سيامند إبراهيم*
الذين قرأوا التاريخ جيداً, يتذكرون بشكل خاص (نيرون) الذي بث الرعب في أواصر قلب سكان روما وهو ينتشي بمنظر الحرائق تشتعل في كل مكان, ولبنان الحبيب دمر ويتم تدميره ويحرق كل شيءٍ يدب على أرضه من قبل آلة الحرب الإسرائيلية, أجل الصورتان ماثلتان في ذاكرة الإنسان, وإن تباعدتا تاريخياً فإنه لم يكن بإمكان أي مُتخيل ذو بصيرة أن يشاهد مناظر القتل والتدمير وحرق بيروت, والجنوب اللبناني بهذه الهمجيةمشاهد الرعب والموت والقتل الفجائي ماثل للعيان، باتت مشاهد الحرب والدمار تبعث في قلوبنا الألم والأسى لهذه الحرب التدميرية, لا أعرف إلا أي حد أصبحت قيم الرسالات السماوية تأخذ أبعاداً أخرى في الفعل التدميري للبشرية, تقف مدهوشاً أمام الرائي تجول بين مختلف الفضائيات, تنظر ملياً في هول الكارثة التي تحدث, حمم من فوهات الطائرات المغيرة حيث تلقي بعشرات الأطنان من المتفجرات؟! وحتى أشدها فتكاً والممنوع استخدامه دولياً على البشر فتجعلهم أشلاء مبعثرة, يمسون في جحيم حقيقي بأهواله, وعذاباته، إنها الحرب القذرة بكل معانيها وحيثما كانت أهدافها, نعم إنها الصورة التراجيدية التي تتكرر وتتوالد منذ آلاف السنين, العيش في أتون النار, النار التي تسري بسرعة البرق تلتهم الأخضر واليابس, مشاهد تراجيدية من المؤكد أن عدسات المصورين سجلتها وستحفظها الأجيال تلو الأخرى, هذه المشاهد ستكون الشاهد الحي على الجريمة الهستيرية التي تحدث في بيروت والجنوب وفي عموم لبنان, هي نفس الفعل التدميري والوحشي للقوات التركية حيث تقوم بسياسة الأرض المحروقة, تحرق المزارع, تدمر المساكن على رؤوس المواطنين المدنيين العزل, تجند العملاء وتبث التفرقة والعنصرية بين أبناء الشعب الواحد, إنها آلة الفعل التدميري لكل شيء يدب على الأرض, لكل ما يبعث على الشك والريبة, هو القمع في كل مكان حيث لم تحل مشاكل الإنسانية وخاصة للشعوب التي تعيش على أرضها وتحرم من حقوقها القومية, ولا يعترف بها, في قانا, وبيروت والضاحية وجدت الجثث خلال ساعات, بل قل أيام مكدسة, غاب الضمير, سكتت الأصوات الحرة, وكانت نفس الصورة والحدث والفاجعة في حلبجة إبان حكم المقبور صدام حسين, لكن ما حدث في الأنفال, وفي شرنخ, ديرسم, وديار بكر يفوق ما حدث لمجزرة قانا الأولى والثانية, فقد تم تدمير أكثر من أربعة آلاف قرية من قبل القوات التركية, وشردت عشرات الآلاف منهم في حربها التدميرية المخزية, تركيا التي تتشدق بالديمقراطية لهي بعيدة كل البعد عن الديمقراطية ومبادئها, إنها الطغمة العسكرية الفاشية والتي تدمر المدن والقرى الكردية, إلى أين يفر الشعب الكردي, لا مأوى وملاذ لنا سوى الصحراء الرحبة هي المكان الموحش لأبناء الجبال الذين ابتغوا أن يموتوا على سفوح جبالهم, باكوك, جودي, متين, وبير مكرون.
إن ضحايا الحرب اللبنانية لا ترتفع أرقامها إلى حجم المآسي الكردية بشيء, لقد كانت القرى الكردية الوادعة تعيش بأمن واطمئنان ثم تحولت هذه القرى إلى خرائب, مكاناً للغربان, آلاف الضحايا أصبحوا من سجلات الدكتاتورية القذرة, وحده سجل الشعب المقهور إننا مسلمون يا سادة ألا تخجلون من فعلكم الإنساني التدميري, يجمعنا تاريخ مشترك, هو نفس الفعل التدميري للنظام الإيراني الذي يدك القرى الكردية بالنار والحديد, ويحرق الأخضر واليابس, احمدي نجادي لا يختلف عن أولمرت فكلاهما يعشقان قهر الشعوب؟ نظام الملا لي الإيراني القمعي لا يتوان عن قتل الأكراد وملاحقة الوطنيين الكرد, وقمع الشعوب الإيرانية من الآذريين, عرب الأهواز, والشعب الكردي البالغ نحو عشرة ملايين, من منا لا يتذكر الشاب (لقمان) الذي سحلته القوات الإيرانية خلف الدبابة, وماذا عن الشاب (أميني) أيضاً الذي شوهت جثته من قبل الجنود الإيرانيين وهم يقهقهون لهذا الفعل البشع؟! إنه دنُ الحقد الأسود, أن يكون بإمكانك إيذاء الآخرين ولا تتوان عن ذلك الفعل؟ أجل يا سادة إنها مصالح المستعمرين التي تدوس كرامتنا, أطفالنا ونسائنا بنعالها القذرة دون مراعاة كسيح أو شيخ أو طفل أو امرأة, لتحقق أهدافها.
————
كاتب وشاعر كردي سورية
كاتب وشاعر كردي سورية
رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية
عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق.
siyamend02@yahoo.com