فيصل يوسف
صحيح جداً ما يؤكد عليه بعض المفكرين بقولهم: “إن الأحزاب السياسية من أهم الفاعلين في الحياة الاجتماعية، لأنها أحد الأشكال الضرورية للوجود الاجتماعي، إذ يعيش المجتمع بمختلف طبقاته وفئاته الاجتماعية من خلالها حياته السياسية.
وبصفتها هذه، فإنها تمتلك القدرة على تحديد خيارات المجتمع واستشراف مستقبله، وإحداث تحولات فيه ليتلاءم مع التحديات المفروضة عليه، والمساهمة في تحديثه بشتى الوسائل”.
راودتني فكرة الكتابة في هذا الموضوع – تحديدا وبكل تواضع ــ لأهميته القصوى في حياة الناس، ولديمومة إعطاء الأولوية لدور الحزب السياسي في تبني مصالح الجماهير الواسعة، بديلاً عن الأطر التقليدية التي ولى عهدها وكانت سائدة في مجتمعنا بمراحل سابقة، والتي بدأت بالظهور لاحقا, في ظل غياب شبه كلي للمجتمع المدني ومؤسساته الفاعلة, لأسباب لست بصدد ذكرها في هذه المقالة
صحيح جداً ما يؤكد عليه بعض المفكرين بقولهم: “إن الأحزاب السياسية من أهم الفاعلين في الحياة الاجتماعية، لأنها أحد الأشكال الضرورية للوجود الاجتماعي، إذ يعيش المجتمع بمختلف طبقاته وفئاته الاجتماعية من خلالها حياته السياسية.
وبصفتها هذه، فإنها تمتلك القدرة على تحديد خيارات المجتمع واستشراف مستقبله، وإحداث تحولات فيه ليتلاءم مع التحديات المفروضة عليه، والمساهمة في تحديثه بشتى الوسائل”.
راودتني فكرة الكتابة في هذا الموضوع – تحديدا وبكل تواضع ــ لأهميته القصوى في حياة الناس، ولديمومة إعطاء الأولوية لدور الحزب السياسي في تبني مصالح الجماهير الواسعة، بديلاً عن الأطر التقليدية التي ولى عهدها وكانت سائدة في مجتمعنا بمراحل سابقة، والتي بدأت بالظهور لاحقا, في ظل غياب شبه كلي للمجتمع المدني ومؤسساته الفاعلة, لأسباب لست بصدد ذكرها في هذه المقالة
أقصد بذلك قيم العشيرة والقبيلة ووعاظ القول، دون الفعل، لاسيما وان الحراك السياسي الحزبي الكردي له تواجده الملحوظ ومناصرون كثر, وحقيقة، فثمة بعض الحالات الحزبية المتحررة من أسر الحزبية الضيقة والمنفتحة على أوسع الجماهير، والعامل على تحسين أوضاعها المادية والمعنوية والتفاعل معها للتعرف على أوجه معاناتها بغية المساهمة في حلها، والتصدي للمظاهر السلبية التي من شأنها جلب الضرر على مصالحها، والتي تكرس جل اهتماماتها لسعادة أبناء مجتمعها واستثمار الفرص المتاحة للخدمة العامة في دائرة الممكنات الذاتية والموضوعية المتوفرة، كنموذج علماني بناء لتعدد الخيارات نحو الوصول للهدف المنشود، وعدم الركون للإحباط والعدمية.
وعلى سبيل المثال والاستدلال ودون الانتقاص من جهود الآخرين، أو التقليل من أهميتها، فإنني أشير لبعض الأنشطة التي قام بها رفاق حزبنا (الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا) بغرض التقييم والتعميم والفائدة والتنافس على تحقيق المزيد مثلها، وللتأكيد على صحة الفرضية القائلة بأن الحزب هو أداة لخدمة المجتمع وتقدمه ، وليس العكس، وإن على أعضائه أن يمقتوا كل ما من شأنه جلب الأذية له، ويقفوا بالمرصاد لأي محاولة ترمي لزعزعة واستقرار السلم الأهلي، وأن نشاطهم لا ينحصر في جانب واحد، دون آخر.
