بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية

  صوت الأكراد *

اجتمعت اللجنة المركزية لحزبنا في أواسط تشرين أول 2009 وتدارست جملة من القضايا السياسية والإعلامية والتنظيمية.

فعلى الصعيد السياسي : رأت اللجنة المركزية اهتماماً متزايداً من قبل المجتمع الدولي بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الشعوب سواء على صعيد الحكومات أو منظمات المجتمع المدني وإن ذلك انعكس إيجاباً على معظم شعوب العالم حيث تساقطت العديد من الأنظمة الديكتاتورية وحلت محلها أنظمة وطنية وديمقراطية وبات رأي الشعوب وصناديق الاقتراع الأساس في تداول السلطة ، وعلى الصعيد الإقليمي رأت ان التغيرات الديمقراطية بدأت تصل إلى المنطقة ، وما تراجع دور الجونتا التركية وترسيخ الديمقراطية وكذلك الاحتجاجات الواسعة النطاق ضد سياسات الرئيس أحمدي نجاد إلا بدايات لتغيير حقيقي في المنطقة والتي لاتزال الحكومات العربية تقاوم بشدة هذه التغيرات حيث أن معظمها تمارس شمولية في الحكم .
وعلى الصعيد الوطني رأت أنه في الوقت الذي تشهد العلاقات السورية العربية بوادر انفراج انطلقت من زيارة الملك عبد الله إلى سوريا وكذلك العلاقات السورية الأردنية وإن كانت ملامح هذا الانفراج لم تتبلور بعد بل لاتزال في الإطار البروتوكولي فإن الأوضاع الداخلية في سوريا تسير في اتجاه معاكس تماماً ، فالمادة الثامنة من الدستور جعلت من إمكانية تحقيق أي هامش ديمقراطي أمراً مستحيلاً ليس على الصعيد الرسمي بل حتى على صعيد منظمات المجتمع المدني لأن المادة الثامنة تقول بصريح العبارة (حزب البعث يقود الدولة والمجتمع) ولأن هذا الحزب لايؤمن بالتعددية السياسية فإن الحياة السياسية في سوريا شبه مصادرة ، الأمر الذي يجعل ممارسة السياسة أمراً محفوفاً بالمخاطر مهما كان العمق والانتماء والأهداف الوطنية ، فالوطنية في نظر السلطات السورية لها مقاسات ومفاهيم مختلفة وبعيدة عن الانتماء الحقيقي للوطن والعمل على خدمته بل تتعلق بمدى خضوع المواطن للسلطة او الولاء لها.
والأحكام العرفية وحالة الطوارئ هي الأساس في تعامل السلطة مع معظم القضايا الوطنية ، وسجون البلاد تعج بالسياسيين المناضلين الشرفاء من أبناء هذا الوطن من مختلف التيارات السياسية والفكرية والقومية منها (تيار إعلان دمشق – وقيادات أحزاب وطنية كردية ، والعديد من مناضلي حزبنا) ، كما أن الأوضاع الاقتصادية في سوريا لا تبشر بالتفاؤل بل إن المواطن السوري يعاني من أزمة اقتصادية حقيقية في ظل تدني مستوى الرواتب والأجور وارتفاع أسعار معظم المواد الاستهلاكية وانتشار البطالة.
أما على الصعيد الكردي فإن هذه الأوضاع تأخذ صورة أكثر قساوة وعنفاً فالقبضة الأمنية تزداد يوماً بعد يوم حتى بات التدخل في كل صغيرة وكبيرة سمة أساسية للتعامل مع أبناء شعبنا ، تدخل قائم على التهديد والقمع والتنكيل والاعتقالات الكيفية وقمع معظم الأنشطة في المناطق الكردية ليست السياسية فحسب بل حتى الثقافية والفولكلورية وحتى الأنشطة الاجتماعية باتت تخضع لمقاسات سياسية وأمنية حيث بات المجتمع الكردي بمجمله رهناً للإرادة الأمنية والتي أطلقت يدها لتعمل ما تشاء دون أية ضوابط ، وباتت الاعتقالات لأبناء شعبنا من سياسيين ومثقفين ومختلف الشرائح أمراً شبه يومي ولأسباب غير مبررة إطلاقاً سوى السعي لإخضاع المجتمع الكردي وتدجينه الأمر الذي ينعكس سلباً على مجمل الأوضاع ، لأن هذا السلوك الأمني السلطوي تجاه أبناء شعبنا لا يؤدي إلى تدجينه بل على زيادة احتقانه وسخطه على السلطة الأمر الذي يوسع الهوة بين المجتمع الكردي والسلطة في البلاد .
