المحامي محمود عمر
دأبت الحركة السياسية الكردية في سوريا ومنذ نشؤهاـ وفي الوقت الذي اعتنقت معظم حركات التحرر في العالم عقيدة الكفاح المسلح وأداتها البندقية للوصول إلى ما تربو إليه ـ على انتهاج مبدأ النضال السياسي السلمي كوسيلة لتحقيق أهدافها القومية والوطنية, , ولم يأتي خيار الحركة هذا عن عبث بل جاء نتيجة للوعي السياسي المتقدم لقادتها وساستها الأوائل وإدراكهم لحقائق الواقع والتاريخ وحتمية العيش المشترك, فالخارطة السياسية والجغرافية للمنطقة برمتها قد تشكلت وفق مصالح الدول الكبرى ودون أن يكون لشعوب المنطقة أي دور أو اعتبار في رسم هذه الخرائط, وخدمة لهذا النهج الديمقراطي السلمي لم تأل الحركة جهدا في طرق كل الأبواب , والانفتاح على مختلف مكونات البلاد لشرح المعاناة الكردية وجعلها قضية وطنية تهم كل السوريين ويقع على عاتق الجميع مسؤولية البحث عن حلول لها , إلا إن هذا النهج قوبل من قبل السلطات المتعاقبة على سدة الحكم في البلاد بالتنكر الدستوري والقانوني للوجود القومي الكردي في البلاد وما يترتب على ذلك من حقوق
دأبت الحركة السياسية الكردية في سوريا ومنذ نشؤهاـ وفي الوقت الذي اعتنقت معظم حركات التحرر في العالم عقيدة الكفاح المسلح وأداتها البندقية للوصول إلى ما تربو إليه ـ على انتهاج مبدأ النضال السياسي السلمي كوسيلة لتحقيق أهدافها القومية والوطنية, , ولم يأتي خيار الحركة هذا عن عبث بل جاء نتيجة للوعي السياسي المتقدم لقادتها وساستها الأوائل وإدراكهم لحقائق الواقع والتاريخ وحتمية العيش المشترك, فالخارطة السياسية والجغرافية للمنطقة برمتها قد تشكلت وفق مصالح الدول الكبرى ودون أن يكون لشعوب المنطقة أي دور أو اعتبار في رسم هذه الخرائط, وخدمة لهذا النهج الديمقراطي السلمي لم تأل الحركة جهدا في طرق كل الأبواب , والانفتاح على مختلف مكونات البلاد لشرح المعاناة الكردية وجعلها قضية وطنية تهم كل السوريين ويقع على عاتق الجميع مسؤولية البحث عن حلول لها , إلا إن هذا النهج قوبل من قبل السلطات المتعاقبة على سدة الحكم في البلاد بالتنكر الدستوري والقانوني للوجود القومي الكردي في البلاد وما يترتب على ذلك من حقوق
و كذلك سعت إلى تهميش وطمس دور الكرد الحضاري في تاريخ المنطقة ودوره الريادي في بناء هذا الوطن وتحريره وعلى مختلف الصعد والجبهات, ولم تكتف السلطات بذلك بل حاولت دوما تأليب الرأي العام السوري ضد الكرد عبر تشويه حقيقة وواقعية ومشروعية المطالب الكردية و طبقت بحق الكرد قوانين ومراسيم وسياسات تمييزية ممنهجة تستهدف وجوده ومنها على سبيل المثال لا الحصر مشروع الحزام العربي الذي كان الغاية منه إضافة حد فاصل جديد ـ فضلا عن الحدود الدولية ـ بين كرد سوريا وتركيا والعراق لتغيير الطابع الديمغرافي للمنطقة وذلك بنزع أيادي الكرد عن أراضيهم الزراعية الخصبة وتوزيعها على العرب الذين استقدمتهم من حلب والرقة وكذلك الإحصاء الاستثنائي الذي جرد بموجبه وبين ليلة وضحاها عشرات الآلاف من الكرد من جنسيتهم السورية وبات عددهم يقترب الآن من الربع مليون نسمة ,إضافة إلى تعريب المناطق الكردية عبر جرد البشر والحجر والشجر من مسمياتها الأصلية وإطلاق تسميات عربية عليها,والضغط على الكرد عبر كل الوسائل لدفعهم نحو الهجرة الداخلية والخارجية وفصل العمال الكرد من الوظائف والطلبة من الجامعات والمعاهد ,وسد أبواب معظم الكليات العسكرية في وجه الطلبة الكرد ,ومع كل هذا الظلم والحيف ـ الذي استمرـ وما زال ـ عبر هذه العقود الطويلة ـ ظلت الحركة الكردية متمسكة بخيارها السلمي في النضال.
