52 عاماً والحركة الكوردية تجدد العهد في البقاء على النهج السُباتي …

إبراهيم مصطفى (كابان)

يصادف هذه الأيام ذكرى الثانية والخمسين لتأسيس أول تنظيم كوردي في سوريا (حزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا) ، ومن الطبيعي كما تعودنا ستسابق تنظيماتنا السياسية ..

سواء بأسمائها أو بأسماء الأطر التي تنتمي إليها إلى إصدار بيانات التمجيد والتذكير احتفالاً بهذه المناسبة ، ولعل الشيء الوحيد الذي نستطيع قوله في هذا المقام هو أن تنظيماتنا السياسية لا تتفق على أذن الجمل فيما بينها ..

إلا على هذا اليوم وذلك لجملة من الأسباب أبدعتها خلال مسيرتها الممتدة من الانشقاقات الأولى المتكررة وانتهاءً بتكريسها النزاعات اللاحقة من القواعد إلى القمة ، مع قناعة واعتقاد لدى كل طرف باستمراره وحده على النهج الذي تأسس عليه التنظيم الأول.
وبالتأكيد أن طريقة الاحتفال بهذه المناسبة التاريخية يختلف عند كل طرف ، حيث كتابة واستصدار البيانات ..

ونوعية الخطاب التي تحدد امتداد النضالي لكل تنظيم ، وسنشاهده من خلال تلك البيانات : كل طرف يبرهن أحقيته في الوجود وأن نهجه هو الصحيح ..

ومسلكه طريقاً وحيداً لخلاص الشعب الكوردي من الظلم والهوان ، مما سيبرز أمام العيان أن حركتنا السياسية تعاني فرقة هوجاء وحالة من التشرذم العجيب ، والمزمنة في ذاتها المتصارعة بحكم استعراضات عمياء تفنن كل طرف في لعب البهلوانات والتهاريج المضحكة كثيراً ما نشاهده مثيلها في السرك ، مع العلم أن جميع تنظيماتنا ستستعرض ما لديها من عضلات فارغة بالكلام الممجوج ، مع حفاظ البعض القلة على خطاب سياسي قوي وشديد ، والبعض الآخر سيبادر إلى اتهام التيار الآخر بالتسبب في إخفاق المشاريع وتبرز الخطابات الرانبوية ، وسنجد أن لغة كتابة أي بيان أو  تصريح بهذه المناسبة يتراوح بين تصاعدي وسُباتي مع أن الخِطابين الإبداعيين لسادة القادة الكرام سيجتمعان في نهاية البيان على الآليات الكلاسيكية للنضال الذي يُعدم فيها تحديد الموقف من آلة التصفية والمشاريع العنصرية ..

وخلوها من القيام بنضالات عملية سلمية في الشارع ، وسنشاهد في تلك البيانات الورقية الإنترنتية بعد توجيه التبريكات مزيداً من الإخفاقات والإنبطاحات المخجلة ، مما تسبب وسيسبب في خلق مزيداً من الصراعات المبطنة والمخفية خلف واوات المبتدئ وميمات الخبر ، وذلك لاجتماعهم واتفاقهم على البقاء في جسم صامت وساكن ومنهار المسمى الحركة السياسية الكوردية وبعنوان عريض وكوميدي ( ممثلي الشعب الكوردي في سوريا) ، وفي المقابل سنجد ركودها ورضوخها بارزاً بلوغ السيل الزوبا في  زحمة الخلافات ، وما أكثرها ذو طابع عشائري وغير مبررة ، هذه الخلافات سانحة الفرصة أمام الحقودين ليزيدوا كيدهم ويرفعوا وتيرة اضطهادهم لشعبنا الكوردي ، ويمرروا بمشاريعهم الحقودة وتركيبها وتطبيقها في الشارع الكوردي ، الذي يشبه شارعه صومال وكابول الفقيرة والجائعة من التعب والحرب.
وبحكم الصراعات القائمة في ذات الحركة والمنفعلة بسبب النزاعات واستمرار البعض الأغلبية المضي قدماً على النهج الكلاسيكي خلق حالة من الركود أمام مسيرة التطور داخل الحركة مما دفع بالقلة المتصاعدة إلى الرجوع للخلف بعد الإحباط العام الذي أوجده النظام برفع وتيرة قمعه لتيار التصاعدي .
وسنجد أيضاً أن تلك الخطابات المختلفة في التوجيه وترجمته في الشارع هي نفسها مجتمعة في الآليات الكلاسيكية لطالما لا يمتلك روادها مشروعاً حقيقياً غير وقتياً ، وفي ضوء هذه المشاريع القصيرة لتيار التصاعدي فمن الطبيعي سيكون مسيرة من يقودها العودة إلى المستوى القديم الكلاسيكي وبهذا فهي أيضاً تنضم إلى قطار النوم الذي يختار دون سواه  تنظيمات الكلاسيكية وهي فاقدة لأي عمل ميداني وذلك لتأكيد الجميع على صيرورة الفكر السُباتي الفكري والعقائدي المشهور بالإحباطية الكلية.
   فالمشهد السياسي الكوردي محبط تماماً ، ولنهوضها يتطلب مزيداً من الجهود الحثيثة لإيجاد أرضية حقيقية لتقارب وجهات نظر تنظيماتنا ، ولعل وضع التنظيمات وخياراتها وإفلاسها من النضالات ووضعها القائم مخيبة للآمال ومنبعثة للقشعريرة وهز الأبدان ، فببعدها عن المسيرة الحقيقية للنضال القومي جعلت منها مجموعة تنظيمات ضعيفة غير قابلة للتقدم بالنضال العملي في الشارع .
ولعل هذه المناسبة هي الأجدر في أن تكون مقدمة لعمل ما أو بوابة حقيقية أمام تنظيماتنا السياسية كي تفتح صفحاتها ..