فخلال أقل من عام واحد ، أنجزت منظمات الحزب في القامشلي والدرباسية وديريك (المالكية) مصالحات بين عوائل راح فيها ضحايا عديدة، وربما كانت ستروح ضحايا أخرى بسبب قضايا قابلة للحل عبر الحوار والأخوة والعيش المشترك وتحكيم العقل والأعراف الاجتماعية الخيرة ، وقبل ذلك وبالتعاون مع قوى اجتماعية وسياسية اخرى تمكنت منظمة الحزب في مدينة ديريك (المالكية) من ممارسة دور ريادي وايجابي في وأد الفتنة التي بدت ملامحها بالظهور هناك في شهر نيسان عام 2007 ، إثر شجار بين شباب كرد وسريان، راح ضحية ذلك أحد الشباب الكرد الأبرياء، وحينها تواصل رفاقنا مع طرفي الخلاف طالبين منهما ضبط النفس، وإبداء الشجاعة اللازمة لتحمل المسؤولية لمواجهة ماحدث، وبذلوا كل جهد ممكن حتى تحققت المصالحة بين المتخاصمين، وتم إعادة الوئام لأبناء المنطقة ولسان حال الجميع منهم يحمد لرفاقنا ولمن شارك معهم روح الإيثار والخصال الفاضلة.
لقد حرص الرفاق على أن يشترك معهم في عملية المصالحة شخصيات من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية من أبناء المحافظة، لإيمانهم بأن سوية الكل هو من سوية أجزائه ، وما يصيب المجتمع في جزء منه ، لابد أن يؤثر على باقي الأجزاء سلباً أم إيجاباً، فالمجتمع مثل الجسد إذا أصاب عضو منه بمرض تداعت له باقي الأعضاء بالسهر والرعاية، وإن لم تكن أعمدة البناء وأساساته من القوة والمتانة، فلن يصمد أمام الرياح القوية، ومآله عاجلا أم آجلا هو الهدم، ولاشك أننا جميعاً في بناء واحد ويخالجنا شعور الوحدة بالعمل معا للمحافظة عليه.
إن إعادة العافية لعلاقات اجتماعية كانت متوترة في المناطق المذكورة, تهدف لترسيخ وتعزيز الروابط بين أبناء المجتمع الواحد ، والسير به نحو الأفضل وتشكل حالة مثلى للمصداقية الحزبية مع النفس ومع الآخرين, وتؤكد على ثقافة ازدراء النفاق والمراوغة والكذب، ومدخلا حقيقيا , لكسب احترام وثقة المحيطين بالحزب، وتشجيعهم على محض التأييد له في خططه البرنامجية، ولاشك بان مثل هذه الأعمال, قد لاقت الترحاب والقبول من لدن أوساط جماهيرية واسعة مختلفة، تجمعها الحرص على دعم كل ما من شأنه تعميق الوشائج بين أبناء الوطن، والدفاع عنهم بغض النظر عن أي اعتبار عرقي أو ديني لتعزيز وتكريس مقومات العيش المشترك مع مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، دون تفريق بين هذا وذاك، فالناس قديماً وحديثاً يمتلكون من الحس السليم لتحكم على أي عمل من خلال النتائج التي أفرزتها وإن طال الزمن.
لابد أن يختلف الكثيرون في تقييمهم لسلوكيات ومناهج حزبية، لكننا نعتقد ومهما بلغت درجة المنافسة الحزبية الساخنة أن تتمكن من امحاء الأثر الطيب للأداء الناجح في بناء العلاقة مع المجتمع، فالوسيلة الأخلاقية البناءة هي التي تعطي القيمة الفاضلة للهدف المنشود وحشد التأييد له في نظر الآخر وخلق مقومات الوصول إليه ، ومن هذه الزاوية فإن ما يجب إن يتسم به الكادر الحزبي في تواصله الاجتماعي هو التسابق على خدمة المواطنين ، وعدم التردد في نسج العلاقة المتينة معهم، والمشاركة الميدانية في مناسباتهم الاجتماعية والدينية وتأدية الواجب في زمانه ومكانه، وان يتجلى ظهوره في المناسبات العامة وفقا لما يريده كل مواطن غيور على المصلحة العامة بالسهر على حماية السلم الأهلي من المتربصين بها والدفاع عنها.
