أعزائي في البارتي: هل يمكن دفع الحوار في اتجاهه الصحيح ؟

إبراهيم اليوسف

قبل كل شيء ، أستميح الأخوة الأعزاء في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا- البارتي ، العذر، لأنني أقحم نفسي، في قضية داخلية، يناقشونها، كلّ بحسب وجهة نظره ، على صفحات الأنترنت، حيث ثمّة وجهات نظر متباينة ، قد تمّ تقديمها من قبل كل طرف على حده ، إلا  أنها توضح بجلاء وجود إمكانات، تهدر ، في اتجاهها غير الصحيح ، انطلاقا ً من الحكم على الظاهر ، ولست في معرض الاعتراض على انخراط أصحاب أيّ من الرأيين، في القضايا العامة، بروح نقدية عالية ، نحن أحوج إليها ، وهو ما لمسناه، في جزء جدّ يسير مما أثير .

.!
لقد سبق و أبديت- شخصياً- وجهة نظري حول مثل هذه الخلافات التي تدور في هذا الحزب ، شفاهاً، لمن سألني ، وهي – كذلك- واضحة ، لكل متتبع لمجمل كتاباتي في الشأن الكردي -كما أزعم – وهنا ، لا أريد أن أجامل أحداً البتة، إلا أنه مثلما لي الحق في أن أطرح وجهة نظري، كما أريد، فإن للآخرين الحقّ في طرح وجهات نظرهم ، ويبقى الحكم ، الأول، والأخير، لكل من يتابع وجهات النظر التي تقدم من قبل كل طرف- ولا أريد أن أتحدّث هنا عن طرفين- لأني أمام  أعزاء حقيقيين ، وإن كان بعضهم  قد خذلني ، بأسف ، حين  تدخلت في أكثر من مرة، لتصويب خطأ بدر- هنا وهناك- باسم الحزب، وهو ما لا أريد طرحه – بتفاصيله – في هذا المقام ، بأكثر من هذه الإشارة الضرورية.
أجل ، إذا كنت أتدخّل، الآن ، وبدعوة ملحّة من  بعض الحريصين على هذا الحزب من خارج حومة الخلاف – فهو لأنني سبق، وإن كلفت من قبل رفاق – منهم من هو موجود في هرم القيادة، في أكثر من طرف من أطراف البارتي العزيز –  بغرض حل أزمة سابقة، لجمع طرفين وأكثر، من هذا الحزب ، وهو ما راح  ضحية تعنّت أحدهم ، واستبداده برأيه… .؟
 كما أني من موقعي، كمعني بالشأن الكردي، العام، تدخلت مع آخرين لمحاولة رأب الصدع، في خلاف آخر، في أحد الأطر الكردية ، وهو ما أعلنته  بصوت عال ، آنذاك ، في أكثر من مقال ، حول ذلك ، بعيداً عن الانخراط في لغة التفاصيل ، إلى أن  توصلت إلى قناعة ، خاصة ، هي تعنّت هؤلاء الأعزاء، أيضاً ، وتخندقهم حول مواقف مبنية من تراكم ردّات فعل ، لا أكثر، حين كان شعار كل طرف مختلف مع الآخر: الحقيقة معنا نحن، فليتنازل الطرف الآخر لنا.