وتراجع حساباتها ..

وتسع صدرها لتقبل بعضها بجد ، ودون شروط مسبقة المتصدرة إليها من الجهات الحقودة المسببة أصلاً في وجود الحالة القائمة في هيكليتها ، مع التأكيد أن الأمر يتطلب ابتعاد الجميع عن الاتهامات الجاهزة ، والمطلوب أن يبدأ الجميع بتطهير نفسها من شراذم الجهات الحقودة ، لأن ما يعانيه حركتنا السياسية هي نتيجة لسلبيات الجميع دون استثناء.
 وإذا كانوا جديين في صناعة موقف كوردي موحد كما نرى ونقرأ على صفحات منشوراتهم وفي زوايا مواقعهم الإلكترونية وفي المشاريع المطروحة حالياً على الشارع السياسي الكوردي فإن الفرصة سانحة لذلك ، وليبدءوا بمصارحة ذاتهم المتعبة لتنظيماتهم والمعطلة  لنضالاتهم وتحركاتهم ، ومن ثم النظر في أسرهم الحزبية بعيداً عن الفكر العشائري الذي أمتاز بها السُباتيين ، مع الالتزام الكامل بالابتعاد عن خطاب رؤساء العشائر الذين من المؤكد سنشهد منها الكثير في البيانات القادمة والصادر عن التنظيمات الحزبية بهذه المناسبة العظيمة ، هذا الخطاب الذي اصطفاهم إلى جانب الدوائر الحقودة لاضطهاد المواطن الكوردي الأعزل.
فالكل مطالب في هذه المناسبة بتحديد موقفه من القضية ..

هل هم وطنيون بحق ..

أم مجرد قبليون يرمون الوطنيات بالكلام فوق رؤوسنا، ولهم أن يثبتوا ذلك من خلال تحديد موقفهم من الجهات الحقودة ، وبعد ذلك يجب عليهم القيام بنضالات عملية في الشارع ، وإذا كانوا غير قادرين على قيادة دفة النضال العملي فعليهم إفراغ الساحة لمن هو أجدر منهم في القول والفعل ، وأنا على يقين تام إن في شرعنا الكوردي تيارات نامية تنتظر شرارة التحرك الحقيقي من أجل إبداء النضال العملي السلمي في الميادين.
وفي ظل استمرار حالة الفزع والذعر التي تفننت في انتشارها الدوائر الأمنية في القرى والمدن بعد رفع وتيرة عنصريتها التصفوية ومعها زيادة مشاريعها الهادفة إلى تفريغ المنطقة الكوردية من السكان بعد سن قوانين لتسهيل ذلك مرفقة باعتقالات منظمة بحق السياسيين والمثقفين والمواطنين الكورد .
ولعل هذه المناسبة بوابة لأن نصارح فيها مع أنفسنا كي نجنبها مزيداً من الأخطاء والسلبيات التي خنقت كافة نضالاتنا ، وطرح أسئلة مصيرية على ذاتنا جميعاً ، قد تكون مفيدة لهذه المرحلة المهمة من تاريخ نضالنا المشروع .
وأول تلك الأسئلة المفيدة هو : هل اغتنمت تنظيماتنا هذه الفرصة لاسترجاع حساباتها وتقييم نشاطاتها السابقة ..

