يكيتي .. مواقف جريئة وقراءات مثيرة

 إبراهيم مصطفى ( كابان )

– يكيتي لم تفشل كما يروج البعض ..

ربما تكون بوابة للحوار مع السلطة ، كما كانت بوابة للنضال الميداني السلمي في وجه السلطة .
– الحوار ممكن في ظل التطورات الجديدة التي أظهرت في الأفق ، وبوابة دمشق هي طريق الصحيح للحركة الكوردية إذا ما أرادت حلاً للقضية الكوردية بشكل ديمقراطي وسلمي ..

شريطة أن تتمسك هذه الحركة بثوابت شعبنا وحقوقه المشروعة .

– فهذه يكيتي كما الأمس ..

وإذا كان لدى البعض الأفضل فليتفضل بتقديمها إلى الشارع الكوردي ..

وليقود دفة الجماهير إلى ميادين النضال العملي ..

ولا يتحدث إلينا من خلف رقوده الصامت عن بطولات ورقية .
كي لا نسبق الأحداث يوجب علينا الالتزام بمعايير التحليل العلمي والنقد الواقعي البناء والبعيد عن لغة المواقف المسبقة ، وأنا هنا لا أتعامل مع التحليل بالعواطف والأمنيات ..

التي من الطبيعي سيجرف بنا إلى إسقاط الحابل بالنابل ، وسينتهي الكلام بنا إلى توجيه الاتهامات الظالمة ورميها بهتاناً .

فالأزمة انخفضت حدتها في ثلاثة أيام مضت بحكم تداولها المكثف في الشارع الكوردي وإعلامه ، ودلو الجميع بدلوهم ، فرمى البعض اتهماتهم لغايات في نفوسهم ..

ودافع البعض الآخر بأرتباك وخجل ، مما دفعني الحال إلى أن انتظر ..

وكان ينبغي أن أتريث حتى اللحظة كي ينتهي الجميع من قراءاتهم المتنوعة ..

كي يتسنى لي تحليل ما حدث بعقلانية بعيداً عن التأثيرات الجانبية التي لا بد منها لطالما أن غالبية محللينا الكورد يتفننون في قراءة المشهد حسب انتماءاتهم الفكرية والحزبية بعيداً عن المفاهيم الموضوعية للتحليل المبني على الضمير والأجدان والإحساس بالغيرة على الوضع الكوردي الذي تهز لها الأبدان والقشعريرة ، وكان ينبغي أن أدع النقاط على الحروف ..

التزاماً مني بمعايير التحليل الموضوعي ، وحتى لا يتخذ البعض ما سأحلله محمل الهجوم أو الدفاع ، وسأورد هنا بعض مقتطفات تحليلية ربما تكون غير مركبة على شكل مقال موحد وإنما سأحاول أن أسلط الضوء على جميع الجوانب التي أراها مناسبة لسردها هنا .
– أن المدرك الحقيقي لما حدث لا بد له أن يعلم أن مجموعة مواقف وقرارات الصادرة عن من يقود دفة حزب يكيتي في الداخل حول المظاهرة المفترضة أثار لدى المراقبين للشأن السياسي الكوردي الكثير من التساؤلات ، وأن كان التفاوت سيد الموقف بين جميع التصريحات الرسمية والمواقف الشخصية التي أعقبت الإعلان عن عمل الميداني الذي تبنته يكيتي وكان من المفترض القيام به في 12- 10ومن ثم علق قيامه بهذه المظاهرة لأسباب باتت معروفة لدى الجميع كما جاء في بيان يكيتي ، مما زاد حدة الموقف تعقيداً وإثارة ، وقد أعتقد ممن أراد وتمنى أن يخفق يكيتي في هذا اليوم أن ما حدث بمثابة طامة كبرى لضرب يكيتي ، فزفوا بما لديهم من مكايد وكلام مبطن ومفعم والأخذ بالجوانب السلبية لما حدث تاركين ورائهم بقصد أو بدون الجوانب الإيجابية الطاغية على الموقف والحدث ، فيما وقع المدافع عن موقف يكيتي هو الآخر في فخ التأثير الإعلامي وأصبح هو أيضاً يسأل ما حدث ..!؟
لا بد أن ما أعلنه يكيتي عن مظاهرته ومن ثم التراجع عنه بشكل دراماتيكي أثار في الأذهان الاستغراب والدهشة وأخلف صدى كبير في الوسط الكوردي ، ولكن برأي أن يكيتي عرف التعامل مع الموقف بشكل صحيح رغم الانتقادات التي تلقاه وإن كانت قراءة من يقود دفة يكيتي للحدث منقوصة إذا ما نظرنا إلى الحدث من كل اتجاهاته ، وإجمالاً المعطيات التي افرزتها الحدث كان مهماً جداً على المستوى الكوردي ، فحديث التحاور السلطة مع التنظيمات الكوردية ضربٌ من الخيال ولكن الواقع يتنبأ لنا بوجود أرضية مناسبة للحوار وهذا ما دفع بالشارع السوري إلأى الاستغراب فأزداد الحدث إثارة وتشويقاً .
فجميع النضالات التي قامت بها يكيتي قبل وبعد تشكيل لجنة التنسيق كانت المغزى منها إيصال رسائل  إلى السلطة حتى تقبل بالتحاور مع الطرف الكوردي المتمثل بالحركة السياسية ، فهل ترفض يكيتي هذا التحاور الذي أبداه السلطة من خلال سلطاته في قامشلو ..؟  فأنا شخصياً لا أستغرب إذا ما حاولت السلطة في هذه الفترة التقارب من الطرف الكوردي على الأقل من قبيل المعرفة وذلك عبر أكبر تنظيمات الحركة الكوردية وأنشطها لأعمال الاحتجاجية ، مع التذكير والتأكيد أن أي حوار قد يحصل سيكون على مقياس السلطة التي ستفرض شروطها .

