تشجيع وتعقيب على رؤية Ralph Peters بخصوص رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط

محمد محمد – ألمانيا
ـ يمكن الاطلاع على خريطة Ralph Peters الحالية ، وعلى خريطة الخاصة وفق شروط اتفاقية سيفر 1920 ، المرفقتين مع هذا المقال.
من المهم جدا، بل ومن المعجزات العديدة للظرف الذهبي الحالي أيضا، أن يعلن جنرال أمريكي متقاعد ومخضرم استراتيجي,  رؤيته الأخيرة بشكل واضح وموضوعي وشفاف الى حد ما، عبر مقال له بعنوان:  حدود دم- Blood Borders في – مجلة قوات عسكرية ـ الأمريكية: Armed Forces Journal ، وذلك بخصوص وجوب اعادة رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط.

بداية, يمكن تقييم ذلك ايجابيا، عندما قام بعض الدول الأوروبية سابقا, بريطانيةـ فرنسا ـ ايطاليا، روسيا القيصرية وغيرها, وبتأييد أمريكي أيضا آنذاك، قبل وبعد الحرب العالمية الأولى، بتفكيك السلطنة العثمانية البغيضة المتخلفة، ومن ثم تشكيلهم باستعجال كبير لدول عديدة، في البلقان، في قسم من القفقاس، وفي الشرق الأدنى والأوسط.
 ولكن، للأسف الشديد، كانوا قد شكلوا تلك الدول غالبا  على أسس جغرافية تخمينية، وليس على أسس ديموغرافية حقيقية وموضوعية، كما وضح ذلك الجنرال Peters أيضا.

حيث تم دمج العديد من الشعوب ذات القوميات المختلفة، ومن الطوائف والمذاهب الدينية المتعددة، في اطار كيان جغرافي معين, علما أن العديد من تلك الشعوب والمذاهب كان ولا يزال يشكل كل منها أغلبية سكانية في مناطقها التاريخية.

أي تم ذلك الدمج القسري، دون مراعاة ذلك التنوع القومي والديني والمذهبي  المتصارع وفق درجة العقلية الشوفينية والتناحرية، وخصوصا كان ولايزال يؤدي ذلك الادماج القسري الى سيطرة واستئثار ملة أو مذهب معين على الملل والمذاهب الأخرى في ذلك الكيان الجغرافي القسري، أو يكون قد ألحقت مناطق أثنية أو مذهبية معينة بعدة كيانات جغرافية، الأمر الذي كان ولايزال يؤدي باستمرار الى نشوب صراعات دموية داخل الكيان القسري وأيضا بين الكيانات عبر الحدود المتنازعة عليها، مما يسبب ذلك عدم الاستقرار ، وبالتالي يعرقل ارساء الحرية والديموكراتية والتطور الاجتماعي والاقتصادي هناك, ويضر بسير التبادل التجاري العالمي أيضا.

طبعا، تبين للقوى الدولية المهمة لاحقا مدى فظاعة  تلك الأخطاء وآثارها السلبية تلك، ولكن يبدو أنهم لم يكونوا بعد في وضع مهيء، بحيث يعيدوا النظر ثانية، باعادة تصحيح وتعديل تلك الحدود والتكوينات القسرية، لأسباب حدوث صراعات بين القوى الدولية نفسها، وخاصة بعد ظهور المد السوفيتي السريع والكبير ، وفي ظرف الحرب الباردة السوداء، الذي كان اشتد خلاله الصراع البارد بين المعسكر الشرقي وبين المعسكر الغربي، بحيث اضطرا بسبب ذلك الصراع أن يتقيدا بعدم المساس بتلك الحدود والكيانات القسرية في الشرق الأوسط، والحفاظ معا على ذلك التوازن القائم.

