
سؤال 1 : أهلاً وسهلاً بكم في منبرنا – جريدة آزادي – بدايةً حبّذا لو تكرّمتم بنبذةٍ موجزة عن شخصية ( بشار أمين ), الاجتماعية والسياسية.؟
وعلى العموم ، أرى اليوم أن العمل السياسي (ولا أقول بالضرورة الحزبي) هو مثابة الزاد اليومي للإنسان السوري بشكل عام والكردي بشكل خاص ويكاد – برأيي – يكون “فرض عين ” على هذا الأخير، ذلك لما يعانيه السوري من وطأة الاستبداد واحتكاره للثروة والسلطة وممارسته للقمع والتعسف ، أما الكردي فإنه يعاني الأمّرين ، مرة إسوة بكل السوريين ، وأخرى مرارة معاناته ككردي وحرمانه من أبسط حقوقه القومية ، إلى جانب المشاريع والقوانين العنصرية وسياسة التعريب التي تطال مختلف مجالاته الحياتية والتي تطبق بحقه لعقود خلت ، تلك التي تستمد من الدراسة السيئة الصيت لضابط الأمن المدعو محمد طلب هلال ، لدرجة غدت ( هذه الدراسة ) مثابة منهج عمل للأنظمة والحكومات المتعاقبة على دست السلطة في سوريا منذ مطلع ستينيات القرن الماضي وحتى الآن ..
الجواب : أرى أن الوضع الدولي يتسم بمعادلة “الثابت والمتحول” هناك ثبات على نهج التغيير المستمر الذي أخذ شكل شبه مشروع كوني دائم ، وثبات على مبدأ التوافق الدولي ولاسيما بين الدول الصناعية الثمانية ومعها بقية دول الاتحاد الأوربي وهيئة الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وكل قوى الحرية والديمقراطية في العالم ، والثابت بنتيجة هذا التوافق هو الاهتمام بالقضايا ذات الشأن المشترك مثال الأزمة المالية والاقتصادية الدولية ، الحد من الرؤوس النووية بين أقطاب المجتمع الدولي ، مكافحة أسلحة الدمار الشامل بكل أنواعها ، محاربة الإرهاب بكل أشكاله ومسمياته ، محاربة الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية ، مناصرة الشعوب وحقوق الإنسان في كل مكان ، العمل من أجل تنمية القدرات البشرية والموارد الاقتصادية ، بناء الحياة السياسية وفق المبادئ الديمقراطية ..الخ ، أما المتحول فهو أسلوب التعاطي مع جهة ما أو لحالة خاصة أو ظرف موضوعي مختلف ، بمعنى أن الأسلوب هو المتبدل بحسب الحالة السياسية وبحسب الظرف وبحسب كل منطقة ، فقد حصل التغيير في الاتحاد السوفيتي السابق من داخل مؤسسات النظام ومن داخل مؤسسات الحزب الحاكم , وقد حصل في دول أوربا الشرقية تحت ضغط شعوبها ، وحصل في أفغانستان والعراق بمواجهة عسكرية وتدخل خارجي مباشر، وقد يحصل اليوم في إيران من داخل مؤسسات النظام الحاكم ..الخ
أما السياسة الأمريكية ومنها الراهنة فهي الأخرى – برأيي – تأتي في ثباتها من جزء هام ومتقدم من عموم الوضع الدولي ، وهي بالتالي دولة المؤسسات وليست دولة أمزجة وأهواء الأفراد ، والخطوط العريضة للإستراتيجية الأمريكية واضحة لمن يقودها ، وتطرأ عليها التعديلات اللازمة – كما نعلم – قبيل كل انتخابات جديدة وعبر تلك المؤسسات ، أما المتغير فهو في أسلوب العمل والتعاطي السياسي ، ولئن بدا أن الرئيس المنتخب باراك أوباما يميل إلى الحوار والعمل السلمي بدل أسلوب المواجهة العسكرية فهذا لا يعني بأي حال تخليه النهائي عن ذاك الأسلوب والعودة إلى تقرير بيكر- هاملتون ، أو مهادنة الإرهاب والأنظمة الدكتاتورية ، لاسيما وأنه قد أبقى على القوة العسكرية في كل من العراق وأفغانستان بل وعززها في هذه الأخيرة ، كما تم بموافقته تمديد بقاء قوات اليونيفيل لمدة سنة أخرى في الساحل اللبناني ، ومن المحتمل أن ينقل الدرع الصاروخي إلى كل من تركيا وإسرائيل بحجة الخطر الإيراني ، وفي هذا دليل واضح على أن خيار القوة ما يزال قائما ، بل يزداد ضرورة إذا لم يكن الخيار السلمي مجديا ..
