بأية شريعة إلهية، يعدم الشاب الكردي إحسان فتاحيان في إيران..؟

  خالص مسور

نعم أعدم هذا الشاب الغيور باسم الإسلام القوموي السياسي والذي بات يشكل الخطر الأكبر على حياة الأبرياء وأصحاب الرأي من المسلمين قبل غيرهم وأكثر من أية جائحة مرضية حدثت خلال تاريخ العالم كله، وقد نصب المتأسلمون في كل مكان أنفسهم قيمون على شرع الله دينه وكأنهم ظلال الله في الأرض، يعدمون ويقتلون ويسلبون باسم الشرائع السماوية والشرائع منهم براء براءة الذئب من دم يعقوب..! ومن المؤسف أن يتحول الإسلام وبحيل سينمائية مكشوفة إلى وسيلة شرعية بأيدي القومويين المتأسلمين ويتحول إلى قميص عثمان، به يكفرون ويعدمون أبطال الحرية والأحرارالذين يتصدون اليوم للظلم وجبروت أحفاد قمبيز المجنون.

وباسم الإسلام يزهقون ارواحاً نهى الإسلام عن زهقها بشدة وعنف، وإذا كنا مسلمين عن حق وحقيقة فيجب ألا نستغل الإسلام في خدمة السياسة والقوموية، فالسياسة كما نعلمه هو لف ودوران ومراوغة إن شئت، بينما ليس للحاكم في الدين الإسلامي إلا العدل والمساواة.


إنه عمل مشين أن تقدم السلطات الإيرانية اليوم على إعدام الشاب الكردي إحسان فتاحيان بشكل مأساوي مرير رغم احتجاجات المنظمات المدنية وحقوق الإنسان في العالم، هذا الشاب الذي رفع صوته صارخاً في وجه قرون من الظلم والاستعباد والمآسي التي خلفها الحكم الإيراني الأوتوقراطي القوموي المغلف بستار ديني للشعوب والأقليات الإيرانية الكثيرة، هذه الأحكام القاسية بحق المدافعين عن الحرية والمظلومين والمحرومين من حق الحياة لايقره الإسلام ولا أي من الأديان والقوانين الوضعية في العالم كله فكيف ندعي الإسلام بعدهذا ياترى..؟.

ويبدو أن الطبقة المتنفذة في إيران قد أصيبت بالهلع والذعر من دوي صرخات الحق الذي نادى به هذا الشاب الأبي والذي لاذنب له سوى أنه أراد أن يعيش حراً كما كل أحرار العالم.

لكن المتنفذين رأوا في جهاده وفي دفاعه عن الحرية تهديداً لمصالحهم الشخصية ولتحكمهم في رقاب البلاد والعباد، وأن ما يجهر به هذا الشاب سوف يفلت من أيديهم خيرات هي أصلاً ليست لهم ولا من حقهم، بل إنها خيرات كردستان التي تعمشقوا فيها كديدان العلق يمصونها في سبيل أهواءاتهم ونزعاتهم الدنيوية وهم يتشدقون بالدين الإسلامي الحنيف ويعملون عكسه.


وما نعلمه أن كل الشرائع السماوية والوضعية تبارك منافحة الظلم والإنعتاق من العبودية وتحقيق إنسانية الإنسان في كل مكان وزمان.

فالكرد يعيشون في حالة من العبودية المزرية تحت سلطة قادة الفرس منذ انهيار الدولة الميدة عام 550 ق.م وإلى اليوم وهم فاقدون لإنسانيتهم لحقوقهم وكرامتهم.

ولهذا نقول ونسأل: بأي حق تم إعدام هذا الفتى الذي أتى في البرية صارخاً في وجه هذا الظلم القمبيزي الأبدي؟ وإلى متى سيعدم هؤلاء الأكراد المساكين بدونما ذنب ارتكبوه في عقر ديارهم وبيوتهم؟.

ألم يخلق الناس سواسية كأسنان المشط كما يرى الإسلام؟  لماذا للآخرين دولة وحريات ولسان وإقتصاد وكرامة، في الوقت الذي حرم منها الكرد منذ ألاف السنين؟ ومتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احراراً أيها المسلمون في إيران؟.

ألا يكون من قتل دون أهله فهو شهيد، ودون عرضه فهو شهيد، ودون ماله فهو شهيد…؟ فأين للكردي اليوم كل هذا..؟ أليست كلها تحت رحمة السلطة الإيرانية التي لاتعترف بحق المساواة إلا إذا تجرد الكردي من جنسيته وأانضم إلى القومية الفارسية.