هلا نظرت تنظيماتنا برهة إلى الوضع المعيشي وما يعانيه المواطن الكوردي من فقر وجوع وتهجير جراء برنامج تجويعي تبنته الجهات الحقود على المواطن الكوردي والسوري ، هذا الوضع السيئ دفع آلاف العائلات إلى الهجرة من قراهم ومدنهم التي أشرفت على إفراغها برمتها من السكان ..

هذه العائلات والأعداد الكبيرة من الشباب يقصدون المدن الكبرى ودمشق ..

حيث ملئت شوارعها وضواحيها بالعمال.
وإذا كانت أحزابنا تعتقد بأنها غير مسؤولة عنما  يحصل للمواطن الكوردي فينبغي بعد ذلك عدم التفوه بتمثيله الشعب الكوردي من خلف قن الدجاج ، وإذا كانوا يمثلوهم فعليهم تحمل مسؤولياتهم اتجاه ما يحصل ..

مع أنهم شركاء ومسؤولين قبل غيرهم لما  يحصل للمواطن الكوردي لطالما يصمتون ولا يفعلون شيء حيال ذلك.
هلا شاهدنا من أجل الدفاع عن لقمة المواطن الكوردي أي عمل نضالي عملي سلمي جماعي في الشارع يكون له التأثير المباشر على مراكز القرار.
ويبدوا أن تنظيماتنا صامتة حيال ما يجري من المشاريع والمؤامرات المحاكة اتجاه المواطن الكوردي ، وغير قادرة على قيادة دفة النضال الحقيقي وصناعة الحدث ، فهي مازالت تظهر وتؤكد بين فينة وأخرى عدم استطاعتها فعل أي شيء، بل كانت ولازالت تساهم في خلق مزيداً من عقبات أمام دفة النضال الحقيقي، وإفصاح المجال أمام الحقودين لتطبيق مشاريعهم ، والذي يتفقون عليه في شعاراتهم العريضة : إظهار مزيداً من الرضوخ والصمت وتبيان الصراعات والنزاعات الفارغة.
فماذا يجمعهم غير  نصرة القضية ، وبتفرقهم يؤكدون بعدهم عنها ، وحينما يفكرون بجد في إيجاد النضالات الحقيقية للقضية ..

وقتها سيجتمعون في صفاً واحد متفقين على تحديد مواقفهم من الدوائر الحقودة ومحددين آلياتهم النضالية العملية السلمية ويستطيعون بها صناعة خطاب كوردي حقيقي وسليم لا يخترقه أبَرْ الممجوجين الحقودين.
فعلى الشعب الكوردي تحديد خياراته اتجاه التنظيمات الكوردية والدوائر الحقودة ، وعلى التنظيمات التي تسمي نفسها بتنظيمات تصاعدية تحديد خطابها اتجاه الحقودين وتحديد موقفها إزاء ما يحصل لشعبنا ، فوجود الإنسان الكوردي بخطر في ضوء استمرار المشاريع التصفوية بحقه ، وإلا لن يكون لأي تنظيم يدعي التصاعدية مكان في الشارع النضالي …
وإذا كانوا ما زالوا يتأملون في تطوير التنظيمات السُباتية آلياتهم وخطابهم لمساعدتهم في خلق النضالات فعليهم إدراك أن تلك التنظيمات الكلاسيكية غير قادرة على ذلك وعليها السلام لأنها ميتة أصلاً وراقدين في سُباتهم الأزلي منذُ عقود ينتظرون أن يقدم لهم الحقودين الحل على صفيحة من الذهب ..

فهيهات هيات وتباً لما يعتقدون.

– كل عام والأماني تتحقق في استيقاظ السُباتيين من وهمهم الجبار ..

كل عام والسُباتيين يعاهدون على ذهاب جهود المناضلين صُدى ..

كل عام والمسيرة لن تكتمل بسبب عدم تحديد السُباتيين موقفهم من الحقودين على شعبنا وعدم رفعهم وتيرة النضال العملي ..

كل عام ودماء شهداءنا تفور بوجه السُباتيين ..

كل عام ويزداد الحقودين مشاريعهم في تصفية المواطن الكوردي دون مواجهتهم بالسبل السلمية العملية ..

كل عام والشعب ليس بخير حتى الآن ..

والمسيرة معطلة ..

والنضال يستمر كلاسيكياً ..

والخطاب قبورياً ..

والنضال تواكلياً ..

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

  ‏‏2009‏‏-‏06‏‏-‏12‏
  إبراهيم مصطفى (كابان) قيادي في تيار المستقبل الكوردي في سوريا
 كوباني

 البريد الجديد Kobani101@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…