أما عن مدى الانعكاسات الايجابية لتلك السياسة على القضية الكردية ، فلا شك أن السياسة الأمريكية بحكم دورها الريادي في السياسة الدولية بشكل عام والتي لها تأثيرها المباشر في معظم الأحوال على مختلف القضايا ومن بينها القضية الكردية التي هي الأخرى أخذت تحقق تقدما ملموسا وخط بياني في تصاعد ، بحكم عاملين أساسيين الأول النضال المتواصل للشعب الكردي ولحركته السياسية، والثاني استفادته من الظروف السياسية والمتغيرات التي حصلت في العالم والمنطقة ، سواء في العراق أو في تركيا اليوم وإلى حد ما في إيران وحتى في سوريا مستقبلا ..
ما دلالات تلك الحالة برأيكم, وإلام ستؤدي ؟, وكيف ستنعكس على وضع شعبنا الكوردي في شرق كوردستان (إيران )؟..وكيف تقيّمون الوضع في العراق الفيدرالي عامةً, والوضع في جنوب كوردستان خاصةً, ولا سيما بعد نجاح العملية الانتخابية الديمقراطية والحرّة الرئاسية والتشريعية هناك, والتي تمخّضت عن فوز إرادة شعب كوردستان و إعادة انتخاب الرئيس المناضل الأخ مسعود البارزاني ؟
الجواب : الواقع أن الوضع الإقليمي مرتبط بشكل أو بآخر بالوضع الدولي والتأثير متبادل، ويتأرجح الوضع الإقليمي بين المد والجزر باستمرار ، وقد جاء الانفراج النسبي مباشرة عقب التأزم الشديد من ضغوط دولية تجاه المنطقة وتشكيل المحكمة الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحرير ..الخ ، وظهر هذا الانفراج بوضوح بعد اتفاق دوحة في دولة قطر بخصوص لبنان ، وبالتزامن مع الإعلان عن وساطة تركية لمفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل وبروز الدور الفرنسي في المنطقة ..
الخ ، وبالفعل ما حصل كان مبعث ارتياح لدى شعوب المنطقة ، وقد احتلت قضية السلام بين العرب وإسرائيل مقدمة اهتمامات الجانب الدولي ذلك لما لها من أهمية في تشكيل دور أساسي لحل عموم معضلات المنطقة ، وقد تأزم الوضع من جديد ، نتجت عنه الحرب الطاحنة على غزة ، ذلك مؤشر واضح على أن هناك قوى متضررة من وضع الحلول لمشاكل المنطقة منها الاتجاهات السياسية المتزمتة وتلك المتعصبة دينيا في الجانب الإسرائيلي ، وأخرى القوى المتطرفة في مواجهة إسرائيل ومن يسندها إقليميا في الجانب الآخر وفي المقدمة منها إيران التي تطلع نحو طموحات إقليمية ودولية كبيرة على شاكلة إمبراطوريتها في العصور الغابرة ، ولشدة اهتماماتها الخارجية ونشرها للتشيّع وشغفها بتخصيب اليورانيوم كل ذلك حمّلها أعباء ثقيلة ونفقات باهظة تكلفها مليارات الدولارات دوريا ، وعلى حساب وضعها الداخلي وما يعانيه قسم كبير من المجتمع الإيراني من الانحطاط المعيشي والفقر المدقع الذي يطال ما يزيد عن 40 % من ذاك المجتمع ، فضلا عن القمع السياسي للقوى والأحزاب القومية والعلمانية هناك ، الأمر الذي أدى إلى خلق حالة رفض شديدة من داخل وخارج النظام الديني القائم ، وقد التقت الاتجاهات الإيرانية الرافضة وكل بحسب مصالحها بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي زادت من حدة الأزمة والاحتقان الداخلي الذي يصعب تجاوزه في الآفاق المنظورة ، وقد يؤدي هذا الوضع إلى تحولات هامة في حياة البلاد ، تنعكس بالتأكيد إيجابا على الحياة السياسية وعلى الشعوب الإيرانية قاطبة بما فيها الشعب الكردي هناك ..
أما عن الوضع في العراق فعلى الرغم من تفاقمه الأمني بين الحين والآخر سواء لجهة قضايا الخلاف الداخلية أو لجهة التدخلات الخارجية ذات المصلحة في تعكير أجواء الحياة السياسية العراقية ، نقول رغم كل ذلك فإنه اليوم ماض في التصدي للعمليات الإرهابية من جهة وفي السعي الحثيث لتحقيق مصالحة وطنية شاملة من جهة أخرى ، والجهود ما تزال مستمرة بخصوص المادة 140 من الدستور العراقي بشأن النزاع على مدينة كركوك ، كما أن العراق على أعتاب مرحلة جديدة من الحياة الديمقراطية وبناء تحالفات سياسية في استعداد لانتخابات عامة قريبة ، مستفيدا من تجارب الشعوب في العالم ومن تجربة كردستان العراق بشكل خاص ، وليس هناك ما يشير إلى التراجع في العراق بل العكس كل الدلائل تشير إلى تعميق التجربة الفيدرالية والحياة الديمقراطية في عموم البلاد ..
