نشر أحد الأخوة الكرام ، في بعض مواقع الأنترنت الكردية مقالاً بعنوان : عندما تغيب الموضوعية في سرد التاريخ، وهو بمثابة ردّ مطول، انفعالي، احترازي، على مقال لي كتبته بعنوان: الإبداع الكردي في سوريا ومعادلة الرقابة على النشر، ضمن الفترة الزّمانية، ما بين 1946-2000، وقدّم كدراسة إلى إحدى الجامعات الأوربية، وأريد أن أوضح للأخ المذكور، عدة نقاط :
-إن مقالي المذكور- وأرجو الانتباه جيّداً من قبل كاتب الردّ- يتحدّث عن الإبداع الكردي في سوريا، وعلاقة ذلك بالرّقابة ، وهو مدخل لدراسة طويلة، أعمل عليها، منذ أشهر.
و كان مضمون الدّراسة- المنشورة- تناول كل إبداع كردي في فترة زمانية، محدّدة، حيث أنه جاء -حرفياً -في آخر فقرة ذيّلت بها مقالي الذي يتناوله الأخ الكاتب :
المقال يتناول الإبداع الكردي في سوريا، ما بين عامي 1948-2000 ، ولم يتم تناول ما بعد عام ال2000 ، إلا أثناء الحديث عن الرّقابة وعلى نحو سريع، وليس المقال وثيقة عن المناشير التي وزّعها اليسار، ولاغيره ، ولا حتى الشيوعيون ، ولا عن الحزام العربي ، ولا عن استقدام المغمورين ، ولا عن منح الطلاب في أوربا ، ولا عن تاريخ الحركة الكردية، ومن بينها اليسار والاتحاد الشعبي ، كما ذهب الأخ الكاتب للحديث عن الإبداع السياسي والاجتماعي ؟، وهو ما لا علاقة لمادتي به،هنا ، مع احترامي الكبير لمجمل تاريخ الحركة الكردية، والاتحاد الشعبي، بشكل خاص ، وهو ما جعلني أقول ضاحكاً بعد قراءتي للمقال المذكور :ez çi dibêjim û
tembûra min çi dibêje ? ، والمقال بنفسه، يردّ على نفسه، ولقد نصحني كثيرون بعدم الردّ على صاحبه ، جرياً على التزامي بقاعدتي الذّهبية بعدم الردّ على أيّ كرديّ ، ولما هو معروف عن الأخ المذكور في الولع بالردود ، والهجوم على الآخرين ، في شكل غير مفهوم ، إلا أن يكون المعني ممّن تربطني بهم علاقة وثيقة ، وصداقة كبيرة ،من جهتي، في أقلّ تقدير ، فسيكون للأمر شأن آخر، رغم أني أعلن أنّ الأخ صاحب المقال مكره على مثل هذه الكتابات ، وقد آذى نفسه- بين الوسط السياسي الثقافي الكردي- من جرّاء هكذا مواد، كثيراً، ونصحته بأكثر من مرة، بشكل مباشر، وغير مباشر ، من الانخراط في لجة الردود غير المسوّغة على أشخاص وجهات كردية ،و التي تنعكس عليه ، وعلى أعزاء آخرين من حوله، كان يدفعهم الكاتب بدوره ، لكتابتها ، حرصاً عليه ، ودرءاً من خوض غمار الحروب و الشنشنات ، التي انعكست سلبياً عليه ، وعلى من حوله ، وهو ما لا أريده له ، لا الآن، ولا مستقبلا ، ولعلّ آخر تدخل لي في فضّ الخلافات بينه وسواه، كان في قضية لن أذكرها- هنا- حرصاً على الكاتب الذي أقدّر علاقتي بأسرته جداً، وما بيننا من رسائل متبادلة موجود في إرشيفي الشخصي.