ولكن منذ انتهاء الحرب الباردة، يفترض أن تقوم باعادة النظر، باصلاح تلك الأخطاء، واعادة ترتيب وتنظيم بناء تكوينات   دول جديدة على الأسس الديموغرافية والجغرافية الموضوعية الحقيقية في الشرق الأوسط، لأن تلك الحدود والكيانات القسرية القائمة على تلك الأسس المزعومة الباطلة هي ليست من صنع قدرات الهية, يصعب المس بها، بل لقد أوصى وأمر بها بعض الساسة والحكومات الأوروبية في مرحلة ما، وطالما أثبتوا خطأ وفشل ذلك، فيمكن  لهم وللقوى الدوليةالديموكراتية الأخرى، ومعهم القوى الحرية والديموكراتية في المنطقة أيضا، أن يحددوا حدودا وكيانات جديدة في هذه المرحلة أيضا في الشرق الأوسط الجديد.

 

وبخصوص الخريطة الجديدة التي يصورها الجنرال Peters للشرق الأوسط، وكيفية وضعه للحدود التقريبية الجديدة للكيانات المشروعة، فقد قرب الصورة جيدا الى حد ما وفق رؤيته، ولكن من المهم التذكير ببعض الحقائق التي لم يوضحها في تلك الخريطة، منها:

 

ـ عدم اعتباره, شكلا, بقية مناطق كوردستان سوريا- أفرين، مناطق جسر الشغور ومناطق شمال اللاذقية على ساحل البحر المتوسط ـ ضمن كوردستان الحرة Free kurdistsn ، حيث أن أغلبية سكان  تلك المناطق هي من الكورد المستعربين ، ولكنهم يفتخرون بأصولهم الكوردية في مناطقهم التاريخية، وعند اللزوم سوف يستفتون لمصالح بني جلدتهم أيضا.

وهكذا أيضا ، بالنسبة لبقية مناطق كوردستان تركيا ـ عنتاب ، مرعش، مناطق اسكندرون وانطاكية على ساحل البحر المتوسط، فلم يعتبرها الجنرال Peters , شكلا, ضمن كوردستان الحرة Free kurdistsn ، علما ان أغلبية سكان  تلك المناطق هي من الكورد العلويين ، ويفتخرون بأصولهم الكوردية في مناطقهم التاريخية، وفي مناطق اسكندرون الساحلية، كانت هناك أغلبية كوردية علوية وأرمنية قبل 1939 ، ولكن بعد اعادة ضم تلك المناطق الى تركيا الكمالية، قامت السلطات بنقل الكورد الى المناطق التركية، وبتشريد الأرمن الى سوريا ولبنان.

أي أن الأصح هو شرعية امتداد حدود كوردستان الحرة الى ساحل البحر المتوسط عبر تلك المناطق .

 

ـ عدم تذكير الدروز ، والعلويين في سوريا، كونهم يشكلون أيضا أغلبية سكانية في مناطقهم.

 

ـ عدم تذكير شعب جنوب السودان، وشعب دارفور، والشعوب الأمازيغية في شمال أفريقيا, كونهم يشكلون أيضا أغلبية سكانية في مناطقهم.

 

ـ عدم تذكير وجوب اعادة ضم مناطق ازمير، Constantinopel ، أقليم تراقياـ  الى اليونان وبلغاريا، كون تلك المناطق هي أوروبية تاريخية، وليست تركية.

 

وبخصوص موضوع توقف الحلفاء الأوروبيين بالمطالبة بتنفيذ بنود معاهدة سيفر، الخاصة بحقوق الشعب الكوردي ، وبتحرير بقية المناطق الأرمنية واليونانية من السيطرة التركية، يمكن الاطلاع على التالي:

 

