الحوار مع النظام: حقيقة أم خداع ؟

زيور العمر

ما زلنا في حالة إنتظار و ترقب , لمعرفة متى , كيف و أين , سيجرى الحوار و اللقاء الذي أعلنه حزب يكيتي الكردي في سوريا مع السلطات السورية , بعد أن تم تعليق النشاط الجماهيري في دوار الهلالية في مدينة القامشلي , بمناسبة مرور عام على المرسوم 49 السيء الصيت , و الذكرى السنوية للإحصاء الإستثنائي لعام 1962 .

قيادة الحزب , على لسان سكرتيره و أخرين , أكدوا في البداية أن النشاط الجماهيري , لن يبق معلقاً الى ما لا نهاية , وأن جدية السلطات السورية لا بد و أن تنكشف , و لا يلزم الأمر سوى أربعة أيام , حتى يقرر الحزب المضي في نشاطه في حال تنصلت الدولة عن وعدها , أو الحوار و اللقاء مع قيادة الدولة بهدف مناقشة كيفية و سبل حل المسألة الكردية في سوريا , و عندها لن يكون للنشاط أي داعي يستوجبه.
مرت الأيام الأربعة , و ها نحن ندخل الإسبوع الثالث , و قيادة يكيتي تلتزم الصمت .

هل يعني أن السلطات السورية تنصلت من الوعد الذي أعطته لحزب يكيتي ؟ وإذا كان هذا هو الواقع , و هو ما نتوقعه من سلطة شمولية عنصرية , تمارس كل أشكال و صنوف العداء و الإستعداء بحق الشعب الكردي في سوريا , فلماذا لا يعلن الحزب عن هذه الحقيقة , و لا يصارح الشارع الكردي بصدق و شفافية , عن ما حدث و ما جرى في أروقة الإجتماع الذي ضم قيادته , مع مدير منطقة القامشلي , بعد أن ترفع محافظ الحسكة عن الإجتماع بهم ؟ أسئلة تحاول قيادة يكيتي عدم الرد عليها , و تسعى بكل الوسائل للإلتفاف عليها , من خلال تسريبات غير موثوق بها , مفادها أن لقاءاً سيتم مع مسؤول من الإستخبارات الجوية .
ليس تجنياً على حزب يكيتي , كما يحاول أوساطه إتهامنا , عندما نقول أن أموراً غير طبيعية تحدث في داخله , بسبب قرب مؤتمره السادس .

في البداية عندما أعلن الحزب قيامه بنشاط جماهيري في القامشلي , بعد أن كان مقرراً في دمشق , وحاول الحزب الإستفراد بذلك النشاط .

الحسابات الداخلية كانت السبب الأساسي في القرار .

المصائب التي إنهالت على الحزب من كل صوب وحدب أخل بتوازنه السياسي و الجماهيري , فكان القرار بمثابة محاولة , لتسجيل بعض النقاط في الوقت الضائع , دون أن تكون هنالك أية نية في الأساس لتنظيم النشاط الجماهيري.

السلطات المحلية إستدعت في البداية سكرتير الحزب السابق حسن صالح , و حملته مسؤولية القرار , و لم تستدعي فؤاد عليكو كما كان مفترضاً.

حسن صالح أبدى لتلك السلطات إستغرابه من إستدعاءه دون غيره من القيادة , مع أن القرار اتخذه قيادة الحزب , و ليس هو شخصياً.

في اللقاء الأخر إلتقى  فؤاد و أخرين من قيادة حزبه  , مع مدير المنطقة .

في المساء كان قرار التعليق , و الحديث عن لقاء مع القيادة في دمشق.


قلنا في السابق أن النظام مارس سياسة العصا و الجزرة مع قيادة يكيتي.

العصا في وجه الطرف الذي يدعو الى مواجهة ممارسات و سياسات النظام العدوانية  من خلال الأنشطة الجماهيرية , و الإجتجاجات الصاخبة , و هو الطرف الذي يمثله حسن صالح , على الرغم من ضعفه في المعادلة الداخلية التي تكرست على خلفية الإصطفافات التنظيمية بعد المؤتمر الخامس , و الجزرة مع الجهة التي تعمل وفق قواعد اللعبة السياسية التي رسمها النظام للاحزاب الكردية , و يمثل هذا الإتجاه سكرتير يكيتي و أغلبية أعضاء اللجنة السياسية .

لوحظ منذ أشهر قطيعة بين السكرتير الحالي و السابق .

وما جرى في عشية 12 /10 عمق الخلاف , الى الحد الذي يدور فيه الحديث عن تصفية أخر الجيوب الغاضبة من ما وصلت إليه حالة الحزب من تداعي و إنحدار.


أصاب مدير غرفة غربي كردستان كبد الحقيقة , عندما عنون إحدى الأمسيات النقاشية في غرفته الإنترنتية حول تجمع دوار الهلالية بثلاثة أسئلة جوهرية : هل يخدع النظام السوري الأحزاب الكردية ؟ و هل تخدع الأحزاب الكردية شعبها ؟ و هل النظام جاد في فتح حوار مع الأحزاب الكردية ؟.


26/10/2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…

أزاد فتحي خليل*   لم تكن الثورة السورية مجرّد احتجاج شعبي ضد استبداد عمره عقود، بل كانت انفجاراً سياسياً واجتماعياً لأمة ظلت مقموعة تحت قبضة حكم الفرد الواحد منذ ولادة الدولة الحديثة. فمنذ تأسيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال عام 1946، سُلب القرار من يد الشعب وتحوّلت الدولة إلى حلبة صراع بين الانقلابات والنخب العسكرية، قبل أن يستقر الحكم بيد…

بوتان زيباري   في خضم هذا العصر المضطرب، حيث تتداخل الخطوط بين السيادة والخضوع، وبين الاستقلال والتبعية، تطفو على السطح أسئلة وجودية تُقلب موازين السياسة وتكشف عن تناقضاتها. فهل يمكن لدولة أن تحافظ على قرارها السيادي بين فكي كماشة القوى العظمى؟ وهل تُصنع القرارات في العواصم الصاعدة أم تُفرض من مراكز النفوذ العالمية؟ هذه التساؤلات ليست مجرد تنظير فلسفي،…