إلا انه وفي ظل المتغيرات التي شهدها عالمنا المعاصر وبالتزامن مع مراجعة العديد من حكومات ودول العالم لسياساتها تجاه القضايا القومية والإثنية الشائكة في بلاد هاو التي كانت تقف حجر عثرة في وجه تطورها وتقدمها واستعدادها للانفتاح وفتح باب الحوار لحل هذه القضايا جنحت معظم حركات التحرر نحو ترك لغة البنادق والتوجه صوب أبواب الحوار وربما أقرب مثال على ذلك هو ما تطرحه الحكومة التركية مؤخرا من مبادرات لحل القضية الكردية لديها,في ذات الوقت فإن السلطة في بلادنا تأبى إلا أن تسير عكس التيار فيما يخص الملف الكردي لديها فكل متتبع للمشهد الكردي السوري سيلاحظ تصعيدا لوتيرة الإجراءات والسياسات والقوانين التمييزية بحق الكرد ليس آخرها المرسوم49 الذي وجدت مواده في البيئة الكردية المناخ الأفضل للتطبيق والانتعاش,وكذلك القرار القاضي بمنع مزاولة المجردين من الجنسية للعمل حتى في المطاعم والفنادق هؤلاء الذين لفظهم الإحصاء الاستثنائي من مسقط رأسهم ليشكلوا أحزمة فقر حول العديد من مدن الداخل وبالأخص مدينتي دمشق وحلب, إضافة إلى اعتقال المئات من المواطنين الكرد على خلفية نشاطهم السياسي والثقافي أو اهتمامهم بالشأن العام وطال الاعتقال العديد من القيادات الكردية والوطنية ومنهم رموز من قيادات إعلان دمشق,وتم إحالتهم إلى محاكم مدنية وعسكرية وصدر بحق العديد منهم أحكام قاسية ومجحفة,إضافة إلى ذلك عاد الى الواجهة من جديد مسلسل فصل ونقل الموظفين والطلبة الكرد وتم منع و مداهمة كل نشاط أو مناسبة حاول الكرد إحيائها أيا أكان طابع هذه المناسبة ثقافيا كان أم سياسيا أو حتى مناسبة عامة,ومنع الكرد من إحياء عيد نوروز لهذا العام بالشكل الذي اعتادوه ومنذ عدة عقود ,ولم تكتف السلطات بكل ذلك بل أصبحت تتدخل في تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين وأصبحت تحاربهم حتى في اختيار اللون الذي يحبذونه, فقد شهد عيد نوروز لهذا العام تطاول عناصر الدوريات الأمنية حتى على الأطفال الصغار وذلك بنزع الشارات والقبعات التي يرتادونها إذا كانت تحمل بين ألوانها الأحمر أو الأخضر أو الأصفر وتم إحالة العديد منهم إلى المحاكم العسكرية وما زالت محاكماتهم مستمرة إلى يومنا هذا ومنعت الفرق الفلكلورية من نصب مسارحها وأداء دبكاتها ورقصاتها المعتادة في كل عام ويتم إبلاغ أصحاب النوادي بضرورة منع أو إبلاغ الجهات المعنية عن أي حفل يتم فيه رفع أو استعمال الألوان السابق ذكرها حتى تقوم هي بالمنع ويتم يوميا تبليغ أصحاب المحلات التجارية بضرورة تغيير أسماء محلاتهم وإطلاق تسميات عربية عليها وإلا فسيتم تشميعها وهذا غيض من فيض تلك الإجراءات التي تدفع بالمواطن الكردي نحو المزيد من الشعور بالغبن و أصبح كمن يقضي فصول عقوبة جماعية, ولا نبالغ إذا قلنا بأن المواطن الكردي أصبح يستشعر بأنه يعامل من قبل سلطته كخصم وليس كمواطن يفترض بهذه السلطة أن تسهر على أمنه وأمانه وتحفظه حسب واجباتها المنصوص عنها في الدستور السوري من الجوع والعوز والمرض وتكفل له الحياة الحرة الكريمة.