وعلى الصعيد الاقتصادي فإن ممارسات السلطة تجاه شعبنا تدعو إلى المزيد من الغرابة (رغم أنه لا شيء غريب في ظل سلطة البعث) ففي الوقت الذي يعتبر الاستقرار الاقتصادي ونهوضه هاجساً أساسياً لجميع دول وحكومات العالم فإن حكومتنا العتيدة تصدر من القرارات والمراسيم التي لا تلحق الضرر بالمناطق الكردية فحسب بل ضرراً بالغاً بالاقتصاد الوطني أيضاً ومع ذلك فإن السلطة لا تتردد بتنفيذ أية مشاريع تؤدي إلى إفقار المناطق الكردية بغية تهجير أبناء شعبنا وتحقيق تغيير ديمغرافي عميق فيها ، والمرسوم /49/ الصادر بتاريخ 10/9/2008 يعتبر معلماً فارقاً في هذا الاتجاه حيث وجه ضربة قاصمة للنشاط الاقتصادي في المناطق الكردية محدثاً خللاً رهيباً في الوضع الاقتصادي في تلك المناطق حيث توقفت تجارة العقارات والأنشطة المتعلقة بها بشكل شبه كامل والتي تشكل أحد الركائز الأساسية للفعاليات الاقتصادية فيها مما قذف بعشرات الآلاف من العمال إلى سوق البطالة وبشكل مفاجئ وليس أبلغ دلالة من سوداوية الصورة الاقتصادية القائمة سوى تلك الهجرة الواسعة النطاق من المناطق الكردية إلى الداخل السوري والتي تقدر بمئات الآلاف خلال سنتين لتشكل حزاماً من الفقر والبطالة حول المدن الكبيرة وما ينطوي على ذلك من مخاطر جمة فالفقر والبطالة قد تشكلان الأساس لاختلالات وطنية نحن بغنى عنها .
وعلى صعيد العلاقات السورية التركية والتعاون الاستراتيجي والمداولات الواضحة للحكومة التركية حول القضية الكردية فإن المنطق يقول إن هذه السياسة يجب أن تنعكس إيجاباً على الوضع السوري وعلى الوضع الكردي الخاص باعتبار القضية الكردية في تركيا تعتبر الأكبر والأكثر أهمية ولكن حتى هذه اللحظة لا توجد أية بوادر تؤكد وتساند هذا المنطلق السياسي فلا تزال كل الأمور على حالها وإن كان لايزال مبكراً الحكم عليها ، وقد يحتاج إلى بعض الوقت .
وعلى الصعيد الكردي : رأت اللجنة المركزية أن كل الظروف الذاتية الوطنية والدولية تدفعنا دفعاً باتجاه بناء تضامن كردي فعال قادر على قيادة الشعب الكردي والدفاع عن مصالحه في ظروف وأوضاع مليئة بالمستجدات ، ومن هذا المنطلق فإن حزبنا ومن خلال الجبهة التي نفتخر بالعمل داخلها طرح مشروع المجلس السياسي كخطوة أساسية وضرورية قادرة على قيادة النضال السياسي للشعب الكردي والتعاطي الفعال مع المستجدات ومن ثم الانتقال منها إلى مشاريع أخرى أكثر شمولية وذلك بالتوافق بين الأطراف الكردية ، ولدى حزبنا الإصرار والعزم لإنجاز هذا المشروع والتعاطي مع كل المشاريع بروح إيجابية ، كما أكدت على تعميق التواصل مع قوى إعلان دمشق وكافة القوى الوطنية الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني الوطنية .
وعلى الصعيد الداخلي : أجرى الرفاق مراجعة شاملة لمجمل الأوضاع الإعلامية والثقافية والتنظيمية وأبدو ارتياحاً لتطور الحزب وتعمق دوره في مختلف المجالات ، ووضعت الخطط والبرامج اللازمة للحفاظ على أداء الحزب ودوره وتطويره من خلال المكاتب الحزبية المختلفة ، كما أكد الرفاق على ضرورة تعميق التواصل مع مختلف شرائح المجتمع الكردي من خلال مكاتب الحزب وتشكيل مختلف اللجان الثقافية والشعبية لمساندة الحزب ولتعزيز دوره ولتحقيق تواصل حقيقي بين الحزب ومختلف شرائح المجتمع الكردي ، تواصل قائم على تسخير كل الطاقات من أجل تطوير المجتمع الكردي وبناء علاقات مدنية فيه تؤهله لتحقيق الاستقرار في المجتمع الكردي وتسخير معظم طاقاته في مواجهة المشاريع الشوفينية التي تحاك ضد ابناء شعبنا وتفعيل آليات العمل المشترك بين الحزب والجماهير الوطنية .
وفي الختام عاهد الرفاق بعضهم البعض على بذل كل الجهود والطاقات من أجل التطور المستمر للحزب سياسياً وإعلامياً وتنظيمياً ومواجهة كل السياسات الشوفينية والإصرار على الدفاع عن قضايا شعبنا مهما كلف ذلك من تضحيات واعتماد البارزانية كنهج في الممارسة والسلوك حتى يتم تأمين الحقوق القومية للشعب الكردي والقائمة على أساس من الاعتراف الدستوري بوجوده كشعب يعيش على أرضه التاريخية .