-كما أن شقيقاً لي- وهو صهر الكاتب نفسه – قد تعرّض للتوقيف بسبب جريدة اتحاد الشعب في العام 1990، وتعرّض للتعذيب من قبل فرع الأمن السياسي بقامشلي ، ولا يزال يعاني من آثار ذلك ، بسبب هذه الجريدة، وكان قد توقف- آنذاك- مع الكاتب عبد السلام داري، وبسبب نميمة أحد الأشخاص ، رغم أنه لم يكن من أعضاء هذا الحزب ، ولم أذكر اسم شقيقي ، لأني لم أكن في مجال تناول نضالات الحركة السياسية الكردية ، بشكل عام، والتي طالما كتبت عنها ، حين يستدعي الأمر ذلك ، ولكن ليس مكانها مقال تخصصي جداً ،كمقالي المذكور .
وأعتقد لو أن الأخ صاحب المقال كان دقيقاً في معرفة وفهم طبيعة المادة ، والتاريخ المتناول نفسه، والتزم بكل ذلك ، لعفا نفسه من عناء الرّدّ ، إلا إذا كان له شأن آخر، منه، وهو ما أؤكده بحكم معرفتي ،بل صلتي الوثيقة بعالمه ، وبطبيعته، ومن خلال متابعتي لجملة ردوده، ومعاركه .
– لم أوثّق في هذا البحث اسم أي دار نشر كردية ، أو عربية ، صدرت عنها مؤلفات المبدعين الكرد، لأنّ كل ذلك موجود في فصل تال، من الدّراسة، وبشكل عابر، كما تقتضي الدّراسة العلمية الأكاديمية ، فلمَ يريد الكاتب مني أن أقحم اسم الرابطة- العزيزة- على دراستي الأدبية ، و كان من حقها علي ذلك، في ما لو كنت قد تناولت دور النشر ، في مسرد خاص ، ورابطة كاوا- بحق- علامة فارقة، ومضيئة، في الثقافة الكردية، عموماً ، منذ ولادتها ، وإلى الآن ، وأقدّر عالياً إصرارها على الاستمرار، رغم استعداء بعضهم عليها ، بأسف ، ويقيناً، لا علاقة ولا علم لي، بخلافات أطرافها في ما بينهم ، وليعلم أخي الكاتب أن من يعمل فيها –الآن- وأقولها علانية ليسمع سواه ما أقول – أقرب إلي ممن توهم أني “انحزت إليهم” ، وأن ذكري لأسماء بعضهم ، إنما هو لدواع تطلبتها تخصصية المادة ، ف”بافي نازي” كاتب روائي، أصدر أولى رواية كردية في سوريا ، ورزو- شفاه الله من مرضه – من عداد أسرة مجلة “ستير” التي كانت تصدر ضمن الوطن، إلى جانب زاغروس حاجو وحفيظ عبدالرحمن وآخرون، وما أشار إليه الكاتب من مجلات لم يصلني منها أي عدد البتّة، ولقد أبدى الصديق حواس محمود استغرابه، من زجّ اسمه،من قبل الكاتب، في أن يكون قد أوصل إلى إحدى تلك المجلات، التي سأتناولها، وغيرها، في ما لو أعددت “بيبلوغرافيا” عن الصحافة الكردية في يوم ما .
– إذا كانت هناك كتب إبداعية بهذا المفهوم (و أكرّر على أن يكون الكاتب من كرد سوريا وإبداعياً أي: روايةً وشعراً وقصة) وهو ما لم أتخيّره بنفسي ،كما أشرت ، بل أنه طلب مني، ولم يصدر في حدود علمي عن “رابطة كاوا” سوى- الجبال المروية بالدم- التي أشرت إليها، في دراستي ، أجل ، وهي الكتاب الإبداعي اليتيم لكرد سوريا ، الذي صدر عن الرابطة، ضمن تلك الفترة،وقد ذكرته .
– أما صديق طفولتي د .
رضوان علي، فقد صدر عمله الإبداعي ” طيور لا مبالية ” بحسب ترجمتي للعنوان هنا ، ضمن منشورات welat في استوكهولم في العام1986، وليس عن طريق هذه الدار .