لقد انحسرت نسبياً ثقافة التباري بالخدمة الملموسة لأبناء المجتمع في خطاب القوى الحزبية، وحلت محلها ثقافة الإحباط والتشكيك بالقدرات والتحجج بالظروف والإمكانات ، لعدم القيام بالأنشطة الثقافية والسياسية والاجتماعية، وفي موازاة ذلك ترى وتسمع المزيد من إلصاق الصفات السلبية من جانب تلك القوى لبعضها بعضاً، على حساب تسليط المزيد من الأضواء لمواقع الخلل والضعف، وتناولها بالنقد والتحليل وتقديم المقترحات الملموسة والتنافس على إنجاز ماهو مفيد ، لكي تساهم في تعزيز ثقة الجماهير بها , وتكون حاضنة لها.
أجل، أردت القول والتأكيد بأن ثمة وجوداً لمساحات واسعة من العمل النضالي التنافسي بين القوى المهتمة بالشأن الوطني، بكل مفرداته وعناصره , والمنضوية في الأحزاب السياسية بحيث لا تعدم وسيلة واحدة في تحقيق ما يمكن تحقيقه من الأهداف الموضوعة ولاشك بان الكل يدرك بان الحزب السياسي له مهمات عديدة فان لم يتمكن من بعضها مرحليا, فهذا لا يعني انسداد المجالات الأخرى .
وعلى سبيل المثال والاستدلال ودون الانتقاص من جهود الآخرين، أو التقليل من أهميتها، فإنني أشير لبعض الأنشطة التي قام بها رفاق حزبنا (الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا) بغرض التقييم والتعميم والفائدة والتنافس على تحقيق المزيد مثلها، وللتأكيد على صحة الفرضية القائلة بأن الحزب هو أداة لخدمة المجتمع وتقدمه ، وليس العكس، وإن على أعضائه أن يمقتوا كل ما من شأنه جلب الأذية له، ويقفوا بالمرصاد لأي محاولة ترمي لزعزعة واستقرار السلم الأهلي، وأن نشاطهم لا ينحصر في جانب واحد، دون آخر.
فخلال أقل من عام واحد ، أنجزت منظمات الحزب في القامشلي والدرباسية وديريك (المالكية) مصالحات بين عوائل راح فيها ضحايا عديدة، وربما كانت ستروح ضحايا أخرى بسبب قضايا قابلة للحل عبر الحوار والأخوة والعيش المشترك وتحكيم العقل والأعراف الاجتماعية الخيرة ، وقبل ذلك وبالتعاون مع قوى اجتماعية وسياسية اخرى تمكنت منظمة الحزب في مدينة ديريك (المالكية) من ممارسة دور ريادي وايجابي في وأد الفتنة التي بدت ملامحها بالظهور هناك في شهر نيسان عام 2007 ، إثر شجار بين شباب كرد وسريان، راح ضحية ذلك أحد الشباب الكرد الأبرياء، وحينها تواصل رفاقنا مع طرفي الخلاف طالبين منهما ضبط النفس، وإبداء الشجاعة اللازمة لتحمل المسؤولية لمواجهة ماحدث، وبذلوا كل جهد ممكن حتى تحققت المصالحة بين المتخاصمين، وتم إعادة الوئام لأبناء المنطقة ولسان حال الجميع منهم يحمد لرفاقنا ولمن شارك معهم روح الإيثار والخصال الفاضلة.
لقد حرص الرفاق على أن يشترك معهم في عملية المصالحة شخصيات من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية من أبناء المحافظة، لإيمانهم بأن سوية الكل هو من سوية أجزائه ، وما يصيب المجتمع في جزء منه ، لابد أن يؤثر على باقي الأجزاء سلباً أم إيجاباً، فالمجتمع مثل الجسد إذا أصاب عضو منه بمرض تداعت له باقي الأعضاء بالسهر والرعاية، وإن لم تكن أعمدة البناء وأساساته من القوة والمتانة، فلن يصمد أمام الرياح القوية، ومآله عاجلا أم آجلا هو الهدم، ولاشك أننا جميعاً في بناء واحد ويخالجنا شعور الوحدة بالعمل معا للمحافظة عليه.
