هل تبقى الأحزاب الكردية السورية في الانتظار ما دامت خلافاتها بلا حل؟

فيصل يوسف

عديدة هي المشاريع التي طرحت، ولما تزل تطرح، بل ولا يزال النقاش حولها مستمراً، من أجل البحث عن مخرج لتوحيد الخطاب السياسي الكردي في سوريا، عبر الاتفاق على إطار تنظيمي، وبرنامج سياسي، لكنها لم تتمخض حتى الآن،عن تشكيل إطار ديمقراطي جامع للأحزاب والفعاليات الكردية، تفسح المجال للتعددية الفكرية، وتوحد الإرادة والعمل، نحو إيجاد حل ديمقراطي عادل  للقضية الكردية في سوريا، والمساهمة في النضال الوطني الديمقراطي العام ، بل على العكس من ذلك، فكلما التأم شمل هنا، أصابه تفرق هناك…..؟!
لقد تبنت معظم الأحزاب الكردية في سوريا، خيار السعي لوضع  حدٍ لحالة الانقسام الحزبي الكردي، ولاشك أنه توجه سليم، وصحيح، ومن الوسائل الأخلاقية النبيلة و المسوغة، نضالياً،  وأمر حسن، إن تم التنازل عن مصالح حزبية معينة، من أجل تحقيقها، لكن السعي في هذا المنحى- أفضى- وكأن هذه المهمة، يجب أن تبقى  صاحبة الأولوية،  دون غيرها، من مشاغل، واهتمامات، ونضالات خيارى هذا الشعب، وأن يعطى لها حيزاً واسعاً من المناقشات، والآراء والجدال، في اللقاءات الجماهيرية، والحزبية، و بات هذا الموضوع الشغل الشاغل لجميعهم، في حلهم وترحالهم، في المنازل، وأماكن العمل، في السهرات، والاجتماعات، والسؤال الذي يطغي على الأسئلة الجوهرية الكثيرة، المرتبطة بواقع الحال الكردي، المأسوي، و ما الذي يجب عمله من اجل الدفاع عن الكرد وحقوقهم القومية المشروعة، وعلى قدر الإمكانات المتاحة لدى كل حزب.
إن الاقتصار على النشاط الحزبي المعتاد من جانب القوى السياسية والفعاليات الكردية المختلفة، لم يعد كافيا ، فهي مدعوة لتوسيع مجالات نضالها الديمقراطي السلمي ، وتعدد خياراتها، وزيادة طاقات عملها، وعدم الركون للانتظار لحين استكمال بناء الإطار، الذي يجمعهم ، أو لأي سبب آخر، وتفعيل الإمكانات المتوفرة لدى كل حزب.
  ثمة جوانب عديدة: ثقافية، وإعلامية، وحقوقية، واجتماعية، وغيرها….

يمكن العمل من خلالها، عبر تأسيس المنظمات المختصة في كل منها، وإشراك أصحاب الخبرة، والأهلية في هيئاتها الإدارية، وتوجيه أنشطتها نحو الساحة الوطنية، تحت عنوان بارز هو : تحقيق شراكة الكرد في الوطن السوري ، وإزالة المظالم التي تمارس بحقهم، والاعتراف بثقافتهم  القومية، وإزالة الشكوك السلبية العالقة بأذهان البعض في الوطن حول حقيقة مطالبهم، وطبيعة وجودهم في البلاد، والاستفادة من تجربة منظمات حقوق الإنسان، التي تعمل على فضح الانتهاكات التي ترتكب بحقوق المواطن، وبإمكانات متواضعة، حيث أثبتت وجودها، ومشروعيتها، رغم كل الظروف المانعة  أمامها في البلاد، بل إن بعض هذه المنظمات و اللجان، قد قام بأعمال مفيدة جداً، في هذه الشأن .
وهنا، فإن الكثرة من هذه الهيئات، والمنظمات،وتشكيل الوفود المطلبية، لإسناد القضايا العادلة للجماهير، في المناطق والعاصمة ليست سلبية، بل ستساهم  في إحياء الحراك الاجتماعي، وتخفيف العبء على النشاط الحزبي، وستكون ذات مردود إيجابي، لأنها خطوة مهمة، لتجاوز الركود الحالي في الحراك الاجتماعي والسياسي ، والذي يتجلى في عدم الاهتمام بالشأن الوطني العام، من جانب شرائح واسعة من المجتمع ولاسيما جيل الشباب منهم ، وهي تشكل عنصراً أساسيا في صلب الأعمال التي يجب على القوى الحزبية القيام بها ، ومجالا للتباري والتنافس فيما بينها، كي تستمد مشروعيتها الحزبية، بالأعمال الملموسة الايجابية، المرتبطة بمصالح الناس، وتطلعاتهم، وليس وفق المثل الشعبي الدارج “مافي حدا أحسن من حدا ” وبعيداً عن ذهنية المهاترات والصراعات العقيمة، والتناحر، وإلهاء الشارع الكردي, وتوجيه أنظاره، إلى غير وجهته، الأساسية، بغية التشبث بالهيكل الحزبي، وخلق المسوغات، لوجوده…..

!!؟   .
إن تأسيس، ما هو غير موجود  من الهيئات المذكورة، وتفعيل أدوار ما هو موجود منها، بدعم  من حزب ، أو أكثر، سيصب في هدف إحياء وتفعيل المجتمع المدني، في شطره الكردي السوري، ويعيد الحيوية للنضال السلمي الديمقراطي الكردي، و يحفظ للكرد موقعهم في بلورة أي مشروع وطني، يحقق للشعب السوري المزيد من الحريات، والحقوق، وسيادة القانون، وبناء دولة الحق، و يقيناً، فإن المجتمع القوي هو القادر على الدفاع عن نفسه، في أكثر من مجال، وعلى أن يتم في السياق نفسه، السعي الدؤوب،  لتحقيق ما يتفق عليه، من مطالب قومية، ممكنة التحقيق،  ضمن سقف الوطن الواحد.

ولابد من التأكيد على القول بان ماذكرته هنا هو مجرد وجهة نظر متواضعة- من موقع المساهمة، في إبداء الرأي، حول قضية تخصنا جميعا، باعتبارنا شركاء في تحمل مسؤوليتها،  بعيدا عن الوصائية، والموعظة،- ليس إلا ….

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…