– لم أتحدّث عن تأريخ دور النشر الكردية، وحتّى حديثي عن المجلات نفسه كان عرضياً ، ومقحماً لأن المطلوب هو الإبداع، وكنت أمينا ً في ما كان بين يدي، سواء أاتفقت مع أصحاب هذه المؤلفات أم لا؟
– وللمفارقة ،فمجلة – ستير التي صدرت عن الاتحاد الشعبي- نفسه- كانت- ترتيبياً – أولى مجلة أشرت إليها؟ ،أما المجلات الأخرى التي صدرت خارج الوطن ، ويتحدّث عنها الكاتب ، فللأسف لم تكن بين يدي ، ولا أعرف عنها شيئاً، وإن كنت سأتحفظ- الآن-على ذكر اسم مجلة لا يميز صاحبها بين الإبداع الأدبي ،والنضال السياسي، والاجتماعي.
ولقد اتصل بي الصديق نصرالدين إبراهيم عقب قراءته لدراستي التي يرد عليها كاتبنا، وأشار إلي بما يعرف عنه من أدب جم بأن الملا طاهر، وآخرين كانوا في هيئة تحرير مجلة –gelawêj- وأنه شخصياً، كان رئيس تحريرها، وليس الراحل مجيد حاجو، ورغم قربى المرحوم مجيد إلي ( فهو ابن عمتي ) إلا أني اعتذرت من الأخ الأستاذ نصرالدين، وحضضته على كتابة مقال عن تلك التجربة، لأني مع ذكر الحقيقة ، ولا أدعي أن ما أقوله وحده هو الصائب، خاصةً أمام قضايا دقيقة، كالتي تناولتها الدراسة.
– رابطة كاوا مشكورة -طبعاً – كما أشرت ، أعلاه ،في مواصلتها على النشر، وما كان يصدر عنها في تلك الفترة كما -يخيل إلي- مجرد كتب سياسية ، ثقافية عامة ، وترجمات مهمة، ولم يصدر عنها كتب إبداعية للأدباء الكرد العظام من أمثال: جكرخوين وسواه ممن عاصروه، أو جاؤوا بعده، بل وحقاً أصدرت الرابطة- مشكورة – دراسة أدبية للناقدة اللبنانية سامية سلوم عن أحد أعمالي الأدبية، وهي نفسها لا توثق لأن:
– طباعتها لا تدخل ضمن الفترة الزمانية المحددة المشار إليها
-إنها دراسة نقدية، فحسب .
-إن مؤلفتها الباحثة اللبنانية- سامية السلوم -صديقة للشعب الكردي وليست كردية.
-إن ما كنت أحصل عليه من مؤلفات الرابطة كان طريق شرائي لها في معارض خاصة، وعن طريق استعارتها ممن حولي.
– لم أتورّع في يوم ما عن ذكر اسم مؤسس الرابطة ، في أحرج فترة سياسية – هنا-بالنسبة إلى اسمه ، وهو موضع تقدير بالنسبة إلي ، رغم مفاجأتي بتهرّب بعض من كان يفترض تمثيلهم له ، من ذكر اسمه ، في حفل تأبيني للشيخ معشوق الخزنوي – ويعرفهم الكاتب – فاضطررت لقراءة برقيته ، بنفسي ، وللأخ الكاتب، ومن حرضه على كتابة المقال، أن يقدرا ذلك.
أرجو من الأخ الكاتب وغيره ، ممن هم من هذا القبيل عدم الوقوع في فخّ الانفعال و التنكّر لإرث العلاقة مع الآخرين ، وهو ما يتم – للأسف – من قبله ، لأسباب لا أفهمها البتة.
إنني أقدّر رابطة كاوا حق التقدير ، وهي علامة فارقة في الثقافة الكردية، وماكتبته هو في “جزء من الثقافة” ألا وهو “الإبداع” ، وما أشير إليه من كتب (الإبداع النسْوي صدر في العام 2007) ولقد ساعدت الرابطة في استكمال الأسماء الإبداعية النسْوية.
