رسالة سياسية بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لميلاد الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

في الرابع عشر من حزيران الجاري تصادف الذكرى الثانية والخمسين لتأسيس حزبنا الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، والذي جاء تأسيسه في تلك المرحلة من حياة بلادنا سوريا كحاجة موضوعية لتأطير النضال الوطني الكردي والدفاع عن مصالح الشعب الكردي من جهة وليكون رافدا من روافد الحركة الديمقراطية في سوريا آنذاك.

ومنذ بدايات التأسيس تبنى الحزب سياسة واقعية آخذا في الحسبان الواقع السياسي العام في البلاد وواقع الشعب الكردي وخصوصيته القومية.

إذ استطاع أن يوفق بين النضال الوطني السوري العام والنضال القومي الكردي ، ومن هنا فان الحزب طرح في برنامجه السياسي الأول هذه المعادلة التوفيقية بين بعدي عمله السياسي، إذ جاء في المادة الرابعة منه( عندما تتحرر بلادنا سوريا من الاستعمار الأجنبي وتتوقف التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، عندها سيطالب الحزب بالحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للكرد الذين يقدر عددهم بحوالي /400/ ألف نسمة).

طبعا كان هذا في عام 1957.
لقد آمن الحزب ومنذ البداية بان ربط القضية الكردية بقضايا البلاد العامة هو الخيار الوحيد لإيجاد حل موضوعي لقضايا الكرد، فبدون تفهم باقي فئات الشعب السوري وقواه السياسية لمطاليب الكرد ،لا يمكن إيجاد حل سياسي لهذه القضية، فالقضية الكردية يجب أن تتحول إلى قضية وطنية بامتياز، لا يقتصر عملية الدفاع عن معاناة الكرد ومطاليبه على الكرد فقط بل ليشمل جميع فئات وشرائح المجتمع السوري، وهذا مرهون بالدرجة الأولى بالحياة الديمقراطية في البلاد.

فبدون حياة ديمقراطية لا يمكن الوصول إلى حلول حقيقية لمشاكل وقضايا البلاد المختلفة ومنها القضية الكردية، ونتيجة لهذه السياسة الموضوعية كان الحزب هدفا للأوساط الشوفينية في السلطة وخارجها، لأنها كانت تجد في هذا الطرح الواقعي والموضوعي خطرا على سياساتها التي كانت تدعو إلى عزل الكرد عن باقي شرائح المجتمع السوري، وكانت تسعى بكل الوسائل والسبل إلى تأليب الرأي العام في البلاد ضد الكرد وتصويرهم كعامل خطر يهدد وحدة البلاد واستقراره، وكذلك من الفئات والقوى الانعزالية الكردية التي كانت تطرح شعارات قومية متشددة تدعو هي الأخرى إلى تأليب الرأي العام العربي ضد الكرد وإيجاد مناخ عدائي بين الشعبين العربي والكردي من خلال تلك المواقف والسياسات الانعزالية، إلا أن الحزب كان يعمل في الوسطين الوطني والقومي الكردي على حد سواء، وان اختلفت وتيرة العمل من مرحلة إلى أخرى نتيجة للظروف الموضوعية والسياسية التي كانت تمر بها سوريا إيمانا منه بان الكرد وعبر حركتهم السياسية يجب أن يكونوا عنصرا مؤثرا وفاعلا في المشهد السياسي العام .

كما إن الحزب وقف وبإمكاناته المتواضعة ضد الديماغوجية السياسية والسياسة الشعاراتية، وحارب بلا هوادة كل الطروحات التي كانت تلحق الضرر بمصالح الشعب الكردي، لذلك فانه تعرض لحملات من التضليل والنفاق السياسي من قبل بعض الأوساط الكردية التي كانت تتهمه تارة باليمينية وأخرى بالمساومة، إلا انه لم يتردد في الدفاع عن مواقفه إيمانا منه بان تلك الحملات ستنتهي وسينقشع الضباب وستبان الحقيقة للشعب الكردي، لان الحقيقة هي التي ستنتصر مهما طال الزمن.
واليوم وبعد مضي أكثر من خمسة عقود على عمر الحزب، فان الأحداث والتطورات التي مرت بها بلادنا سوريا على وجه العموم والحركة الكردية على وجه الخصوص تؤكد صحة وصواب هذه المواقف لأنها مبنية على الواقعية السياسية والموضوعية.

فالسياسة لا تبنى على الأحلام والتمنيات بقدر ما تبنى على الواقع.

فالواقع السياسي في سوريا وواقع الشعب الكردي وخصوصيته القومية تحتم علينا انتهاج سياسات موضوعية،متزنة، تأخذ في الحسبان هذه الخصوصية، وأية سياسات أخرى ستؤدي إلى نتائج غير محسوبة العواقب وسيدفع الثمن غاليا ابناء الشعب الكردي، ومن هذا المنطلق فإننا كحزب نؤمن إيمانا عميقا بأنه لا بديل عن النضال الوطني الديمقراطي، وان الحركة الكردية هي جزء من الحركة الوطنية والديمقراطية في البلاد، والكرد جزء من المجتمع السوري ، وان حل قضايا ومشاكل الكرد يجب أن يتم في الإطار الوطني السوري وعبر تفهم السوريين بكافة مكوناتهم الثقافية لهذه المعاناة، وعبر تحقيق الاندماج الوطني الحقيقي في البلاد وتحقيق المساواة بين كافة ابناء الوطن الواحد بغض النظر عن العرق أو الانتماء السياسي أو الديني.

– عاشت الذكرى الثانية والخمسين لميلاد حزبنا الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا.
– عاشت سوريا بلدا للجميع.
14/6/2009

المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…