الشعب الكردي في كردستان العراق يسقط كل رهانات الاحتراب الداخلي و يتخطى الاختبار الديمقراطي بنجاح

الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت في إقليم كردستان العراق في 25 من شهر تموز الجاري, أسقط كل رهانات التي كانت تزعم بعدم نضوج الشعب الكردي وإمكانية سقوطه في هاوية الفشل والاحتراب الداخلي في ظل تعدد القوائم ومنافستها الشديدة لقوائم التحالف الكردستاني للحزبين الرئيسيين, وشفافيتها ونزاهتها وبالمعايير العالمية, وقدم فيها الشعب الكردي أداء ديمقراطيا رائعا أدهش العالم من أقصاه إلى أقصاه, إذ لم يكن يتوقع من شعب تعرض طويلا ولعشرات السنين لكل أشكال تدمير الوعي والقيم عبر حروب الإبادة والتطهير العرقي التي فرضها عليه الأنظمة الديكتاتورية المتعاقبة في العراق, أن يستطيع في هذا الزمن القياسي أن يتصدى وبجدارة نادرة لهذا الاستحقاق الحضاري الكبير, رغم العمر القصير للتجربة الديمقراطية الكردية, مقارنة مع التجارب الديمقراطية النادرة في منطقتنا والتجارب الديمقراطية في العالم
حيث كشفت هذه الانتخابات عن وعي ديمقراطي رفيع, ومناخ من الحرية قلما توفرت في منطقتنا التي تتأصل فيها الديكتاتورية وثقافة الاستبداد وقد أثبت شعبنا الكردي من خلالها بأنه شعب حي قادر على النهوض والتفاعل الحي والايجابي مع معطيات العصر إذا أتيح له الفرصة, بل وقادر أن يقدم من خلال تجربته نموذجا حضاريا متقدما وأن يكون حاملا للمشروع التغيير الديمقراطي الحقيقي في عموم المنطقة.

حيث لم تسجل هذه الانتخابات أية حوادث أمنية على الإطلاق أو أي شكل من أشكال تدخل السلطة فيها رغم المنافسة الشديدة بين عشرات القوائم الانتخابية, تنافس فيها ثلاثة وعشرين حزبا على 111 مقعد برلماني, بالإضافة إلى أربعة منافسين على مقعد رئاسة الإقليم, وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 78,5% والتي إن دلت على شيء إنما  تدل على عمق إيمان هذا الشعب بأهمية الممارسة الديمقراطية في تحديد خياراته المستقبلية  وتقرير مصيره.
 ومن خلال هذا الحدث التاريخي يكون الشعب الكردي خصوصا والكردستاني عموما قد أوصل رسالته الحضارية  للعالم بأنه شعب جدير أن يعيش حرا وأن يكون على قدم المساواة مع الأمم المتحضرة في العالم.

وأوصل رسالته كذلك إلى الأنظمة الاستبدادية في المنطقة ولاسيما الأنظمة التي تضطهد الشعب الكردي التي عملت على مدى عقود طويلة عبر ماكيناتها الإعلامية والسياسية على خداع الرأي العام العالمي والمحلي, وتزييف الحقائق عن هذا الشعب وتشويه صورته, والتشكيك في قيمه الحضارية والإنسانية الأصيلة.

ولاشك فإن هذا الأداء الديمقراطي الرائع سيدك من مصداقية هذه الأنظمة ومزاعمها الكاذبة عن الشعب الكردي, وسيفرض عليها بعد الآن تحديات جدية للتعامل بشكل مختلف مع والشعب الكردي, واستحقاقات قضيته القومية على صعيد الرأي العام العالمي والمحلي, وفي سائر أجزاء كردستان.


 وإذ  نؤكد على تاريخية هذه الانتخابات, ونعتبرها انعطافة بارزة في مسار تطور الديمقراطية الكردية, التي تجاوزت في فترة قياسية حدود الديمقراطية التوافقية, نحو أفق الديمقراطية الناضجة على غرار كل الديمقراطيات العريقة في العالم, مع اكتمال طرفي معادلتها الأساسيتين, أكثرية تحكم وأقلية تعارض, نحن واثقون بأن النتائج التي تمخضت عنها ستفتح الباب أمام انطلاقة جديدة لتطور المجتمع الكردستاني, وتجاوز معوقات وصعوبات المرحلة الماضية على كافة الأصعدة القانونية والاقتصادية والتنموية والسياسية .
إننا في حزب يكيتي الكردي في سوريا في الوقت الذي نبارك لشعبنا الكردي والكردستاني هذا الانتصار الكبير, فإننا نهنئ الحزبين الرئيسين, الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ومن خلالهما قائمة التحالف الكردستاني, بإعادة تجديد الثقة الشعبية بهما وبقيادتهما لمسيرة الشعب الكردستاني في المرحلة المقبلة, كما نهنئ الأخ المناضل مسعود البارزاني على إعادة انتخابه لدورة رئاسية جديدة لإقليم كردستان, وقد اثبت هذان الحزبان على مدى تاريخهما النضالي الطويل بأنهما جديران بثقة الشعب, وهما الحزبان اللذان أسسا لهذا الانجاز الحضاري العظيم, كما ونهنئ المعارضة بالنتائج الطيبة التي حققتها ونأمل أن تكون الدورة البرلمانية والرئاسية الجديدة, غنية في عطائها ومثمرة في انجازاتها.
في 29/7/2009
  اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردي في سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…