حقيقة ، إنّي أحاول أن أكون على مسافة واحدة، من جميع الأحزاب الكردية، ومن بينها : الاتحاد الشعبي ، ولم أبخل بالتدخّل في السعي للتقريب بين وجهات نظر هذه الأحزاب ،وتحديداً : الالتقاء على كلمة سواء ، في وجه محاولات تهميشه ، وإقصائه ، ولعلّ أخي الكاتب يدري أنه طلب مني رسمياً، بوساطةقيادة هذا الحزب، هنا ، وفي أحرج فترة مروا بها ، للوقوف مع حزب الاتحاد الشعبي في سوريا، لمؤازرة رفاقه ، وأخذ رأيي في ما يطرأ لهم ، وبتشديد من الأخ الكاتب ومن معه ، ويعرف القائمون على الحزب – هنا- أنّي لم أبخل بما كلفت به ، ولن أبخل،كذلك مستقبلاً ، ولن أتأثر ، بهفوة أخي الكاتب في تجنيه، علي ، في ردّه هذا ، والحديث عن التأثر بتجاذبات الأحزاب، إنما يخصّ الأخ الكاتب نفسه، لأنه في معمعة هذه التجاذبات ، وفي قلبها ، وصميمها ، منذ أن انفتحت عيناه على التحزب ، بل أني تعرضت للتضييق ، والإبعاد عن التعليم في مجال تخصصي بعيد صدور أول ديوان لي في العام1986 ، بسبب ما فيه من رموز كردية، لا كوسموبوليتية ، وكان ذلك قبل انتفاضة كردستان ، وقبل تحرير كردستان العراق، بل وقبل سقوط الطاغية صدام حسين19 نيسان 2003 ، وقبل أن تغدو اربيل عاصمة للإقليم ، وكنت أول صحفي مراسل للصحيفة الناطقة باسم البارتي ، وصاحب زاوية في إحدى مجلات الإقليم – مجّاناً- ودون أجرو رواتب من حكومة الإقليم – ومؤسساته ، والحمد لله ، دافعاً ضريبة ذلك ، متخليّاً ما أمكن عن المكاسب، والمنح ، ولعلّ منحة دراسية ، لا علاقة للشيوعيين، ولا للأحزاب الكردية في سوريا، بها ، منحت لابن لي ، فحولتها إلى ابنة قيادي يساري كردي ، درست في موسكو، وعادت منذ سنوات ، وهي تحمل شهادة دراسية عليا .
– إذا كنت في ما قبل، عضواً في الحزب الشيوعي ، وكان الأخ الكاتب عضواً بارزاً في الاتحاد الشعبي ، فإن عضويتي في هذا الحزب، لم تحل دون وقوفي مع قضايا أهلي الكرد ، قط ،بما استطعت ، وفي كل المراحل ،ولعل هذا الكاتب ابن العائلة القريبة، يعرف ذلك، ولا أريد الإشارة إلى مواقف محدّدة، فأنا ليس من طبيعتي جرح أحد، ولست في معرض الإشارة إلى ما هو خارج المادة ، وأرجو ألا أضطر لذلك.
ومن حق الكاتب الإشارة إلى أي جهة، أو شخص يناضلان من أجل القضية الكردية ، ولكن شريطة ألا يتجنى على أحد .
أجل ، لكم كان جميلاً أن يكتب الأخ مقالاً هادئاً، منصفاً، بلغة الحب ، إذا كان غرضه الحوار ، وخدمة القضية ، والثقافة ، وليس الدعاية،التي طالما رفضتها ، وأرفض أن أكون أداة بيد أحد ، ليسجل ما ظن بأنه مأخذ علي ، حتى أستفيد مما كتبه ، أو أفيده ، وهو الحقيقة ، هنا ، خاصة وأني أحوج في هذا المقام إلى من يؤازرني من الغيارى الحقيقيين ، في إضافة أي معلومة حقيقية أستفيد منها ،في مجال إبداعي بحت ، وأن ما قدمته الرابطة، لا يمكن لأي مغرض، حاقد عليها، نسيانه ، فكيف والحال أمام واحد مثلي، يريد أن يكون منصفاً، ويرى نفسه قريباً من الرابطة ، ولا علاقة له في الخلافات بين أطراف الحركة الكردية ، بل على العكس إنه يسعى لإزالة هذه الخلافات
وأخيراً: من منا غالط في التاريخ، بل وغيره ؟ وأينا غير الأمين على المعرفة ؟ أترك الحكم لك -نفسك –على كل ذلك يا عزيزي …!
قامشلي