إن إعادة العافية لعلاقات اجتماعية كانت متوترة في المناطق المذكورة, تهدف لترسيخ وتعزيز الروابط بين أبناء المجتمع الواحد ، والسير به نحو الأفضل وتشكل حالة مثلى للمصداقية الحزبية مع النفس ومع الآخرين, وتؤكد على ثقافة ازدراء النفاق والمراوغة والكذب، ومدخلا حقيقيا , لكسب احترام وثقة المحيطين بالحزب، وتشجيعهم على محض التأييد له في خططه البرنامجية، ولاشك بان مثل هذه الأعمال, قد لاقت الترحاب والقبول من لدن أوساط جماهيرية واسعة مختلفة، تجمعها الحرص على دعم كل ما من شأنه تعميق الوشائج بين أبناء الوطن، والدفاع عنهم بغض النظر عن أي اعتبار عرقي أو ديني لتعزيز وتكريس مقومات العيش المشترك مع مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، دون تفريق بين هذا وذاك، فالناس قديماً وحديثاً يمتلكون من الحس السليم لتحكم على أي عمل من خلال النتائج التي أفرزتها وإن طال الزمن.
لابد أن يختلف الكثيرون في تقييمهم لسلوكيات ومناهج حزبية، لكننا نعتقد ومهما بلغت درجة المنافسة الحزبية الساخنة أن تتمكن من امحاء الأثر الطيب للأداء الناجح في بناء العلاقة مع المجتمع، فالوسيلة الأخلاقية البناءة هي التي تعطي القيمة الفاضلة للهدف المنشود وحشد التأييد له في نظر الآخر وخلق مقومات الوصول إليه ، ومن هذه الزاوية فإن ما يجب إن يتسم به الكادر الحزبي في تواصله الاجتماعي هو التسابق على خدمة المواطنين ، وعدم التردد في نسج العلاقة المتينة معهم، والمشاركة الميدانية في مناسباتهم الاجتماعية والدينية وتأدية الواجب في زمانه ومكانه، وان يتجلى ظهوره في المناسبات العامة وفقا لما يريده كل مواطن غيور على المصلحة العامة بالسهر على حماية السلم الأهلي من المتربصين بها والدفاع عنها.
لقد انحسرت نسبياً ثقافة التباري بالخدمة الملموسة لأبناء المجتمع في خطاب القوى الحزبية، وحلت محلها ثقافة الإحباط والتشكيك بالقدرات والتحجج بالظروف والإمكانات ، لعدم القيام بالأنشطة الثقافية والسياسية والاجتماعية، وفي موازاة ذلك ترى وتسمع المزيد من إلصاق الصفات السلبية من جانب تلك القوى لبعضها بعضاً، على حساب تسليط المزيد من الأضواء لمواقع الخلل والضعف، وتناولها بالنقد والتحليل وتقديم المقترحات الملموسة والتنافس على إنجاز ماهو مفيد ، لكي تساهم في تعزيز ثقة الجماهير بها , وتكون حاضنة لها.
أجل، أردت القول والتأكيد بأن ثمة وجوداً لمساحات واسعة من العمل النضالي التنافسي بين القوى المهتمة بالشأن الوطني، بكل مفرداته وعناصره , والمنضوية في الأحزاب السياسية بحيث لا تعدم وسيلة واحدة في تحقيق ما يمكن تحقيقه من الأهداف الموضوعة ولاشك بان الكل يدرك بان الحزب السياسي له مهمات عديدة فان لم يتمكن من بعضها مرحليا, فهذا لا يعني انسداد المجالات الأخرى .
إن ميادين العمل واسعة، ومن الخطأ توجيه النشاط في إحداها فقط بل توسيعها لأبعد مدى ممكن وهذا لايتراءى إلا عبر الانخراط بالعمل الجماهيري، وتقوية النسيج المجتمعي، وتقديم العون والدعم اللازم بشتى الوسائل الممكنة عبر تعميم ثقافة المجتمع المدني، وإحياء مؤسساته فمشوار المسافات الطويلة يبدأ من الخطوة الأولى، والتجربة التي أشرت إليها تستحق التقدير والثناء، ولا ضير من الاقتداء بالعمل الحسن لمصلحة شعبنا ووطننا وتشجيعه بكل السبل، وإن كان فاعله ذا رؤية مختلفة عن رؤيتنا السياسية، وأرضيتنا الثقافية ، لأن الهدف هو خدمة المجتمع وسعادته.