فكما هو معلوم، وبعد تشكيل دول عديدة على أنقاض الخلافة العثمانية التورانية, قبل وبعد الحرب العالمية الأولى في البلقان، جنوب غرب قفقاس، وفي الشرق الأوسط، وذلك بمساعدة الحلفاء( بريطانيا، فرنسا، ايطاليا، روسيا القيصرية وغيرها)، رغم ذلك، لم يتمكن الحلفاء من متابعة مسعاهم الكامل, لتحرير مناطق الشعب الكوردي التاريخية المحتلة في تركيا، ولتحرير المناطق الأرمنية واليونانية ـ البلغارية الأوروبية المتبقية تحت الاحتلال التركي أيضا، ذلك رغم فرض الحلفاء على القيادات العثمانية بالتوقيع في معاهدة سيفر سنة 1920 على التنازل عن تلك المناطق أيضا، ومن ثم الغاء ذلك ثانية اثناء ابرام الحلفاء اتفاقية لوزان المشؤومة مع تلك القيادات سنة 1923، وذلك لاسباب عديدة، منها طارئة اضطرارية متعلقة بظهور الاتحاد السوفيتي الشيوعي  آنذاك، والذي بدأ يمتد جنوبا حتى الى جنوب غرب قفقاس أيضا, وتمكنه من عقد علاقات قوية مع القيادات العثمانية, بهدف تشكيل مقاومة مشتركة ضد الحلفاء ومساعيهم المذكورة، وكذلك لكون تلك المناطق الكوردستانية والأرمنية واليونانية ـ البلغارية الأوروبية المتبقية المذكورة, واقعة في نهاية سلسلة المواقع التي كانت تبدأ الحلفاء عبرها بمقاومة العثمانيين, وتداركهم الوقت في اكمال سيرهم نحو تلك المناطق، وخصوصا كان ذلك, وللأسف الشديد, في غياب تعاون الكورد مع الحلفاء، بعكس الأرمن واليونانيين, الذين هبوا بتصميم قوي آنذاك بالتعاون مع الحلفاء ولمقاومة العثمانيين، بل وقد قاوم الكورد وللأسف الأشد, قوات الحلفاء في تركيا، سوريا وفي العراق خلال قدوم واستقرار تلك القوات  في تلك المواقع المحررة، أي كان عمل الكورد ذلك، كعمل الذي يقطع الشجرة من تحت أرجله.

حيث كانت آنذاك، حتى أن بعض القبائل العربية في صحراء الجزيرة العربية،  تتعاون مع الحلفاء في مقاومة العثمانيين، وذلك، لأن بعض خبراء الحلفاء ( أمثال : الانكليزي الملقب ب لورانس العرب ), كانوا قد اتصلوا مسبقا مع تلك القبائل، ليعلموهم ويحضوهم على التعاون معهم من أجل مصالحهم أيضا, كما كان أولئك الخبراء يوضحون لتلك القبائل، بأن الخلفاء العثمانيين لا ينتمون لأهل البيت من قريش، وان مركز الخلافة يجب أن لايكون استنبول، بل يجب ان يكون لدى العرب.

وكذلك نظرا لتحرير الانكليز لمصر مسبقا من النفوذ العثماني، كان خبرائهم يقومون هناك, بتوعية العديد من المثقفين الوافدين من بلاد الشام، وحضهم على تخليص بلادهم من النفوذ العثماني.

حيث كان ذلك صعبا جدا آنذاك، وفي غياب وسائل الاتصال الحديثة، ان يقوم خبراء الحلفاء لأوروبيين بالتواصل مع وجهاء ومثقفي الكورد, بغية توعيتهم قوميا, وحضهم على التعاون معهم في مقاومة العثمانيين، وذلك لبعد المناطق الكوردية من مراكز الاحتكاك والتفاعل مع الحلفاء، ولشدة مركزية الهيمنة التركية ومراقبتها على تلك المناطق، بالمقارنة مع المناطق الغير كوردستانية.

حيث كان, أحيانا فقط بعض خبراء الأرمن واليهود واليونانيين المتواجدين أو المتجاورين بين ومع الكورد، يقومون بصعوبة وبخوف شديد من السلطات العثمانية التركية, بمحاولة توعية الكورد قوميا وتحرريا، لكن ذلك لم يكن يلقى آذانا صاغية بشكل جيد لدى الكورد، وذلك نظرا، كان قد تأثر الكورد ولقرون عديدة بالثقافة والعقلية العربيةـ العثمانيةـ الاسلامية.

