أنبدأ حيث انتهى الآخرون … !؟

رأي الديمقراطي

من يتمعن في السياسات المطبقة حيال الشعب الكردي في سوريا في السنوات القليلة الأخيرة،يدرك جيداً أن هذه السياسات تعيد إلى الأذهان ،وتضاهي في بعضٍ من جوانبها السياسات التي كانت معتمدة أواخر الخمسينيات وأوائل ومنتصف  الستينيات ،فالمشاريع العنصرية (الحزام العربي والإحصاء الجائر) لازالت قائمة و مستمرة ،وكذلك سياسات التعريب والصهر القومي وعدم تقبل الآخر .

وقد زادت حدة الاضطهاد من خلال رفع وتيرة الاعتقالات ،وخنق فرص العمل وتعقيد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بخطط وقرارات مدروسة .
 وباختصار وضع الشعب الكردي ضمن دائرة الاستهداف السياسي والاقتصادي ،خاصة بعد صدور المرسوم 49 الذي يخلق عراقيل كبيرة أمام المواطنين في منطقة الجزيرة في امتلاك أو بيع أو أي شكل من أشكال التصرف بما يملكونه من عقارات، الأمر الذي زاد من أعداد العاطلين عن العمل لأن المرسوم حد من حركة النشاط العمراني إلى حد كبير…والغريب في الأمر أن هذه السياسات تطبق في بلادنا في وقت تتجه حكومات الدول الأخرى التي يعيش قسم من الشعب الكردي داخلها نحو إيجاد حلول للقضية الكردية لديها بسياسات ومقاربات جديدة ،وهكذا تكاد سورية تنفرد بمواقفها المتشددة والمتحسسة من المسألة الكردية وهو الأمر الذي لا ينسجم مع منطق الأحداث و التطورات في المنطقة.

إن من المفروض، وحسب ما يقتضيه المنطق السياسي السليم، أن تكون سورية في مقدمة من يبادر إلى إيجاد حل عادل ومنصف للمسألة الكردية لديها وفق أسس العدالة والديمقراطية والمساواة وحقوق المواطنة داخل أطر الوحدة الوطنية .
 ومن هنا تقفز المفارقة الكبيرة إلى الأذهان ،فتركيا التي لم تنظر يوماً إلى الشعب الكردي وقضيته العادلة إلا بعين العداء والشوفينية ،وأنكرت على الدوام ، وعلى مدى عقود من الزمن ، الاعتراف بالوجود الكردي لديها ومارست إلى جانب ذلك القوة العسكرية في مواجهة أية مطالب بحقوق الكرد أو غيرهم وكانت تعتبر كل من يعيش داخل حدود الدولة التركية “أتراكاً” شاءوا ذلك أم أبوا ،نقول حتى تركيا هذه ،غيرت من سياستها تلك حيال المسألة الكردية وبات قادتها السياسيون الآن ينظرون إلى الواقع بموضوعية وبعينين مفتوحتين فهم يعترفون الآن وعلناً ومن دون أية مواربة ليس فقط بالوجود الكردي وإنما يعترفون بأن لديهم قضية اسمها القضية الكردية ، وينبغي حلها بأسرع وقت ممكن ،وقد خطت الحكومة التركية بالفعل خطوات عملية في هذا المجال عندما افتتح رئيس وزرائها السيد رجب طيب أردوغان قناة فضائية تلفزيونية تبث برامجها باللغة الكردية ،إضافة إلى افتتاح أقسام لتدريس اللغة الكردية في جامعات تركية ،وفي آخر تصريح له عن هذه المسألة ،صرح رئيس الجمهورية التركية نهاية أيار المنصرم بأن “علينا أن نسارع إلى حل القضية الكردية قبل أن تكبر أمامنا ونعجز عن حلها” إن هذا التوجه لدى الحكومة التركية هو خطوة نوعية ستضع تركيا على المسار الصحيح وستجني من ورائها ،فيما لو توفرت لها أسباب النجاح ، الكثير من الازدهار والتقدم الاجتماعي والنمو الاقتصادي و المصداقية السياسية .
أما في العراق ، فبعد أن جربت الحكومات العراقية المختلفة أساليب القمع والمواجهة العسكرية التي وصلت ذروتها في عهد نظام صدام  حسين إلا أن سياسات القوة و البطش تلك لاقت الفشل، وهاهم الكرد اليوم يشكلون جزءاً هاماً من العراق الجديد،ونظام حكمه القائم على أسس ديمقراطية ودستورية ، يشاركون في رسم سياساته ومستقبله كجزء أساسي من الشعب العراقي له خصوصيته القومية ضمن إطار العراق الاتحادي …
إذاً ،أوليس من الغريب حقاً أن يتم انتهاج سياسات حيال الشعب الكردي في سوريا تخطاها الزمن و تجاوزها..

وهل يجوز إن تسير الأمور عندنا و تبدأ من حيث انتهى منها الآخرون…؟؟ !!!!!!

31/5/2009

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…