كرنفالات الديمقراطية اثبتت ان الكرد يستحقون الحياة

شلال كدو 

    رنين الموسيقا الصاخبة، التي كانت تصدر من ماراثونات وكرنفالات الحرية والديمقراطية، وتصدح في آذان الكرد، متناثرة في سماء بلدهم عبر الاثير ومكبرات الصوت، ومن خلال الاعلام المرئي، طيلة شهر تموز الجاري، ما برح ان هدأ، لتبدأ عملية التصويت، لأنتخاب رئيساً وبرلماناً للاقليم يتألف من 111 مقعداً، يتنافس عليها كيانات سياسية متعددة الالوان والمشارب، لدرجة يبدو للمراقب، بأنها لوحة فسيفساء جميلة، تضم الواناً زاهية، كألوان زهور الربيع، حيث الاسلاميون والراديكاليون والشيوعيون واليساريون والمستقلون، جميعهم سعوا من خلال منافسة محمومة، لاقناع الناخب الكردي للتصويت لقائمته، في سابقة ديمقراطية فريدة من نوعها، ربما في غالبية دول المنطقة، ان لم نقل في مجملها.

     ان الديمقراطية الكردية في كردستان العراق، تبدو للناظر المنصف اليها على الاقل، وكأنها راسخة الجذور، كالديمقراطيات الغربية، رغم عمرها القصير، حيث المرشحون لرئاسة الاقليم، ولا سيما الرئيس الحالي السيد مسعود البارزاني، كانوا متمسكين خلال حملاتهم الدعائية طيلة الشهر الجاري، بقواعد اللعبة الديمقراطية بحزم وحكمة، وكذلك كان الامر بالنسبة لأغلب القوائم المتنافسة على مقاعد البرلمان.

والحق يقال، بأن القائمة الكردستانية ورئيسها الدكتور برهم صالح، تمكنو بصبر وحكمة وعقلانية من ضبط النفس والالتزام الحازم بالقوانين المعمولة بها، دون ادنى خروقات تذكر، رغم ان قائمتهم تعرضت الى الغبن، من لدن بعض القوائم الاخرى.


    كرد العراق يثبتون دوماً للقاصي والداني، بأنهم شعب متحضر ومتمدن، ويتقنون فنون الديمقراطية، وراغبون لا بل ساعون بجد نحو تطبيقها، في عراق لازال مضطرباً بعض الشيء، وفي كيان ما فتىء ان رأى النور، رغم انه شبه مستقل منذ عام 1992، ابان انتفاضتهم وهجرتهم المليونية الشهيرة، حينما هربوا الى احضان الجبال، خوفاً من تهديد ووعيد نظام صدام لهم، برشهم او ضربهم بالغازات الكيماوية السامة، على غرار ما فعله في مدينة حلبجة عام 1988، عندما ضربها بالسلاح الكيمياوي، وقتل وجرح آنذاك اكثر من عشرة آلاف مواطن كردي بريء من ابناء جلدتهم، جلّهم من الاطفال والنساء والشيوخ.


    هذا الشعب يستحق الحياة بكل المقاييس، وكذلك يستحق ان يكون له مظلة تحت الشمس كباقي الشعوب، طالما انه يمتلك المقومات التاريخية والجغرافية والثقافية وغيرها، ولا شك انه يتفوق بتجربته الديمقراطيه على غيره، ليس في العراق وحده فحسب، بل في بقاع اخرى كثيرة في العالم، وليس مستبعداً ان يتحول هذا الاقليم، مع مرور الزمن الى صرح ديمقراطي ومدني كبير، والى نموذج ديمقراطي يحتذى به في المنطقة.


    ولا شك ان عرس الديمقراطية الكردية ونجاحها، سوف تتوج بقبول نتائج الانتخابات من قبل الجميع، ومن شأن ذلك ان يرسخ تلك القيم والمبادىء السامية، التي يتغنى بها الشعوب جميعاً، ومن بينهم الشعب الكردي، الذي وجد لنفسه مكاناً وموطأ قدم بين امم وشعوب العالم، بفضل نضال ودماء بناته وابناءه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…