وكذلك بدأ الحلفاء يفضلون ويشعرون بأهمية بقاء دول موحدة كبيرة قوية( على شاكلة تركيا وايران الحاليتان) أمام الزحف السوفيتي المستقبلي نحو الشرق الأوسط، بدلا من تفتيت تركيا الى دول ومقاطعات صغيرة، تسهل امكانية خضوعها المستقبلي للنفوذ السوفيتي الشيوعي، وخصوصا كان قد أعلن آنذاك عن مشروع منح النظام السوفيتي نوع من الادارة الذاتية للكورد المقيمين في بعض المناطق المتداخلة بين أرمينيا وآذربيجان( هناك من يقول: بأن تلك المناطق، سميت آنذاك بكوردستان الحمرا، كرمز للشيوعية)، وربما كان النظام السوفيتي، يهدف بذلك، كسب الكورد في الأجزاء الأخرى الرئيسية من كوردستان أيضا، وليصبحوا عاملا مهما لتوسيع نفوذه مستقبلا، وذلك لكون الكورد، وكشعب مضطهد، يشكلون أغلبية كبيرة في مناطق واسعة ممتدة على مسافة كبيرة نسبيا  بجوار الحدود السوفتية ـ الأرمنيةـ الآذرية، وكذلك امتداد وتشعب كوردستان الى داخل كل من تركيا، سوريا، العراق وايران، وبالتالي شكل هذا الاحتمال المستقبلي أيضا هاجسا مخيفا لدى الحلفاء، اذا ما شكلوا دولة خاصة للكورد في كوردستان تركيا، أو لو تمسكوا وطبقوا معاهدة سيفر المذكورة.

وكذلك كون أرمينيا المحررة قد أصبحت أيضا تحت النفوذ السوفيتي بعد ابرام معاهدة سيفر، أي أن تحرير المناطق الأرمنية المتبقية في شمال شرق تركيا وضمها الى أرمينيا الأساسية السوفيتية وفق بنود  تلك المعاهدة، كان ذلك سينصب أيضا وقبل كل شيء في مصلحة السوفييت.

كما ان انهزام القوات اليونانية أمام القوات التركية في مناطق ازمير سنة 1922 ، شكل أيضا يأسا لدى الحلفاء بخصوص ضعف قابلية اليونانيين على الصمود مستقبلا أمام الأتراك في تلك المناطق التي ساعد فيها الحلفاء القوات اليونانية  لتحريرها مسبقا من القوات التركية.

هذه العوامل وغيرها دفعت أخيرا بالحلفاء، بأن يعيدوا النظر بصدد اتفاقية سيفر السابقة، وبالتالي توصلوا الى نتيجة، وهي دعوتهم للسلطة العثمانية التركية الى اتفاقية 1923 لوزان المشؤومة، وتخلوا بموجبها للأتراك عن العديد من البنود المهمة، التي وردت سابقا في  معاهدة سيفر، وخصوصا تلك التي كانت تتعلق بمسألة مصير الشعب الكوردي ومناطقه التاريخية، وكذلك بمسائل المناطق الأرمنية واليونانية المتبقية تحت السيطرة التركية، وذلك مقابل قطع السلطات التركية تحالفاتها وتعاونها مع السوفيت، والوقوف مستقبلا ضد انتشار نفوذه الشيوعي في المنطقة أيضا، والغاء نظام الخلافة الاسلامية، تبديل الأحرف العارامية بالأحرف اللاتينية، قراءة القرآن والشعائر الدينية باللغةالتركية ( وهذا ما أراده بعض القوميين الأتراك أيضا), وتبديل بعض أشكال اللبس، بغية قطع الصلات الثقافية والاجتماعية بين الأتراك والعرب والمسلمين الآخرين بقدر الامكان, وذلك تحسبا لمنع اعادة تشكيل اتحادات سياسية مستقبلية بين الأتراك والعرب وغيرهم من المسلمين ثانية على أسس دينية وثقافية واجتماعية، على شاكلة الخلافة العثمانية الاسلامية السابقة.وكذلك نصت تلك الاتفاقية على اجراء تبادل سكاني بين اليونانيين والأتراك، وقد تم بعد ذلك نقل حوالي مليون ونصف مليون يوناني من تركيا الى اليونان، ونقل حوالي نصف مليون تركي من اليونان الى تركيا أيضا، بالاضافة الى هذا, قد لمح الحلفاء في الاتفاقية أيضا، الى وجوب احترام حقوق الأقليات الاثنية والدينية في تركية.

