حول النداء الذي أطلقه عدد من الكتاب بشأن منهجية الكتابة والحوار

  محمد قاسم
m.qibnjezire@hotmail.com
 
علمت – بعد اتصالي بمطلقي النداء مستفسرا- بان تقصيرا غير مقصود قد حصل، في عملية التواصل مع بعض الموقعين..

ومنهم –أنا – فصدر النداء دون علمهم..

وسوي الأمر بشرح دفعني الى عدم  نشر تنويه –كما فعل كل من السادة: د.سربست نبي، ود.حزني حاجو..

ولكني كنت أتوقع أن ردود أفعال ستصدر –وهذا طبيعي-..

بل من غير الطبيعي ان لا تصدر ردود أفعال..

ومن هذه الردود، المقال الذي كتبه السيد حسن صافو..

والسيدة نارين عمر…مثلا.

ومن المتوقع أن تصدر ردود غير ذلك.
لذا شعرت بان إيضاحات؛ أشرت الى بعضها في تواصلي مع بعض الكتاب..

بات ضروريا..
1-   أشكر الكتاب الذين فكروا بالمبادرة –من منطلق الغيرة على سوية مرتقية من الحوار – كما أقدر.
2-   وجدت التنويه من كل من د.سربست ود.حزني حقا لهم، كما وجدت فيما كتب السيد حسن صافو والسيدة نارين عمر حقا لهما..

بغض النظر عن توافقي مع ما أورداه أو عدم التوافق..

فالمسألة هنا هي مسألة حق التعبير، والنقد دون وصاية سوى وصاية الضمير.
3-   الملاحظات التي أريد الإشارة إليها هي:
·  التأكيد على أن حرية التعبير والنقد لا وصاية لأحد عليها سوى ضمير الكاتب نفسه..

وإطار قانوني صيغ في ظروف ديمقراطية.

وريثما يتم ذلك؛ يبقى الضمير وحده هو الحكم –برأيي-.
 فكلنا يعلم أن هذه المسألة –أو القضية- نوقشت طويلا في الثقافة الأوروبية منذ أكثر من قرنين..

وانتهى النقاش الى ما انتهى إليه من إقرار المسؤولية الفردية..

والجماعية في إطار اختيارات ضمن مناخ ديمقراطي لا زالت شعوبنا تناقش طبيعته ومدى صلاحيته.
ربما يمكن -فقط- استبعاد : الشتائم ..الاتهامات بدون أدلة قاطعة..

التشهير..

تناول الأعراض والمحظورات الشرعية والأخلاقية الشرقية فيما يتعلق  بقضايا الجنس..

تضمين المقالات معلومات خاصة عن أشخاص قد تضر بهم بشكل ما..

التركيز على الكاتب بدلا عن الأفكار التي يطرحها..

وقس على ذلك.
وهذه المعايير واضحة الصياغة والدلالة، ولا أظن أن اختلافا بشأنها سيحصل.

فإن وجد ما يمكن إضافته فإنه سيغني الموضوع بالتأكيد.
· ملاحظة أن جميع الكتاب ليسوا في مستوى واحد ثقافيا ووعيا ونضجا عمريا وتكوينا سيكولوجيا وأخلاقيا… وظروفا مختلفة…الخ.

لذا فلا نتوقع من الجميع أن يكونوا في مستوى واحد من الفهم والفكر والتعبير… فعلينا جميعا -إذا- مراعاة الأمر.
 ويفترض اعتماد المرونة والوضوح والتثبت من الحقائق المعروضة ونسبتها الى مصادرها بأمانة …مع روح تسامح يبقي المسار مفتوحا دائما للتواصل والحوار الإيجابي..

الخ.
بتقديري- يجب تشجيع المحاولات، وإرشاد القائمين بها بما يمكن من ذوي الخبرة ..وممارسة النقد باحتراف حيال الجميع ومنهم المحترفون ..

وتقبل نقد وردود أفعال الآخرين بصدر رحب…
كل ذلك في إطار سعي الى تلمس قواعد؛  نسميها عادة: بالأصول والآداب…، مستفيدين من الخبرة في التجربة الثقافية الأوروبية أساسا ، ومن الموروث الإسلامي الذي يشكل حقبة هامة وطويلة من تاريخ المنطقة بكافة شعوبها..

إضافة الى ما يمكن إضافته من ابتكارات محتملة..
أما لماذا التجربة الأوروبية أساسا؛ فلأنها أقل إشكالية، لاعتمادها الأكثر على المعايير بمنهج علمي موضوعي ومنطقي –وتقدير الحرية الفردية- وقد نختلف –طبعا- مع الكثير من قيم الأوروبيين الاجتماعية..

ولكن الاختلاف في القيم الاجتماعية لا يمنع من الاستفادة من تجاربهم الثرية.
فـ”الحكمة ضالة المؤمن التقطها حيثما وجدها “الحديث.
أما التراث المسمى “إسلامي” فتغلب في الكثير منه، الروح الأيديولوجية  الدينية-الذاتية..وهذا يوجد مشكلة في التفاعل على أساس مشتركات واضحة موضوعيا، بل تعتمد الاجتهادات والإيمان وهما ذاتيان..

في كثير منه.