أما بخصوص إقليم كردستان العراق الذي شهد خلال الفترة القريبة الماضية منافسة ديمقراطية بحضور آلاف المراقبين الدوليين والإقليميين والمحليين ، وقد شهد له القاصي والداني بنزاهة الانتخابات تلك التي أسفرت عن تشكيل برلمان إقليمي برئاسة الأخ الدكتور كمال كركوكي ومؤتلف من مختلف مكونات الإقليم القومية منها والسياسية ، وظهر بوضوح أهمية القائمة الكردستانية الناتجة عن التحالف بين الحزبين الرئيسيين : الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وفوزها بنسبة تزيد عن 57 % من مقاعد البرلمان الـ 111 مقعدا ، وفوز الأخ المناضل مسعود البارزاني على منافسيه بنسبة تزيد عن 69 % من أصوات الناخبين ، وقد ظهر بوضوح نمو ملموس للمعارضة في الإقليم مما يعني نموا للوعي السياسي وتقدما للحياة الديمقراطية ، ولاشك أن اختيار مجتمع الإقليم لأعضاء برلمانه من كل مكوناته ينم عن حس عال بالمسئولية التاريخية ، واختياره لشخص المناضل مسعود البارزاني لولاية رئاسية ثانية إنما هو دليل إدراكه العميق لطبيعة المرحلة وتطوراتها ، ذلك لما يرى في شخصه الأمين ما يؤهله دون منازع لقيادة هذه المرحلة بكل تداخلاتها وتعقيداتها ، وتشهد ساحة الإقليم اليوم حراكا بخصوص تشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور برهم صالح خلفا لحكومة السيد نيجيرفان البارزاني ، وتكليف السيد فؤاد معصوم بمنصب نائب رئيس الوزراء العراقي بدلا من د.
برهم الذي استقال لهذا السبب ..
سؤال 4 : لنأتي إلى الوضع الداخلي,…النظام البعثي يشدّد قبضته على الوضع الداخلي ويزيد من ممارساته القمعية والعدائية, ما مدى فائدة تلك السياسة لخدمة النظام.؟
الجواب : من الموضوعي أن تكون تلك السياسة ضارة به ، تسيء إليه تمسه في الجانب الحضاري ، هذا في الحالة الاعتيادية الطبيعية ، أما حالة النظام فإنها استثنائية وسياسته استثنائية والاستثناء قاعدة لديه ، والقاعدة عنده استثناء ، ومن هنا فإن تركيبة النظام قائمة على القبضة الأمنية والعسكرية ، ولذلك فإن هذه السياسة هي طبيعته وتلك هي التي تضفي عليه سمة حكم الاستبداد والقوة ، كان لزاما عليه أن يستقطب الجماهير الشعبية ويتحاور مع مختلف القوى السياسية من المجتمع السوري الذي يمتاز بالتعددية القومية والسياسية والدينية ، ويسعى إلى كسب ودها ما أكن وذلك بحل مشاكلها وقضاياها بما فيها القضية الكردية بدل تأزمها أو العداء لها ، أما الذي يفعله هو العكس تماما وكأنه يؤلب هذه القوى والجماهير ضد ذاته وبدون استثناء لأحد ، فهو لا يعرف الآخر بل لا يريد حتى أن يرى الآخر المخالف وبأي شكل كان ، سواء كان هذا الآخر عربيا أو كرديا أو سريانيا أو إسلاميا أو مسيحيا ..الخ ومهما كان اتجاهه السياسي طالما أنه يمثل الآخر المخالف ..
إنها حقا مهازل !!
قد تضرروا إلا أنه معلوم إلى أين هو موجه ؟ والمقصود هو الشعب الكردي ، والواقع أن الكل متضرر بحكم أن تجارة العقارات والعاملين في العقارات وبجميع الاختصاصات ليسوا هم الأكراد وحدهم ، لكن موضوع الشراء والترخيص والحاجة إلى منزل جديد..
فكل مثل هذه المعاملات تزداد تضيقا بشأن الكردي دون سواه ، وهنا تظهر أهدافه الواضحة من الحد من التوسع العمراني الكردي وخصوصا في مناطقهم مما يدفعهم إلى الهجرة خارجها وبذلك تتبدل الطبيعة الديمغرافية للمنطقة أولا بأول، وإذا كان كذلك فعلا أي يقلق الجميع دون تمييز فليس من حل سوى إلغاءه طالما أن كل المواطنين يتضررون من مثل هذه المراسيم ..
سؤال 11 : ما المطلوب من حزب آزادي الكوردي في سوريا ؟, وما دوره الراهن والمستقبلي في الحراك السياسي العام, وخاصةً هناك استحقاقات تنظيمية ( المؤتمر ) بانتظار الحزب في الأمد القريب ؟
9/9/2009