 

وهكذا تكتفي الحلفاء بتشكيل ذلك التوازن في المنطقة وتزداد وتيرة الصراع بين الغرب الرأسمالي والشرق الاشتراكي الشيوعي، خصوصا في زمن الحرب الباردة السوداء المملة، ويتم تدليل السلطات الشوفينية الدكتاتورية لتلك الدول الناشئة والقديمة المتبقية الغاصبة لكوردستان ولبعض المناطق الأرمنية واليونانيةـ البلغارية الأوروبية، من قبل المعسكرين المذكورين كليهما بسبب طبيعة تلك الحرب.

 

 

ويبدأ الكورد، متأخرين، بالاستيقاظ خلال معمعان ذلك الظرف القاسي، ويقومون رغم العوامل الذاتية والموضوعية الغير مهيئة بالنضال السياسي والمسلح تبعا لطبيعة كل جزء كوردستاني, للمطالبة بحقوقهم القومية والاقتصادية والاجتماعية المشروعة، ويقدمون تضحيات مادية ومعنوية كبيرة جدا، ولكن دون تحقيق مكاسب هامة تذكر.

حيث كان أحيانا قليلة يقوم كل من قطبي المعسكرين ولدوافع صرف تكتيكية عرضية مؤقتة بتقديم بعض الدعم القليل لبعض أطراف حركة التحرر الوطني الكوردستاني ، ولكن سرعان ما كانا يتخليان من ذلك، ومن ثم ليتعرض ثانية الى المزيد من النكسات والتشرد من جراء ذلك ( كما دعم السوفييت قيام جمهورية حكم الذاتي الكوردستاني في بعض مناطق كوردستان الشرقية، ومن تخلي السوفييت السريع عنها وبالتالي سقوطها، وكذلك تقديم USA بعض الدعم عبر ايران الى حركة تحرر الوطني الكورستاني الجنوبي في أوائل أو أواسط السبعينيات ، ومن ثم تخليها السريع آيضا عنها وبالتالي حدوث النكسة والتشرد ).

وهكذا لتعتمد تلك الحركات على الأغلب خلال تلك المرحلة والبعض منها حتى لوقت قريب على السلطات الغاصبة، على أساس تناقضاتها المزعومة، ولم يكن يجلب ذلك سوى الدمار والتشرد والحرمان بشكل أكثر من التطور الاقتصادي والاجتماعي والعلمي, ودون تحقيق مكاسب هامة تذكر .

 

فبعد انتهاء الحرب الباردة تلك, بدأ الغرب الديموكرتي الى حد ما الاهتمام النسبي الاستراتيجي بالقضية الكوردية وخصوصا في الجزء الجنوبي، وذلك بعد أن أيد هذا الغرب, عبر الأمم المتحدة, قرار ايجاد بعض المناطق الآمنة للكورد الجنوبيين المهددين سنة 1991 بعد الهجرة المليونية الدراماتيكية للكورد الجنوبيين آنذاك, وحمايته لهم(بشكل أقوى أمريكا – بريطانيا) حتى تحرير العراق سنة 2003، رغم تكاليف تلك الحماية الباهظة, ورغم معارضة السلطات الغاصبة المجاورة وحتى الغير المجاورة لتلك الحماية، ورغم مقاتلة الأطراف السياسية الكوردستانية YNK , PDK ، PKK لبعضها البعض، وكذلك رغم تعامل البعض من قيادات تلك الأطراف الكوردستانية مع السلطات الغاصبة بشكل يؤذي الشعب الكوردي, وكذلك بشكل  يضر بالاستراتيجية الغربية في المنطقة.

 

حيث أعتبرت تلك السلطات منذ ذلك الحين، بأن ايجاد مناطق آمنة للكورد وحماية الغرب لهم، مخططا غربيا مزعوما للبدء بتجزئة المنطقة.

