طلابنا … من أرق الامتحانات إلى قلق القبول الجامعي

  صوت الأكراد *

بعد أن أنهى طلاب الشهادة الثانوية , وبمختلف فروعها العلمية والأدبية والفنية والمهنية … الامتحانات الرسمية , بعد أرق وجهد كبيرين , بغية تحقيق أحلامهم في الدخول إلى إحدى الفروع الجامعية وفق رغباتهم , باتوا في حالة من القلق والترقب لإمكانية قبولهم الجامعي أو عدمه , وينبع هذا القلق من المعايير الجديدة التي ستتبع في القبول الجامعي اعتباراً من العام القادم , حيث أصدر وزير التعليم العالي الدكتور غياث بركات القرار رقم (109) تاريخ 17/3/2009م , الذي تضمن مجموعة من القواعد الجديدة والمواد الخاصة بمفاضلة القبول الجامعي, والتي يأتي في مقدمتها المادة الثالثة التي حددت حق الطالب الناجح في الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي في التقدم للمفاضلة العامة مرة واحدة فقط ( إذا قبل فيها ) وذلك من العام الدراسي (2010 – 2011)
وقد بررت وزارة التعليم العالي هذا القرار بأنه يأتي حرصاً على المقاعد المهددة من قبل الطلاب الذين يسجلون ويأخذون مقاعد في المفاضلات، ثم يعيدون الثانوية ويتقدمون مرة ثانية للمفاضلة، فهم يحجزون مقاعد جامعية ولا يدرسون بناء عليها ‏, وهؤلاء يشكلون نسبة كبيرة وصلت في العام الماضي والذي سبقه إلى حوالي ثلاثة عشر ألف طالب، وهذا يعني ضياع ثلاثة عشر ألف مقعد جامعي، كان يمكن أن يستفيد منها طلاب آخرون, ‏وسيتم العمل بمضمون هذه المادة اعتباراً من العام الدراسي (2010-2011) أي إن الطالب الذي يتقدم لمفاضلة العام الحالي لن تنطبق عليه هذه المادة لأنه لم يخبر بها من قبل، وعليه يحق للطالب الذي تقدم لمفاضلة العام الماضي ويعيد الثانوية- التقدم إلى المفاضلة العامة هذا العام، فالطالب الذي ينجح في الثانوية هذا العام ويقبل في المفاضلة العامة بأنه لن يسمح له – إذا أعاد الثانوية – بالتقدم للمفاضلة العامة في العام الذي يليه، وسيكون أمامه التعليم الموازي إذا أصر , وكذلك اعتماد اختبارات للقبول تحت ذريعة قبول الأكفأ وممن هو موهوب أو متفوق في الفرع الذي يتقدم إليه, يضاف إلى هذه المادة , المعدلات العالية جداً للقبول الجامعي , وسوء التوزيع الجغرافي للجامعات في القطر….
دون شك مثل هذه القرارات في ظاهرها وكما تدعي وزارة التعليم العالي تأتي لتطوير أداء الوزارة بما يكفل جودة التعليم … وفيه دعم لمسيرة التطور العلمي وإغناء للعمل وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص , إلا أن الأمر أبعد من ذلك على ما يبدو , فلو كانت الوزارة حريصة على جودة التعليم وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وحريصة على المقاعد المهددة حسب تعبيرها لكان الأولى بها أن تلغي المقاعد المخصصة للشبيبة والصاعقة وكذلك أبناء أبطال الجمهورية وأبناء الهيئة التدريسية في الجامعة ….الخ , وما كانت لتسمح للطلاب الذين تقدموا للتسجيل في الجامعات الخاصة بالتقدم للمفاضلة العامة , فكل ذلك لا يمت إلى جودة التعليم بصلة , ثم على ما يبدو أن هناك دفع للطالب باتجاه الجامعات الخاصة أو التعليم المفتوح أو الموازي ( لأسباب لا تخفى على أحد ) , وكلها تتطلب مبالغ باهظة لا يستطيع تأمينها إلا النذر اليسير من المواطنين ….

وعليه , فإن الوزارة مطالبة باتخاذ حزمة جديدة من الإجراءات , لتصحيح آلية القبول الجامعي , كإلغاء المادة الثالثة من القرار رقم( 109 ), وإلغاء مقاعد الشبيبة والصاعقة , والمقاعد الخاصة الأخرى, وتخفيض معدلات القبول الجامعي , ووضع مفاضلة خاصة لأبناء المناطق النامية, وخاصة محافظة الحسكة , ففي السنوات الأخيرة , مرّ الطالب , أسوة ببقية المجتمع في المحافظة بظروف قاسية, لم تتح له أجواء مناسبة للدراسة, ثم اعتماد درجات الثانوية العامة كمعيار في القبول  والابتعاد عن الاختبارات في هذا المجال , ففي ذلك تجن على المجهود الذي بذله الطالب في الامتحانات , وتحقيق توزيع جغرافي عادل للجامعات والكليات في مختلف المحافظات وحسب نسب الطلاب في كل محافظة …الخ.

إن تنفيذ سياسية الاستيعاب الجامعي وديمقراطية التعليم , التي نادت بها السلطات السورية طويلاً , باتت في مهب الريح , فعليها تدارك الأمر قبل فوات الأوان, وإنقاذ التعليم من براثن الفساد وسوء التخطيط, كي لا يأتي يوم على التعليم في سوريا يباع ويشترى كما هي السلع , وبذلك نكون أمام سوق للتعليم لا يرتاده سوى الأغنياء والسماسرة  .

* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) – العدد (416) حزيران 2009

لقراءة مواد العدد انقر هنا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…

نظام مير محمدي* في الغالب، فإن النظام الإيراني يبدو في حالة لا تمکنه من أن يصر على إن أوضاعه على ما يرام وإن ما حدث خلال العامين الماضيين الى جانب ما يحدث له حاليا على الاصعدة الداخلية والاقليمية والدولية، لم يٶثر عليه سلبا، ذلك إن الامر قد تعدى وتجاوز ذلك بکثير ولاسيما بعد أن تناقلت…