وإذا كانت الغاية من وراء هذه الإجراءات الخبط عشواء عزل الكرد وحصرهم في زاوية ضيقة حتى لا تبق أمامهم طاقة للنور يبصرون من خلالها وفرصة للتفكير العقلاني وبالتالي دفعهم نحو التطرف بغية تسجيل العديد من الأهداف الشوفينية في المرمى الكردي, فإننا نقول انه ما زال لدى الحركة الكرديةـ رغم سوء حالتها وتشتتها ـ رصيد كاف من التجارب والمرونة والحنكة السياسية والحس الوطني يمكنها من تجنب هذه المزالق والإستمرار في تصويب بوصلتها نحو الاتجاه الصحيح والتوفيق والتوازن بين بعدي نضالها الوطني والقومي بين همها السوري العام وهمها القومي الخاص,وسيبقى قطار الخيار السلمي الديمقراطي للحركة الكردية ـ الذي اختارته ابتدءا ـ في مساره الصحيح, وآن الأوان للسلطات في بلادنا ـ وأسوة بتجارب الجوار ـ أن تنظر بعين أخرى إلى مجمل القضايا الوطنية ومنها القضية الكردية عين ترى الوقائع كما هي عين تبحث ـ وانطلاقا من ذلك وعبر لغة الحوار ـ عن الحل لا عن الإلغاء فقد ولى زمن والصهر والإقصاء والإلغاء إلى غير رجعة.
إلا انه وفي ظل المتغيرات التي شهدها عالمنا المعاصر وبالتزامن مع مراجعة العديد من حكومات ودول العالم لسياساتها تجاه القضايا القومية والإثنية الشائكة في بلاد هاو التي كانت تقف حجر عثرة في وجه تطورها وتقدمها واستعدادها للانفتاح وفتح باب الحوار لحل هذه القضايا جنحت معظم حركات التحرر نحو ترك لغة البنادق والتوجه صوب أبواب الحوار وربما أقرب مثال على ذلك هو ما تطرحه الحكومة التركية مؤخرا من مبادرات لحل القضية الكردية لديها,في ذات الوقت فإن السلطة في بلادنا تأبى إلا أن تسير عكس التيار فيما يخص الملف الكردي لديها فكل متتبع للمشهد الكردي السوري سيلاحظ تصعيدا لوتيرة الإجراءات والسياسات والقوانين التمييزية بحق الكرد ليس آخرها المرسوم49 الذي وجدت مواده في البيئة الكردية المناخ الأفضل للتطبيق والانتعاش,وكذلك القرار القاضي بمنع مزاولة المجردين من الجنسية للعمل حتى في المطاعم والفنادق هؤلاء الذين لفظهم الإحصاء الاستثنائي من مسقط رأسهم ليشكلوا أحزمة فقر حول العديد من مدن الداخل وبالأخص مدينتي دمشق وحلب, إضافة إلى اعتقال المئات من المواطنين الكرد على خلفية نشاطهم السياسي والثقافي أو اهتمامهم بالشأن العام وطال الاعتقال العديد من القيادات الكردية والوطنية ومنهم رموز من قيادات إعلان دمشق,وتم إحالتهم إلى محاكم مدنية وعسكرية وصدر بحق العديد منهم أحكام قاسية ومجحفة,إضافة إلى ذلك عاد الى الواجهة من جديد مسلسل فصل ونقل الموظفين والطلبة الكرد وتم منع و مداهمة كل نشاط