 أعتقد أن مهمتنا كمثقفين لا تنحصر في أن نصفق لهذا المسؤول ، أو ذاك – وإن كنت أرى في ظل مرحلة معينة الدفاع عن كل كردي فرض عين ولا أريد أن أسوق أمثلة عن اندفاعي في الدفاع في لحظة خطورة علي ومنها ما كان ذات مرة بحضور أحد قياديي البارتي نفسه – وإن كان بعض الزملاء من مدّعي الثقافة ، بل والمثقفين في آن واحد ، يرى في  ممالقة هذا المسؤول، أو ذاك ، وتزويره للحقائق له ، إنّما  هو المطلوب منه ، وهو  رأي أخالفه ، وهذا النموذج أساء إلى صورة المثقف عند السياسي، لأني لم أجامل قامة في حزب، بقيت فيه لسنوات طويلة، وإن كنت لا زلت أحترم كل من اختلفت معهم، رغم بعد المسافة بيننا، وربما تباين الرؤى في قضايا جوهرية، وأحسّ  بأنّ كثيرين منهم أهلي الحقيقيون، وإن كنت أعرف كم من متسلّق – خلال تجربتي المتواضعة- علا شأنه ، وهو في قرارته ليس إلا مجرّد دعيّ، نهّاز، ربما يفوت الفرصة، حتى على من حوله من مناضلين حقيقيين، وما أكثرهم …!
لا ضير، إنني مؤمن أن صاحب الدار أولى بشؤونه ، ورغم ذلك ، أحبّ أن أبين للأخوة في – البارتي- أنّ الحوار- بهذا الشكل- قد خرج عن حده ، بين أصحاب وجهتي النظر المتباينتين ، بين طرفين منهم، ولا علاقة لي بالحجم التنظيمي لأي منهما ، هنا ،  ولعلّ ما يدور الآن بين العزيزين : لوند الملا وهو الذي يملك إمكانات كتابية يحسد عليها – وأنا لا أعرفه شخصياً ، و الصديق الكاتب المعروف توفيق عبد المجيد الذي عرفته طويلاً عن قرب، حول من هو : محمد حسين؟ وسواه ، ناهيك عما دار بين الصديقين د : عبد الحكيم بشار والكاتب بير رستم (وقد أوقفا دفة الحوار قبل الآن مشكورين) إنما بات يتاخم هذه الضفاف التي لا يرتاح لها الصديق، وتسرّ من يضمر العداء لكلا الطرفين، على حدّ سواء ، وواضح أنّهما معاً يتحاوران بصوت عال، من منطلق الغيرة على حزبهما ، كل من جهته ، وإن كنت لست مع استخدام أي أسلوب عنف في مواجهة الآخر.

  من هنا ، إنني أدعو هؤلاء الأعزاء في الطرفين- أقول : الطرفين مجازاً أيضاً – و الذين التهوا على مدار أشهر ، كما أتابعهم ، بمناوشات ثانوية – وإن كنت مع  نقاش كل ما هو جوهري ، من نقد موضوعي – يفيد  القضية الكردية في سوريا ، ويدفعها إلى الأمام ، لا  نشر- الغسيل- على حبال الشبكة العنكبوتية ، خصوصاً حين يكون منطلق ذلك ردّات الفعل ، لأن الخاسر، يقيناً ، ليس مجرّد طرف منهما -بعيداً عن لغة النصح المقيتة- مهما كانت أدلته وبراهينه وحججه ، قوية ، بل الخاسر هو الحزب الذي يدافع كل منهم باسمه ، ولن أدعو للاحتكام إلى دائرة الطباشير ، ليقيني أن كلا الطرفين هو مناضل في حزبه ، وغيور عليه ، وإن التعامل بردود الفعل جدّ مضر بجميعهم ، وبحزبهم، ولا يمنع- البتّة- من مناقشة ما أمكن، ضمن صفوف هذا  الحزب ، وخارجه ، بلغة نقدية ، ولعلّ من يخطأ بحقّ أي حزب- في أيّ موقع كان- لا بد ّمن أن يدفع الضريبة ،حزبياً ، ولا يستطيع الاستمرار في خداع  كل من حوله ، ولكل من مارس العمل الحزبي تجربته في هذا المجال .

بأعلى صوتي أنادي : أعزائي في البارتي أن  أوقفوا الحوار الذي بات يشطّ عن مساراته ، ويغرق في ما هو شخصي ، جارح،  ما دام مؤذياً- بالتالي- لهيبة حزب ، نعرف مدى حضوره ، و أدعو للمّ شمل أطرافه الثلاثة، على حدّ سواء ، بالإضافة إلى من هم الآن، خارج هذه الأطراف ، وهم لا يزالون يرون في أنفسهم حاملين روحية هذا الحزب، مجسدين لضميره.

أجل ، هي دعوة مني إليكم- أيها الأعزاء أجمعين- للانخراط في حوار سياسي عام ، راق ، مسؤول ، بعيداً عن التجريح ، والتخوين، بل ونبذ كل ما هو شخصي ، لأن الحركة الكردية ، هي بحق أحوج للنقد الموضوعي ، وما وصل إليه الحوار الآن ، هو غير ذلك، اعذروني…..!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…