المسألة الكردية في تركيا: عودة إلى «المربع الأول»!

محمد نور الدين

تلقت خطة الحكومة التركية للانفتاح على الأكراد، دعماً قوياً من مجلس الأمن القومي بعد اجتماعه، امس الاول، حيث أوصى باستمرار العمل بهذه الخطة، ما يعني انها لم تعد رؤية حزبية لـ«العدالة والتنمية»، بل سياسة للدولة ككل.

لكن المجلس شدد على ان يتم ذلك ضمن الوحدة التي لا تتجزأ للأمة والأرض.


ويأتي تبني المجلس للخطة، بعدما لم يتمكن محامو الزعيم الكردي المسجون عبد الله اوجلان من الالتقاء به مجددا، وبالتالي لم تعلن رسمياً «خريطة طريق اوجلان» التي اكتفي بما نشر عنها بشكل غير رسمي.

لكن احد محامي اوجلان قال ان زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل في ايمرالي لن يعلن عن خريطته قبل ان توضح الحكومة خطتها للانفتاح على الأكراد.

وقال المحامي محمد اقتار ان منعهم من لقاء اوجلان لا يخدم العملية الجارية لتحقيق تقدم على المسار الكردي.

في هذا الوقت، بدا ان النقاشات التي ترافق الحراك الحكومي و«الأوجلاني»، بدأت تعود الى «المربع الأول» لجهة تركيز النقاش على التواجد الكردي جغرافياً ومدى تمثيل اوجلان وحزب المجتمع الكردي للأكراد في محاولة لتمييع الجهود المبذولة حالياً.


ويقول الكاتب ممتازير توركينيه، ان أحزاب المعارضة، ولا سيما حزب الحركة القومية، تصبّ الزيت على النار بسياساتها القديمة التي تخلت الدولة نفسها عنها.

ورأى أنه اذا استمرت سياسة تغذية الكراهية التركية – الكردية على هذا النحو، فهي التي ستقود الى شرذمة تركيا وتقسيمها.

وسيكون حزب الحركة القومية هو السبب وراء ذلك.


ورأى فكرت بيلا في صحيفة «ميللييت»، ان خريطة طريق عبد الله اوجلان كانت محبطة للآمال.

وقال إنه بدلاً من ان يقول عبد الله اوجلان انه تخلى نهائيا عن الانفصال وهو يريد العيش في دولة واحدة مع الأتراك ويدعم خطوات الحكومة، خرج بخريطة تريد ما يشبه الحكم الذاتي واستقلالية للأكراد في التعليم وقوات الأمن والمجالس المحلية ويطالب باعتراف متبادل بين الدولة والأكراد، كما لو ان الأكراد ليسوا رعايا هذه الدولة.


واعتبر الكاتب المعروف إحسان داغي، المقرب من حزب العدالة والتنمية، ان امام تركيا فرصة تاريخية للوصول الى حل للمشكلة الكردية، حيث الظروف مساعدة أكثر من أي وقت مضى.

لكنه حذّر من انه اذا لم يتم ذلك مع الفرصة الحالية، فإن على تركيا أن تتحضّر للانفصال والتقسيم.


ويبدو أن النقاشات قد دخلت من جديد دوامة تعذّر تحقيق أي نوع من أنواع الحكم الذاتي للأكراد من خلال القول إن الأكراد لا ينحصرون جغرافياً في مناطق الجنوب الشرقي بل في كل تركيا.


ويقول الكاتب طه اقيول ان نسبة ما ناله حزب المجتمع الديموقراطي في كل تركيا في الانتخابات النيابية، لم يتعد الخمسة في المئة في حين ان نسبة الأكراد في تركيا تقارب الـ15 في المئة وفق لاستطلاع شركة «كوندا» في العام 2008 اي ما يقارب الـ11 مليونا.

وفي الدراسات المتوفرة، يتبين ان ثلث الأكراد يعيشون خارج الجنوب الشرقي.

ويقول اقيول انه فقط مع الانفتاح الديموقراطي يمكن توسيع الحريات الثقافية.


ويعتبر الباحث في علم الإحصاء طرخان ارديم، ان اثنين من كل ثلاثة أكراد يعيشان في غرب تركيا.

ويقول انه في تركيا يوجد ناخبان اثنان من اصل كل ثلاثة مواطنين.

وقال ان عدد الناخبين الأكراد المسجلين قارب الستة ملايين، في حين ان حزب المجتمع الديموقراطي الكردي نال فقط مليونين ونصف المليون، اي اقل من نصف الناخبين الأكراد على مستوى تركيا.


لكن السفير المتقاعد اونال اونسال، يلفت الى ان الانفتاح الكردي للحكومة لا ينطلق من فراغ.

ويقول إن الحكومة الحالية تستأنف مقاربة الأزمة من النقطة التي انتهت العام 1923 عندما كان مصطفى كمال اتاتورك قد وعد في العام 1920 مراعاة خصوصيات الأعراق التي كانت تعيش في الأناضول ومنها الأكراد.

لكنه رفض الدخول في التفاصيل الى حين انتهاء معركة التحرير ضد البريطانيين واليونانيين.

لكن عندما انتهت الأمور وتأسست الجمهورية، تبخر كل شيء.

وها هي الحكومة تنطلق من النقطة التي توقفت عندها قبل 86 عاماً.


——

السفير

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…