وقد  يتقصّد البعض عن سبق إصرار تطويع ذلك لما يرغب فيه..-وهذا بالتأكيد –من سوء الخلق وموجود واقعا..بل تكاد تكون أيديولوجية منظمة ومتبناة ومعززة لدى البعض.
إنني أتمنى أن يحسن المنتمون الى الإسلام -ومنهم الكورد-  تنمية روح حوارية تبنى على النضج والمرونة وحسن احترام وتقدير المختلفين–كما كان في بعض مراحل الخلافة العباسية مثلا ؛ بدرجة جيدة وربما ممتازة.

ويمثل قول الشافعي ذلك النهج خير مثال:
“رأيي يحتمل الخطأ ورأي غيري يحتمل الصواب”.
 أو قوله:
” الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”
ويمكن سوق القول الذي تستشهد به أدبيات سياسية كثيرة دائما، و دون التقيد به غالبا –للأسف- وهو قول فولتير الفرنسي:
 “قد أختلف معك في الرأي ولكن يمكنني أن أضحي من اجل تعبيرك عنه”.
·  صيغة النداء –في بعض أجزائها القليلة جدا- توحي بنوع من الوصاية:
(( نهيب بكل صاحب قلم شريف، وكلمة صادقة، وكل صاحب موقع ألكتروني راصد، التحري عن حقيقة وشكل المعلومة قبل نشرها، ومدى جدواها وانعكاساتها، وملامستها للواقع، ومقاربتها للحقيقة، وبالتالي الترفع عن إتّباع أسلوب الإساءة والتجريح أو المهاترة بحق أيّ كان…)).
فهذا الطلب يتطلب وجود من يقيّم الكتابات..

فمنهم هؤلاء القيّمون؟ وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر فيهم؟ وما هي المعايير التي يفترض أن يلتزموا بها..؟ وما هو القانون الذي يحدد ذلك كله..؟!
·  ويوحي النداء في فكرته وتوقيته بأنه يتناغم مع بعض محاولات سابقة من جهات حزبية كردية في الدعوة الى التضييق على حرية التفكير والتعبير والنشر ..

–فضلا عن ما هو معروف من التضييق على طبيعة حرية الفكر والتعبير والنقد في سياسات النظام-
ومن ثم التضييق على روح النقد؛ خاصة إذا طال رموزا حزبية -أو سلطوية عموما- تماهت مع مواقعها القيادية، واستمرأت روح القداسة التي نسجته حول نفسها فلم تعد تستطيع سماع أي نقد -مهما كان متواضعا- بل وكرّست من ذلك ثقافة حزبية انعكست على العلاقات السياسية والثقافية والاجتماعية…!
·  وهذا النداء يوحي في بعض ما يوحي إليه -بلا قصد بالتأكيد- إلى أن الانقسامات السياسية ، وتوتر الأجواء وكأنها من نتائج كتابات الكتاب المتجاوزة..

ناسين أن هذه الأجواء زرعت منذ عام الانقسام الحزبي 1965 وحتى هذه اللحظة كنتيجة للثقافة والممارسة الخاطئة للدور النضالي –الحزبي..والأنانية التي تمسك بها كل الذين ساهموا في هذه الانقسامات ولا يزالون يحولون دون ترميم الحال لدوافع خاصة بهم –مهما كانت..
أما المواقع الالكترونية فلا يتجاوز عمر تداولها في الوسط الثقافي الكردي  سبع سنوات ..!
فكيف كانت الأجواء السياسية قبل ذلك..؟!
 فلننتبه الى عدم الوقوع في مغالطة يسعى البعض الى قلبها حقيقة -عن قصد- من اتجاهات مختلفة ..لتبرير ما نسجته أيديهم.

ولقد دعت بعض هذه الأحزاب –وبعناد- للتضييق على كتاب المواقع بحجج مختلفة منها، الأسماء المستعارة..

كمقدمة يمكن البدء بها للانتقال فيما بعد الى حجج أخرى..بدلا من الدعوة الى الارتقاء بأسلوب الكتابة والتأكيد على ذلك -وهو ما لا يختلف عليه احد أبدا-
ولذا فقد يحوك بعضهم قصصا حول النداء والكتاب الموقعين..

من مثل هذا المنطلق..

وقد يكون بعضهم ممن ارتهن -بطريقة أو أخرى لهذه الجهة أو تلك- للتأثير السلبي على سمعة الكتاب والمثقفين الكورد.

أو ربما -في حالات- يُبدون رأيا يختلف ولكنه يمثل رؤيتهم،  ولهم الحق ..ويفترض ان ينجلي الحوار المواظب والمرتقي؛ عن الحقائق ومن ثم تأثيراتها ..

وفق خصائص منطقية-علمية..
لذا أقترح على مطلقي النداء والموقعين عن قرب أو الذين وضعت أسماؤهم بحسن نية من قبل أصدقاء لهم وكل الكتاب من أي مشرب كان..

أن يساهموا في مناقشة النداء ..والأفكار الواردة فيه بروح المسؤولية الأدبية والأخلاقية والعلمية والمنطقية..

ليصبح محورا لحوار ثقافي يحاول أن يؤسس لأرضية مشتركة نسيجها من المعايير والمفاهيم التي تكوّن الإطار الملائم لعمليات الحوار الواعي والديمقراطي ، والذي يتعايش فيه الاختلاف ..في إطار العام المشترك-دينا كان أم قومية أم وطنا أم رحابا إنسانية وكونية…الخ.

ولي آمل أن يشارك المثقفون من الكورد ومن غير الكورد أيضا في تلمس منهج حواري نظري يمكنه أن يؤسس لممارسة عملية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…