ولكن ما يدفع إلى الدهشة والاستغراب هو أن هناك من يرفض الحوار مع السلطة جملة وتفصيلاً ولا أدري لماذا ، وهم قريبون مني وأنا على مقربة منهم ..

فأسألهم : هل لنا حقاً في سورية أم في كمبوديا ..

وهل مشكلتنا مع السلطة السورية التي لا تعترف بنا وتطبق بحقنا المشاريع العنصرية أم مع اندونيسيا ..! فإذا كانت السلطة ترفض سابقاً الحوار فاليوم تشير البوصلة السياسية إلى معطيات جديدة أفرزته الأحداث وأصبحت الظروف تفرض نفسها على المشهد ، فسوريا مضطرة اليوم فعل ما يتطلب منها إذا ما أرادت توقيع الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ، وسوريا مطلوبة اليوم إجراء إصلاحات داخلية وخاصة الانفتاح على الطرف الكوردي لطالما توقع الاتفاقيات الإستراتيجية مع تركيا التي ترفع هذه الأوقات لواء الإصلاحات وحل القضية الكوردية ..؟
– لأول مرة أنا أشاهد وأقرأ تصريحاً لتنظيم كوردي بحجم يكيتي قرر النزول إلى الشارع للقيام بعمل ميداني ومن ثم علقه بعد أن طلب منه السلطة الحوار المباشر ، وأعتقد أن الحدث صحي جداً والأجواء ملائمة لإجراء أي تقارب من قبل النظام مع الحركة السياسية الكوردية ..

إذا ما كان النظام جاداً في إيجاد بعض الحلول للمواطن الكوردي ، في المقابل يتطلب من الطرف الكوردي كيفية التعامل مع الحدث بشكل عقلاني بعيداً عن العواطف ، وضرورة  التفاعل مع الحدث ، والبدء بترميم البيت الكوردي المتشرذم ، لأن أي تقارب للحل منوط بوحدة الصف الكوردي ، وأنا هنا أناشد الأخوة في يكيتي بضرورة الرجوع إلى العمق الكوردي ومناقشة الحدث بشكل جماعي حتى يتسنى للجميع إدارة الحدث بجدية وعقلانية .
نعم أنا أأيد موقف يكيتي في فتح الحوار مع السلطة إذا كانت السلطة جادة ، فهذه سلطة هذه البلاد ، وحل قضيتنا تنطلق من دمشق وليس من الصين ، وإذا كان السلطة تود فتح قناة للحوار والاستماع إلى أحزابنا فأهلاً بتلك المبادرة الصحيحة التي بدأت متطلبات المرحلة تفرض نفسها على السلطة للقبول بالحوار .


وعلينا ككورد قراءة المشهد السياسي بشكل الصحيح لأن النظام يقرأه ولديه حساباته الخاصة ..

ودائماً تكون حسابات النظام في الصواب لمصلحة النظام ..

أما حسابات حركتنا السياسية فتنتهي بالسلبيات ..

لأن النظام في موقع القوى ..

والحركة الكوردية في موقع الضعف ..

والقراءات السياسية الكوردية تكون منقوصة في ظل التشرذم والصراعات الشخصية .


– لا بد ان للتراكم الذي افرزته الخلافات الحزبية طيلة مناقشاتها حول كيفية التعامل مع المناسبات الأليمة الكثيرة منذً 12 آذار المنصرم  وحتى الإحصاء هو أحد أسباب ودوافع الأساسية لخلق شرخ جديد المؤدي إلى اتخاذ قرارات فردية ، ولعل ما قام به يكيتي إحدى مفرزات تلك الخلافات التي تبلورت داخل الفصائل القريبة من بعضها والجارية بينها حوار حول تشكيل (المجلس) ، فأنا برأي أن يكيتي وقع في ذاك الفخ الذي كان من المفترض لدى من يقودها قراءة الموقف بشكل صحيح والتعلم من الدروس السابقة ..