 

لذلك عمدت السلطات الغاصبة واقربائها من السلطات العربوية النفطية البدوية والاسلامية المتطرفة, ورغم بعض تناقضاتها الجانبية او الشكلية, لتتفق على زيادة وتعزيز معاداة الغرب الديموكرتي وعلى تهديد قوى الحرية والديموكراتية قي المنطقة، ولتولي الى الاهتمام الأكبر بالمجموعات العربوية الاسلامية الارهابية في الشرق الأوسط، في افغانستان، ومع خلاياها المنتشرة في RUS-EU-USA ، في جنوب شرق آسيا، وفي شمال أفريقيا وغيرها,  كما قامت تلك السلطات والمؤسسات الشريرة بتعيين مجموعة انصار الاسلام الارهابية, المؤلفة من العرب والتركمان والأفغان ومن بعض اغبياء من الكورد أيضا، حتى في بعض مناطق نفوذ الكورد الجنوبيين، لتيبن تلك السلطات للغرب، بأن أولئك الكورد الذين، أنت الغرب، تحميهم، هم أيضا يعادونك, خصوصا أن السلطات التركية الخبيرة التقليدية ومنذ سيفر ولوزان، بطريقة محاولة  جعل الكورد  وبرامجهم السياسية قدر الامكان معاديا للغرب، كانت دوما تزود الأنظمة الغاصبة الأخرى بتلك الخبرات، وذلك على أساس أنه مهما ناضل الكورد من أجل حقوقهم دون تأييد الغرب ، فلا يمكن أن ينجحوا في نضالهم تلك، بل سوف يتشردون ويظلون متخلفين اقتصاديا واجتماعيا أكثر وسوف ينصب ذلك في مصلحة السلطات الغاصبة بشكل أكثر .

كما قامت تلك السلطات والمؤسسات عبر جناح اعلامي كبير، مستقل ظاهريا، ليروج وليتباهى بالارهابيين, وليحرض الشارع العربي والتوراني الاسلامي المتطرف بشكل أكثر على معاداة الغرب الديموكرتي، لكي يتم ابعاد التهمة والمسؤولية عن تلك السلطات أمام EU-USA-RUS .

ذلك الجناح الاعلامي، الذي، صعدت تلك السلطات  منذ أوائل وأواسط التسعينات الاهتمام به وتمويله الى درجة كبيرة كبعض الجرائد والصحف المستقلة المزعومة في هذاالاتجاه, في بلدان أوروبيةـأمريكية, وفي مصر, الخليج, تركيا ولبنان … ، وتأسيس تلك السلطات لأقنية تلفزيونية فضائية جديدة مموهة بالاستقلالية الظاهرية, كان ولايزال يتم اختيار ادارات تلك المؤسسات الاعلامية المشبوهة من القومويين العربويين والاسلاميين القومويين التورانيين المتطرفين ، مثل كنال الجزيرةTV القطرية، ومن ثم لاحقا العربيةTV ، ابو ظبيTV وغيرها.

وكذلك صعدت تلك السلطات من اهتمامها وتمويلها للعديد من المغتربين العرب والترك والأفغان وغيرهم من الاسلاميين القومويين المتطرفين ، الذين يعيشون في RUS-EU-USA منذ عقود، كعمال، رجال أعمال، طلبة، جواسيس أرسلوا من قبل تلك السلطات كباحثين أو رجال أعمال، أو كلاجئين مزعومين, هؤلاء الذين اصبحوا يتقنون اللغات الأجنبية ويدركون طرق وكيفية الحركة والتنقل هناك، ليساعدوا وينسقوا بدورهم مع خلايا تلك المجموعات الارهابية الفاعلة على الساحة الدولية، أي لتهيء أولئك السلطات وتوابعها الشريرة المذكورة لجرائمهم الارهابية، ولتشكل معا تهديدا للغرب الديموكرتي، وذلك انتقاما من حمايته للكورد المهددين، ومن مساعيه المباركة على دعم ونشر الحرية والديمكراتية في الشرق الأوسط، زاعمة قوى الشر والهمجية تلك، بان الغرب, ومنذ انتهاء الحرب الباردة, يعمل بحمايته للكورد المهددين، على تجزئة المنطقة.

