك ، الهدر ، هدر الطاقة الكهربائية والحرارية والعقلية للكتاب وهدر وقت القارئ والعبث بتلافيف مخه و”صب” شقوق مُخيخه بمواضيع طالما هرب منها في حله وترحاله وأحلامه، لكنه لم ينجو من كمائن الكُتاب فقُضي على خلايا التفاؤل والسعادة لديه، طبعاً بالإضافة لهدر مساحات كبيرة لصفحات المواقع الإلكترونية بتكرار الصور المرعبة لأعزائنا الكتاب وهم يرفعون رايات الثقافة المستعارة بأسمائهم الصريحة، ترى أحدهم يـُلّوح بقلمه مهدداً الأخر بتمزيقه والتهامه مع مقالاته من دون “قلي” أو غلي
 الأمر وصل إلى ذروة التناقض، حيث من المفترض أن يكون مضمون رداً ما على أخر، يحمل أفكار مضادة أو أفكار جديدة إلا أن بعض الردود على الأخريات كانت تسير بالاتجاه نفسه وتصب أخيراً في  “الجاموقه” ذاتها ، مع العلم أن “الراد والرداد” والمردود عليهما كانوا يدافعوا عن الفكرة و الموقف نفسه وكاد أن يصل الأمر بالبعض، الكتابة باسم مستعار كتحليل عملية قنص لقب أخر لنفسه فقط، ليحارب كتابات أقرانه، مستعاري الأسماء ولكن كاتبي الحقائق أحياناً كثيرة ، ولم تنتهي المشكلة حتى بتدخل ” قويئد” حزب كردي ، وعند محاولته الإدلاء بدلوه وعند تردده ، بين برزخ الواقع والخيال، تزحلق الدلو من بين يديه ورأسه واستقر في قعر بئر الشعر، بئر ليس له قرار ولا يحتوي نقطة ماء سوى بعض حكايات الكونفرانسات الغابرة ، حيث أراد تحمّيل الخروف فوق طاقته معتقداً أنه جمل، ولكن ذو شكل واسم مستعار، فزاد على الدابة الأعباء والأوزان حتى فاقت  حمل ناقلة بترول، فأوقعها بما حملت في بحيرة الزفت التي تركتها شركات البترول من دون معالجة وتغطية.

وصل الأمر بآخر إلى الإفتاء الصحفي حيث نبّه إلى كل من يكتب باسم مستعار ملعون ويستحق الرجم بالعمالة والخيانة، حتى إن كان يكتب للحق ضد الباطل ويساند العدالة ضد الظلم ، وللحقيقة إنها المرة الأولى في تاريخ اللعنات أراها تنهال على قائل الحق.
ببساطة ، الكتابة في ذاك الموضوع كانت بمثابة، كمن يشعر أن  واجبه وحقه يفرضان عليه التهام قرص ما  في كل عرس يحضره أو يسمع به.

الكتابة كانت ربما طريقة جديدة للمعايدة أو من أجل الظهور وتسجيل هدف ما على مرمى مليء أصلاً بالأهداف، الكتابات تلك، لم تكن ذا منفعة ، وقد  تقصدت الخوض في الموضوع ذاته ليس للإطلال عليكم و لتوزيع البركات، بل عسى أن تكون هذه الأسطر نهاية الأزمة وبداية جديدة لمواضيع أكثر منفعة وفائدة لنا جميعاً.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…