أو مناسبة حاول الكرد إحيائها أيا أكان طابع هذه المناسبة ثقافيا كان أم سياسيا أو حتى مناسبة عامة,ومنع الكرد من إحياء عيد نوروز لهذا العام بالشكل الذي اعتادوه ومنذ عدة عقود ,ولم تكتف السلطات بكل ذلك بل أصبحت تتدخل في تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين وأصبحت تحاربهم حتى في اختيار اللون الذي يحبذونه, فقد شهد عيد نوروز لهذا العام تطاول عناصر الدوريات الأمنية حتى على الأطفال الصغار وذلك بنزع الشارات والقبعات التي يرتادونها إذا كانت تحمل بين ألوانها الأحمر أو الأخضر أو الأصفر وتم إحالة العديد منهم إلى المحاكم العسكرية وما زالت محاكماتهم مستمرة إلى يومنا هذا ومنعت الفرق الفلكلورية من نصب مسارحها وأداء دبكاتها ورقصاتها المعتادة في كل عام ويتم إبلاغ أصحاب النوادي بضرورة منع أو إبلاغ الجهات المعنية عن أي حفل يتم فيه رفع أو استعمال الألوان السابق ذكرها حتى تقوم هي بالمنع ويتم يوميا تبليغ أصحاب المحلات التجارية بضرورة تغيير أسماء محلاتهم وإطلاق تسميات عربية عليها وإلا فسيتم تشميعها وهذا غيض من فيض تلك الإجراءات التي تدفع بالمواطن الكردي نحو المزيد من الشعور بالغبن و أصبح كمن يقضي فصول عقوبة جماعية, ولا نبالغ إذا قلنا بأن المواطن الكردي أصبح يستشعر بأنه يعامل من قبل سلطته كخصم وليس كمواطن يفترض بهذه السلطة أن تسهر على أمنه وأمانه وتحفظه حسب واجباتها المنصوص عنها في الدستور السوري من الجوع والعوز والمرض وتكفل له الحياة الحرة الكريمة.
وإذا كانت الغاية من وراء هذه الإجراءات الخبط عشواء عزل الكرد وحصرهم في زاوية ضيقة حتى لا تبق أمامهم طاقة للنور يبصرون من خلالها وفرصة للتفكير العقلاني وبالتالي دفعهم نحو التطرف بغية تسجيل العديد من الأهداف الشوفينية في المرمى الكردي, فإننا نقول انه ما زال لدى الحركة الكرديةـ رغم سوء حالتها وتشتتها ـ رصيد كاف من التجارب والمرونة والحنكة السياسية والحس الوطني يمكنها من تجنب هذه المزالق والإستمرار في تصويب بوصلتها نحو الاتجاه الصحيح والتوفيق والتوازن بين بعدي نضالها الوطني والقومي بين همها السوري العام وهمها القومي الخاص,وسيبقى قطار الخيار السلمي الديمقراطي للحركة الكردية ـ الذي اختارته ابتدءا ـ في مساره الصحيح, وآن الأوان للسلطات في بلادنا ـ وأسوة بتجارب الجوار ـ أن تنظر بعين أخرى إلى مجمل القضايا الوطنية ومنها القضية الكردية عين ترى الوقائع كما هي عين تبحث ـ وانطلاقا من ذلك وعبر لغة الحوار ـ عن الحل لا عن الإلغاء فقد ولى زمن والصهر والإقصاء والإلغاء إلى غير رجعة.