انطلاقا من ذلك، وعلى أساس، أن تلك السلطات تملك المال والعتاد والمؤسسات العسكرية والأمنية والدبلوماسية، وبامكانها أن تسخر ذلك، للقيام عبر تلك المؤسسات والمجموعات الارهابية, أن تخوف الغرب, وتهديد حضارته، اذا لم يتوقف عن حماية أولئك الكورد المهددين، وكذلك لتقلد تلك السلطات ومؤسساتها والقوى الشريرة، بانها سوف تقوم بفتوحات عربوية تورانية اوسمانلية اسلامية متطرفة جديدة في اسيا والغرب.

فكانت النتيجة الكبيرة لهم، أنهم وصلواالى فعلتهم الهمجية الارهابية في 11.09.2001 في USA .

وفي هذا الاطار، تمكنت حكومات EU-USA-RUS من اثبات ضلوع العديد من تلك السلطات في ذلك المخطط الشرير, ومن بينها, تورط بعض أجهزة السلطات الرسمية السورية أيضا في التواصل مع, وفي توجيه مجموعة القاعدة الارهابية قبل أحداث 11.09.2001 الارهابية.

حيث تم اثبات ذلك التورط, رغم ابداء السلطة السورية بعد تلك الأحداث، استعدادها السريع للحكومة الأمريكية، بالتعاون الأمني معها بخصوص ملاحقة وكشف حركة تلك المجموعات الارهابية، وذلك كالذي يقتل القتيل, وبنفس الوقت يتصنع بالسير مع موكب جنازته ايضا.

فبعد احداث سبتمبر الارهابية، وبعد قيام بعض الأجهزة الألمانية المختصة بالتفتيش والتحقيق لدى بعض الأمكنة المعينة، منها احد المحلات التجارية العائدة لبعض أجهزة الاستخبارات السورية في ولاية شليسفيغ هولتس شتاين الألمانية الشمالية, نشر بعض وسائل الاعلام العالمية مقتطفات سطحية حول بعض مظاهر تعامل الآجهزة الرسمية السورية, عن طريق بعض عناصر الاخوان المسلمين، الذين أحتوتهم تلك الأجهزة, مع بعض العناصر المهمة من خلايا مجموعة القاعدة الارهابية- كخلية هامبورغ- والتي قام البعض من تلك العناصر نفسها بتنفيذ أحداث سبتمبر الارهابية في أمريكا.

حيث كانت السلطات السورية تقصد بذلك الشكل عبر بعض العناصر من الاخوان المسلمين بالتواصل مع مجموعة القاعدة، لكي يتم تمويه التهم الموجهة المتوقعة اليها من قبل EU-USA مستقبلا، بزعم أن السلطة هي بطبيعة الحال معادية للاخوان المسلمين، وبالتالي حسب مخططها الشرير ذلك، سيتم ابعاد التهم والمسؤولية عن نفسها أمام EU-USA ، من ناحية، وكذلك لكي تورط الاخوان المسلمين في العلاقة مع مجموعة القاعدة، وبالتالي لكي تصبح جماعة الاخوان المسلمين كجماعة ارهابية مثل القاعدة لدى رؤية EU-USA ، ولكي لا تعتمد EU-USA مستقبلا على جماعة الاخوان من أجل تغيير ما في سوريا، من ناحية أخرى.

ولكن على العموم، يبدو أن السلطة السورية، قد تورطت بذلك في المساهمة في دعم مجموعة القاعدة الارهابية قبل أحداث سبتمبر 2001 الارهابية في أمريكا.

وقد نشر في بعض وسائل الاعلام العالمية بعد تلك الأحداث، بأن العديد من أعضاء الكونغرس والساسة الأمريكيين، كانوا يطالبون حتى بالهجوم أولا على السلطة السورية, أو على السلطة العراقية, أو على السلطة السعودية, وتجميد المئات من المليارات الدولارات لبعض السلطات والأسر والجمعيات الخليجية النفطية، قبل الهجوم على السلطة الأفغانية, كانتقام على أدوار تلك السلطات في دعم وتوجيه مجموعات القاعدة الارهابية.