وإن زمن النضالات الفردية قد أنتهى بحكم التغيرات التي حصلت في الداخل السوري والشارع الكوردي الذي طبق بحقه جملة من المشاريع الجديدة التي استنزفت قدراته وجرده من كل ما يملك من مقومات الحياة الضرورية ، كما كان ينبغي على يكيتي فهم تراجع النظام عن كافة الوعود بالإنفتاح على الشعب السوري والقضية الكوردية لينطلق من قاعدة العمل الجماعي الذي سيكون مثمراً .


فيكيتي عندما بدأ بأول نضالاته السلمية في الشارع كان الشارع الكوردي آنذاك بحكم الصمت والسُباتية المقيتة التي ابداه الحركة الكوردية بحاجة ماسة إلى من يحركه ويشعل فيه لبنة النضال العملي ، وقد استطاع من كان يدير دفة  يكيتي قراءة المشهد  بشكل صحيح ، واستثمار الظروف المواتية التي اجتاحت بالمنطقة ، فيما كانت جموع الحركة الكوردية لا تريد أن تتطور بأي شكل من الأشكال لخوض النضال الحقيقي في الشارع بل ساهمت في اسقاط جميع نضالات يكيتي المتمثلة بمشروعها العملي الميداني ، والجدير بالذكر أن غالبية تنظيماتنا كانت تتهم يكيتي بالأعمال التخريبية والمغامرات الدونكيشوتية ، فيما كان قراءة يكيتي سليمة وصحيحة ..

كانت جميع قراءات النظيمات الكوردية فاشلة وغير مجدية بسب اتخاذها الأساليب الحزبية الكلاسيكية التي اخفقت كافة المشاريع الوحدوية .


– وما حصل مؤخراً من إعلانها لعمل نضالي جديد بالطريقة الكلاسيكية فيما كان الأرضية جاهزة لقيام البعض الآخر بمشاركة يكيتي في أي عمل نضالي ( تيار المستقبل نموذجاً ) ولكن يكيتي لم تقرأ المشهد بشكل جيد وأختار أن يكون البطل الوحيد من جديد في زمن يحتاج فيها صناعة البطولة إلى العمل الجماعي المشترك ، ولعل التسابق الغير سليم والكائن في أركان حركتنا السياسية هي من قاد يكيتي إلى هذه النتيجة وأفرزت الكثير من المعطيات الجديدة والغير محسوبة لدى الكثير  ممن يعتقدون باغتنامهم الفرصة فيما الفرصة لا تغتنم بالشكل الذي يعتقدون اغتنامه .
فغالبية أطراف حركتنا السياسية الكوردية الكثيرة الأسماء والشعارات وقليلة العمل والفعل أعلنت ركودها كلياً منذُ عقود مضت ، والبعض الذين أدعّوا بقيادتهم دفة النضال الميداني في الأمس القريب تراجعوا عن مواقفهم ، ولا يمكن استنهاضهم بعمل على شاكلة ما كان سيقوم بها يكيتي غير محسوب عواقبه في ظروف حالكة ومليئة بالعواقب .
      ولكننا نسأل : إذا ما كانت الظروف غير متاحة والأرضية غير جاهزة لأي عمل نضالي فهل نصمت وننتظر ..؟ طبعاً لا .

كان ينبغي فعل شيء ما ..

وقد فعلها يكيتي بجرأة ..

وتحملت مسؤولية ذلك ..

وانتهى تلك الصاعقة بصاعقة أكبر ..

ألا وهي التحاور مع السلطة ، فيكيتي هذا الحزب الكبير والقدير الذي قام بعشرات النضالات الميدانية في زمن لم يكن باقي التنظيمات الكوردية تستطيع الهرولة في مكانها ، بإمكانها إدارة الحدث بقوة وجرأة والمضي قدماً في قيادة دفة النضال العملي مع التأكيد ضرورة التزامها بمعايير العمل الجماعي .
أما بنسبة لردة فعل شارعنا الكوردي وفي مقدمتهم النخبة السياسية المثقفة ..

إنك حينما تقدم لهم 49 تضحية وتخفق في واحدة يتركون جميع تلك التضحيات الإيجابية ويتمسكون بالضحية السلبية الواحدة ..

ويتشاطرون في إطلاق الاتهامات دون وعي وإدراك .


فهنياً لكم أيها الأصدقاء في يكيتي ..

فتحيا تحالفنا تحت سقف لجنة التنسيق ..

وطريقنا ونضالنا واحد ..

وقراراتنا مشتركة ..

لأجل تحقيق مطالب شعبنا المشروعة في سوريا لجميع السوريين .


2009-10-16
إبراهيم مصطفى ( كابان )
عضو مكتب الإعلام في تيار المستقبل الكوردي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…