وقد ذكرني منطق المتنفذين في إيران بمنطق الصحفي العراقي المتنفذ (كمال بياتلي) هذا الصحفي المملوك الذي دعا منذ أيام من تركية إلى وجوب تغيير الأكراد لقوميتهم! فرضي بذلك أن يكون مملوكاً تافهاً لقادة الأتراك لاقيمة له، وقد قال هذا في مقابلة مع فضئية عربية منذ ايام وبالحرف : لماذا الأكراد لايغيرون لغتهم وبتكلمون التركية فهم في كل مكان يتكلمون لغة غير لغتهم..! أي منطق شوفيني حاقد أحمق يصدر من هذا الهمجي وهو يستظل بظلال القرن الواحد والعشرين…؟ وهنا تبادر إلى ذهني حينما سمعت هذا الكلام البياتلي شيئين لا ثالث لهما، أولاً، أن صاحب هذا القول شخص تافه وهو يرجع  بنفسه إلى سلالة المماليك القديمة، أقول هذا لأن هذا القول لايقوله واحد مثله عاش كالكرد تحت الظلم قروناً طوالاً لكنه لم يستح من نفاقه ووضعه المخجل ودونيته.

وثانياً، أنه ذكرني بمنافقي المدينة الذين كانوا يظهرون للرسول(ص) عكس ما يبطنونه حين هجرته إلى المدينة المنورة.

فهو مثلهم ينافق للأتراك ليحظى بقدر من المملوكية عندهم وقد حظي لديهم بالفعل بما أراد.

ومنطقه هذا هو نفس منطق المتنفذين الذين أعدموا الشالب إحسان فتاحيان، فهم يطلبون منه ومن غيره السكوت عن الحق أوتغيير قوميته، وإلا سيكون مصيره ما كان رغم  مخالفة ذلك للشريعة الإسلامية التي تنادي بها إيران جملة وتفصيلاً.

ومرة أخرى نسأل: حسب أية آية أو حديث تم إعدام هذا الشاب الجريء فتاحيان والإسلام يقول: لايحل دم امريء إلا في ثلاث: الثيب الزاني، والقاتل العمد، والتارك لدينه المفارق لجماعته).
فإحسان فتاحيان لم يكن واحداً من هؤلاءن بل كل ذنبه أنه وقف يحتج على المآسي والظلم والحقد،  فكان مصيره الإعدام على أيدي فراعين العصر الذين أعطوا الحق لأنفسهم بإزهاق أرواح الناس البسطاء يطبقون قوانينهم الجائرة بانتقائية وجور، وعلى طريقة إذا سرق فيهم الفقير أقاموا عليه الحد وإذا سرق فيهم الغني تركوه.

فإذا كان حقاً لايطبق الشرع هناك بانتقائية ويطال كل أحد، فالأولى أن يتم بموجبها إعدام الإصلاحيين في إيران، لأن فتاحيان المغدور لم يعمل جزءاً مما فعله مير حسين موسوي أوجماعته الذين شقوا الصفوف وقرعوا الدفوف في وجه النظام الإسلامي في إيران كما يدعون.

فأين أنتم أيها المتنفذون من شرع الله وعدالته؟ ولماذا نصبتم أنفسكم قيمون على شرع الله والدين الإسلامي فطبقتموه على الفقير وتركتم الغني الأثير؟ نعم هكذا باتت حالة الشريعة السمحاء بين أيديكم دعوى جاهلية تقيمون الحد على المظلوم والبريء وتكافؤن الظالم المتجبر.

وفي الختام ما يمكنني قوله هنا هو أن الشاب الكردي إحسان فتاحيان أعدم زوراً وبهتاناً على أيدي قمابيزة العصر(جمع قمبيز) وجلاوذة الهدم والإعدامات ممن امتهنوا قتل الأحرار والمدافعين عن حقوق الشعوب، وممن اغتصبوا المسلمين تحت اسم الشريعة الإسلامية في ظلمات الأقبية والسجون.

لكن ستكون دماء الابرار دوماً مشاعل نور يهتدى بها في دروب الحرية والمجد، ولن تستطيع الآلهة الفراعين الجدد إفناء الأحرار من وجه الأرض لأن هناك سفينة نوح قادمة….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…

كلستان بشير الرسول شهدت مدينة قامشلو، في السادس والعشرين من نيسان 2025، حدثا تاريخيا هاما، وهو انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي الذي انتظره الشعب الكوردي بفارغ الصبر، والذي كان يرى فيه “سفينة النجاة” التي سترسو به إلى برّ الأمان. إن هذا الشعب شعبٌ مضحٍّ ومتفانٍ من أجل قضيته الكردية، وقد عانى من أجلها، ولعقود من الزمن، الكثير الكثير من أصناف الظلم…

إبراهيم اليوسف ما إن بدأ وهج الثورة السورية يخفت، بل ما إن بدأت هذه الثورة تُحرَف، وتُسرق، وتُستخدم أداة لسرقة وطن، حتى تكشّف الخيط الرفيع بين الحلم والانكسار، بين نشيد الكرامة ورصاص التناحر. إذ لم يُجهَض مشروع الدولة فحسب، بل تم وأده تحت ركام الفصائل والرايات المتعددة، التي استبدلت مفردة “الوطن” بـ”الحيّ”، و”الهوية الوطنية” بـ”الطائفة”، و”الشعب” بـ”المكوّن”. لقد تحولت الطائفة…