 

هكذا وقد زادت ولاتزال تلك السلطات والقوى والمؤسسات من افعالها الهمجية تلك ضد الكورد والقوى الديموكراتية في المنطقة وضد الغرب الديموكراتي، خصوصا بعد تحرير العراق وبعد أن تبين لهم دور وآفاق الوضع الكوردستاني الحالي والمستقبلي في المنطقة ومدى العمل التنسيقي المتبادل الحالي والمستقبلي بين هذا الدور وبين القوى الديموكراتية في المنطقة وبين EU-USA.

 

وكانت النتيجة لتلك المشاريع الهمجية ، تنفيذ العديد من العمليات الارهابية ، من أبرزها في أسبانيا في 2004 وفي العراق الجديد بشكل متواصل وفي لندن في 2005 وغيرها.

 

فمن الأهمية جدا, اذا الانتباه، الى أن أحد الأسباب الرئيسية لتهديد تلك السلطات والقوى والمؤسسات للغرب الديموكرتي، وخصوصا أحداث 11.09.01 الارهابية ومن بعدها والى الآن، هو بسسبب اهتمام الغرب النسبي منذ حمايته للكورد منذ 1991 والى الآن بقضية الشعب الكوردي المضطهد، ويكاد هذا السبب ، هو أكبر حتى من سبب دعم وتعاطف الغرب الديموكراتي لقضية شعب اسرائيل رغم تمتعه بدولته، و المهدد أيضا كالشعب الكوردي والأرمني وكأقسام من الشعب اليوناني وكالشعوب الأماذيغية في شمال أفريقيا وكشعوب جنوب السودان ودارفور والدروذ والآشوريين والأقباط وغيرهم.

وكذلك نظرا لتعاون الكورد المتواضع منذ ذلك الحين في الكوردستان الجنوبية وغيرها مع EU-USA وترحيبهم العلني والصريح بهم بخصوص التفاتهم واهتمامهم بقضايا الحرية والديموقراطية في المنطقة، وكذلك نظرا لنشر واعلان الغالبية العظمى من المثقفين والسياسيين الكورد منذ ذاك وبشكل واضح وعلني مبدئي عبر وسائل الأعلام المتعددة ، بالتعبير عن امتنانهم واستعدادهم لبناء أواصر الصداقة والعلاقات الاستراتيجية المبدئية  بين الكورد المضطهدين وبين EU-USA-RUS لخدمة المصالح المشتركة لهم كافة، وهذا مشروع بالطبع للكورد أيضا، للوصول الى حقوقهم المشروعة ولبناء اسسهم الفوقية والتحتية الديموكراتية ولتأمين الحماية المضمونة لهم مستقبلا بالتعاون مع EU-USA-RUS ، ريثما يتمكن  الكورد من بناء وتهيئة ذاتهم للدفاع عن وجودهم ومصالحهم، واعتقد أن الديموكراتيين الحقيقيين القليلين من العرب والترك والايرانيين أيضا، لا وسوف لا يلومون الكورد المضطهدين على ذلك، أي أن هذه العوامل كلها تثير حفيظة تلك السلطات والقوى والمؤسسات الشوفينية القومية والاسلامية القومية المتطرفة، بأن تهدد الكورد دوما في المنطقة وخارجها.

 

كما أن الغرب الديموكراتي أصبح أيضا بسسبب تلك العوامل على يقين، بأن الكورد سيظلون دوما مهددين أيضا في المنطقة كالاسرائيليين والأرمن وغيرهم من قبل تلك السلطات والقوى والمؤسسات المذكورة سابقا، وبالتالي لابد من ايجاد حل عادل لقضيتهم وحمايتهم لعقود عديدة، والا سوف يتعرضون الى تهديدات كبيرة من أولئك الشوفينيين والاسلاميين المتطرفين

 


اضغط على الصورة للتكبير


اضغط على الصورة للتكبير

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…