عَرَق عمو بابا.. وعَرَق عبد الفلاح السوداني..!!

خدر خلات بحزاني

لم يترك لنا عشاق الكرة المدورة ما نقوله للراحل الكبير (عمو بابا)، فاللافتات السوداء عمّت شوارع العراق من أقصاه إلى أقصاه وهي تبكي هذه الخسارة وهذه الفجيعة..

ألاف اللافتات تعانق آلاف الجدران، بعضها مكتوب بخط (تعبان) ولكنها تنبض بحب أصيل، والأهم انه تم تعليقها بشكل طوعي من قبل الشباب الرياضي الذين دفعوا ثمن القماش وأتعاب الخطاط بروح رياضية رائعة..

عمو بابا الذي زرع الفرح في كل بيت عراقي، عمو بابا الذي جعلنا أكفنا تلتهب من التصفيق فخرا وحماسة عفوية طوال سنوات وسنوات، عمو بابا الذي كان دائما يرتدي (تراكسودا) رياضيا، فمثلما افرح كل العراقيين، فقد أبكاهم رحيله (غير المفاجئ)، ولكننا فوجئنا بالاهتمام الحكومي بعمو بابا عقب وفاته مباشرة، بينما عموم العراقيين كانوا يهتمون به لاعباً متألقا ومدربا ومريضا، كما اهتموا بوفاته بعيدا عن أية دعاية انتخابية..

هذا في الجانب المشرق من الصورة..

أما في الجانب المعتم، فقد نقلت لنا الأخبار إن وزير التجارة العراقي (عبد الفلاح السوداني) قد فشل في محاولة الهروب من العراق، عندما تم إعادة الطائرة التي كان يستقلها متجها إلى الإمارات (لماذا الإمارات؟؟) والذي تم اعتقاله بتهم فساد إداري في وزارته التي هي احد البراموميترات التي يمكن من خلال أدائها معرفة مدى رضا الشعب عن الحكومة..
ولكن أخبار الشاي الفاسد، والسكر الكونكريتي أبو ضريبة 40 دولار عن كل طن تدخل جيوب أقارب السوداني حسبما قرأنا، وغير ذلك من مواد البطاقة التموينية التي تم تحريف اسمها إلى (التمويتية) في عصر السوداني والحبربشية من الأقارب والعقارب..
فالسيد السوداني (طبعا هذا لقبه، وهو ليس سودانيا، بل هو مزدوج الجنسية ـ عراقي وبريطاني الجنسية) كان قد (فشل) في تفنيد الاتهامات التي تم توجيهها إليه في جلسة برلمانية ستبقى علامة فارقة في تاريخ السوداني، مثلما ستبقى إعادة الطائرة التي كان ينوي الهروب فيها علامة فارقة أخرى..

ولا اعرف سر هذه المشاهد الهوليودية المثيرة، فقد كانت القوى الأمنية العراقية قد أعادت طائرة النائب (محمد الديني) بعد إقلاعها بثلث ساعة والتي كانت متجهة نحو الأردن..

واليوم يعيدون السوداني، ولا اعرف من هو الشاطر هنا، هل الهارب، أم العناصر الأمنية؟؟
المهم يا إخوان..

الدايني اختفى وتتبعه الاتهامات والشكاوي القضائية، والسوداني مقبوض عليه (لحد الآن)، وعمو بابا رحل وتركنا..
الفرق هو إن عمو بابا رحل وتحيطه مشاعر ملايين العراقيين من المحبة والتعاطف لما حققه من انجازات فوق المستطيل الأخضر، بينما إحدى غرف المنطقة الخضراء يجلس فيها الوزير السوداني وتحيطه آلاف علامات الاستفهام والسخط والريبة..
ولا اعرف ما الذي تركه عمو بابا من ارث مادي، لكنني واثق انه رحل وهو أغنى ما يكون لأنه سكب عشرات اللترات من العرق الطاهر في الملاعب في صولاته الرياضية، بينما فقد وزير التجارة كل أملاكه وتاريخه على الهواء مباشرة أثناء تصببه بضعة قطرات من عرق الخجل والإحراج في جلسة الاستجواب البرلمانية..
وشتان بين عرق عمو بابا وعرق عبد الفلاح السوداني..!!
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…