الحركة الوطنية الكردية في سوريا وآلام المخاض

  صوت الأكراد *
رغم جميع المحاولات التي أقدمت عليها الحركة الوطنية الكردية في سوريا , ومنذ تأسيسها , لم تأت أُكلها , ولم تثمر عن نضالاتها المريرة  أية مكاسب ملموسة بخصوص الأهداف التي كانت تنادي بها, وعلى امتداد الفترات النضالية التي مرت بها منذ العام 1957م , بل بقيت الأهداف حبيسة الأحلام والأماني , والمحاولات  كانت دائماً تؤول إلى الفشل ,  طبعاً مع كل فخرنا وتقديرنا  لكل المناضلين وتفانيهم , الذين ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل قضية شعبهم  .
وبتسليط الضوء على الواقع الحالي المأساوي لشعبنا الكردي من جهة , وعلى حركته السياسية من جهة أخرى, بعد مضي أكثر من خمسة عقود على تأسيسها, ندرك هول الكارثة والمصيبة , ففي الوقت الذي تزيد السلطات السورية من وتيرة إجراءاتها الشوفينية تجاه شـعبنا الكردي , لتضيف كل يوم حلقة من حلقات الإجراءات الشوفينية التي تلحق الأذى بالوحدة الوطنية  وذلك بشتى الوسـائل الإحصاء الاستثنائي الجائر والحزام العربي المشؤوم والحصار الاقتصادي ومن ثم الهجرة الداخلية والخارجية والمرسوم 49 وكبت حرية حركته السياسية , وعزلها عن الوسط السياسي العربي … الخ 
وفي الجانب الآخر نرى فداحة ما آلت إليه وضع الحركة السياسية الكردية جراء المهاترات والخلافات والانشقاقات التي أثقلت كاهلها, وأضعفت ثقة الجماهير بها, كما وزرعت اليأس فيها , وترسخت قناعاتها بضرورة أن تقوم الحركة الكردية بخطوات وحدوية حقيقية و جادة لتحقيق أهدافها .

إلا أن الحالة التي تعيشها الحركة الكردية هي أشبه بغليان حقيقي, ويبدو ذلك واضحاً من خلال الوتيرة المتسارعة للحراك السياسي الكردي , بغية تشكيل قوى ومرجعيات ومجالس ومؤتمرات , وكذلك  المحاولات التي تخطى هنا وهناك, في سبيل ترميم الوضع, الذي يرى البعض استحالة الترميم في ظل هكذا واقع, فالمشاريع التي تطرح وتزرع الأمل يوماً , تنهار في اليوم الآخر , بقصد أو دون قصد , وتكون بذلك قد زادت الأمور تعقيداً , وبات موضوع طرحها محط عدم الاهتمام من قبل الجماهير, والأسوأ من ذلك أن هذا الأمر بدأ ينتقل إلى صفوف الحركة , إذ أنها نفسها بدأت تعيش حالة اليأس , وشعور باستحالة الحل , جراء الأزمات التنظيمية التي تنتقل من تنظيم إلى آخر, دون أن يهدأ أتونها  , ودون أن تكون لها مبررها الفكري والمنطقي …
ولكن , ومن خلال التمعن في هذا الواقع من زاوية, يبدو أنه تلوح في الأفق تباشير ميلاد مرحلة جديدة, مرحلة تختلف عن سابقتها من حيث السمات والملامح وأساليب النضال القديمة, والتي أثبتت عدم جدواها في تحقيق الأهداف ….

وإن المظاهر السلبية التي نعيشها اليوم , قد تكون بمثابة آلام المخاض التي تسبق الميلاد .
نحن مقبلون على مرحلة جديدة من تاريخ شعبنا الكردي وحركته الوطنية, مرحلة لها خارطتها النضالية والسياسية والتنظيمية الخاصة, مرحلة تعيد الثقة إلى أبناء شعبنا الكردي, وتعيد التلازم النضالي بين الحركة السياسية الكردية والجماهير المتعطشة إلى النضال جنباً إلى جنب مع حركة لا تعمل إلا لتحقيق أهدافها , وتغض الطرف عن ثانويات الأمور , التي تعرقل مسيرتها النضالية , إنها مرحلة البقاء للأصلح, والأكفأ, الذي يستطيع تحقيق مكاسب حقيقية لشعبنا الكردي, مرحلة ليس فيها موضع قدم للخلافات والتناحرات , مرحلة  لن تسمح للحاقدين على شعبنا الكردي والمتربصين به , من التلاعب بمصيره من جديد , مرحلة استجماع كل قوى وطاقات شعبنا في مواجهة السياسيات الظالمة التي تطبق ضده , للوصول إلى برّ الأمان .

* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (417) تموز 2009

لقراءة مواد العدد انقر هنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…