* عن جريدة صوت الأكراد الجريدة
المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) العدد (419) أيلول 2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

زاكروس عثمان ما كاد الكورد ينتشون بهروب الرئيس السوري السابق بشار الاسد وسقوط نظام حكمه الدكتاتوري، حتى صدموا سريعا بمواقف و تصريحات مسؤولي مختلف اطراف ما كانت تسمى بالمعارضة السورية والتي غالبيتها بشكل او آخر تتبنى الموقف التركي من قضية كوردستان ڕۆژئاڤا و هو الرفض والانكار. السوريون من الدلف إلى المزراب: اذ بعد هيمنة هيئة تحرير الشام على…

شكري بكر لو أردنا أن نخوض نقاشًا مستفيضًا حول الواقع السياسي لحزب العمال الكوردستاني، يمكننا إعطاء صورة حقيقية لكل ما قام ويقوم به الحزب. سنجد أن الأمور معقدة للغاية، ومتورطة في مجموعة من الملفات الدولية والإقليمية والكوردستانية. يمكن تقريب الصورة عبر معركتي كوباني وشنكال، حيث يتضح أن “كل واحد يعمل بأصله”، دون الدخول في تفاصيل وقوع المعركة في مدينة كوباني…

في اللقاء الأول بعد سقوط الاستبداد ، والأخير للعام الجاري ، للجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، تم تناول التطورات السورية ، وماتوصلت اليها اللجان مع الأطراف المعنية حول المؤتمر الكردي السوري الجامع ، والواردة في الاستخلاصات التالية : أولا – تتقدم لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” بالتهاني القلبية الحارة…

بعد مرور إحدى وستِّين سنةً من استبداد نظام البعث والأسدَين: الأبِّ والابن، اجتمعت اليوم مجموعةٌ من المثقَّفين والنّشطاء وممثِّلي الفعاليات المدنيَّة الكرديَّة في مدينة «ڤوبرتال» الألمانيّة، لمناقشة واقع ومستقبل شعبنافي ظلِّ التغيُّرات السياسيّة الكُبرى التي تشهدها سوريا والمنطقة. لقد أكَّد الحاضرون أنَّ المرحلة الحاليَّة تتطلَّب توحيدالصّفوف وتعزيز العمل المشترك، بعيداً عن الخلافات الحزبية الضيِّقة. لقد توافق المجتمعون على ضرورة السّعي…