الحركة الكردية والقيم الديمقراطية

  طريق الشعب *

لقد أثبتت الحياة بأنه حيث تسود الديمقراطية والحوار المفتوح والمسموع تتفتح الإمكانيات وتنطلق الطاقات والمواهب.

وهذا يدفع المسار ارتقاءً نحو الأعلى، وتجاوزاً للواقع نحو واقع أفضل منه وأكثر تقدماً وازدهاراً.

ولا شك إن الانتصارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحققت في أوروبا وغيرها من الدول المتقدمة كانت إحدى عوامل نجاحها الحوار الديمقراطي المفتوح بين الشعب والقوى الفاعلة في تلك البلدان من العالم.

وإن الشعوب التي بقيت متخلفة عن مواكبة العصر هي تلك التي يتحكم في مصيرها ومستقبلها الاستبداد والعقلية الشمولية، وقد بات واضحاً بأن الحركة الكردية في سوريا تعيش أزمة خانقة ومعقدة (فكرية – سياسية – تنظيمية) وإن استمرار وتفاقم هذه الأزمة تهدد وجود الحركة ومستقبلها، وقد بات ملحاً البحث عن مخرج من هذا المأزق للانطلاق من جديد على أن يتسم هذا البحث بالجدية وروح المسؤولية الوطنية.
ولا شك أن خطوة البدء والتي يمكن أن ترضي جميع الأطراف والآراء باستثناء الشموليين ومرتكزاتهم هي الحوار الديمقراطي بكل علنية وجرأة وطرح كل الآراء والتصورات على بساط البحث.

حوار ديمقراطي شرط نجاحه الأساسي المساواة بين المتحاورين والابتعاد عن المصالح الضيقة، حوار غايته وهدفه الاستفادة من كل الآراء وشرط نجاحه الاستعداد النفسي للانتقال من موقع إلى آخر وأيضاً تغيير القناعات عندما يثبت بطلانها، هدفها أن يعرف الجميع نتائج الحوار وأن يعرفوا أين نحن وإلى أين نسير أي بتعبير أدق الابتعاد عن المناورة الرخيصة التي تسود منذ فترة طويلة.
إن الخروج من الأزمة التي تغوص فيها حركتنا يقتضي البحث عن أسبابها الموضوعية والذاتية من أجل تجنب إعادة إنتاجها من جديد وبهدف إلغاء نتائجها ومرتكزاتها وإزالة هياكلها ومفرزاتها أياً كانت مواقعها – الفكرية والسياسية – وذلك ضمن شروط الحوار الديمقراطي.

وفي هذا المجال نعتقد بأن المسألة ليست بسيطة أبداً والطريق ليست معبدة ولا هي بسهولة رسمها على الورق، فالقضية الكردية هي قضية شعب يتعرض لشتى صنوف الاضطهاد القومي وتنفذ بحقه مخططات ترمي إلى طمس وجوده وفرض الحصار عليه بكل السبل والوسائل، وسد طرق التلاقي أمام فصائله أي وضع الخطوط الحمراء أمام أي عمل وحدوي من شأنه أن يعزز من دور الحركة الكردية وتفعيلها، ومن الواضح إن القبول بتوحيد الخطاب السياسي الكردي عن طريق الإكراه أمر مرفوض تماماً وإن يتم تجاوز مسألة التقوقع ضمن الأطر الهزيلة القائمة إذا أصبحت عقبة أمام الحوارات الجادة والمسؤوالة لوحدة صفوف الحركة.

من هنا يكمن حسب اعتقادنا إجهاض كل المشاريع والمبادرات القومية التي يمكن أن تغير الواقع السياسي للحركة الكردية.

والمجلس السياسي الذي نحن في الحركة الكردية بصدد بنائه هو آخر مشروع كنا نتطلع إلى إنجازه منذ بضعة أشهر ولا زال هذا المشروع يتعرض لهزات وعواصف تأتي من داخل الحركة الكردية مما يضعنا جميعاً أمام مسؤولياتنا القومية عنوانها ينبغي أن لا تفشل هذه المبادرة وعلينا أن نعتمد الحوار الديمقراطي لإنجاح هذه المبادرة العظيمة وأن يتم الإقلاع والإعلان بالأحزاب التي وافقت على هذا المشروع وهم يشكلون ثمانون بالمائة من جسم الحركة الكردية وهذا الرقم يمثل نجاحاً للحركة الكردية في وقت نفتقر فيه إلى النجاحات والانجازات.

* الجريدة المركزية للحزب اليساري الكردي في سوريا العدد 330 أيار 2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…