صوت الكورد *
أكدنا مرارا – وفي نطاق ثوابتنا ومقرراتنا وفكرنا السياسي – أن التعددية الإثنية والمذهبية والفكرية, وما تحمله الأطياف والمكونات العرقية والدينية والمذهبية واتجاهاتها ومدارسها من تنوع , يعد إثراء وغنى للمجتمع الإنساني, بما يحمله هذا التنوع من فرص للتلاقي والتشاور والتحاور البناء , وبما يتيحه من أسباب ومقدمات الانفتاح , وهو من دواعي اعتزاز المجتمعات المتطورة بما تملكه من طاقات وإمكانات وإبداعات خصبة, تضع الأساس لثقافة الحوار والتواصل والتكامل , بدل الاتكاء على لون واحد متكرر وتقليدي وباهت وغير واقعي, يتقوقع المجتمع عليه ويعتمده , ويمج ويستهجن سواه , بل يتنكر له ويحذفه , إن لم يسع إلى تذويبه ومحاولة استئصاله , وإعلان الحرب عليه ومحاربة أهله وقمعهم, وهي من أسوأ الحالات وأكثرها إضرارا بالمجتمعات, وتماسكها وتعاضدها ووحدتها الوطنية, ومن أشدها مساسا بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان, وقيمه الروحية والأخلاقية, وثقافته وتراثه, وحياته ووجوده وكرامته.
ومجتمعنا السوري بأطيافه ومكوناته و تركيبته الاجتماعية والإثنية والفكرية والسياسية, ليس بدعا من المجتمع الإنساني, بل يخضع في معاييره ومقاييسه لذلك القانون, ويندرج تحت تلك السنن والدساتير, لكونه واقعا في قلب الشرق الأوسط, وواحدا من هذه المجتمعات, ووريثا لأقدم الحضارات وأعرقها في التاريخ الإنساني منذ آلاف السنين, حيث شهد الأحقاب التاريخية الهامة, وخبر وورث حضارات ” النيفاليين والمؤابيين والعيلاميين والسوبارتيين والسومريين والحثيين والكنعانيين والفينيقيين والآثوريين والسريانيين والحضارة الإسلامية..”, ليشارك أبناؤهم وأحفادهم في تراث جامع غني ومشترك, عربا وكردا وآثوريين وتركمانا وأرمن وسواهم في صياغة حاضر هو امتداد طبيعي لذلك الماضي الزاهر والذي ينبغي أن يتلاحم ويتصل ويتكامل, ويحمل من الهوية الوطنية الجامعة المانعة , ما يستعصي على الاختراق والاختزال والاستئثار بلون أو عرق أو مذهب أو اتجاه, يحتكر القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي, بله المصيري, وهو ما ندعو إليه ونلح بقوة عليه, لاستناده التاريخي استحقاقا وتلاقيا وتقارنا وتبادل رأي وخبرة ومشورة, وجزاء وفاقا لتضحيات مشتركة, ومقارعة للغزاة, في تراب جامع تطهر بدماء مشتركة من هذه الأطياف كلها, لم تبذلها جماعة وحدها, أو فئة بعينها, أو طائفة أو لون منفردا دون سواه, ليكون التجمع وفق ميثاق عمل وطني هو ثمرة ذلك كله, وحصاد عمل وطني وتضحيات مشهودة, وليضحى الوطني – في ميثاقه وتوجهه وقرراته- تكاملا وتحاورا وغنى وتواصلا, والإنساني دستور حياة, وامتحان مساواة وعدل وتكافؤ , والحقوقي مشروع عمل , ويرقى هذا العمل الجماعي – في عطائه المشترك وشهدائه الأبرار , ودفاعه العنيد, عبر تاريخ كفاحي مديد-إلى ذلك العقد الجديد متمثلا في ميثاق وطني يحمل مياسم وسمات عقد إثني حداثي متطور يخرج من العزلة الانفرادية القاتلة ومفرزاتها الوخيمة, في لون أحادي عربي واحد في التوجه والسلطة والقرار والمصير والمكاسب والإدارة والاقتصاد, وسائر جوانب الحياة ومجالاتها وصعدها الثقافية والحرفية والاقتصادية والعلمية والخدمية, وإيلاء المناصب الرسمية, وقيادة الدولة والمجتمع وفق القانون المسنون رقم/8/, وشطب وإلغاء الوجود الكوردي وسائر المكونات والأطياف, دون أدنى اعتبار لذلك الميثاق,وتلك القرابين, والواجبات والدروس وعبر الحياة واستحقاقاتها التاريخية والوطنية والدستورية, والطابع الإنساني لتركيبة المجتمع البشري وخصوصياته المتقدمة التي أتينا على ذكرها.
إن غلبة الطابع العربي, والمستند إلى الاستعراب لعشرات القبائل والملل والأجناس والأقوام من الكورد والفرس والترك واليونان والسريان, وأصول أخرى متعددة, بفضل لغة القرآن الكريم…, مقرونا إلى الفتح الإسلامي وحضارته, التي شارك فيها مختلف المكونات وبخاصة الكورد عبر ملاحم تاريخية مشهودة, وانتشار العربية في سوريا والعالم الإسلامي برمته, لا يعني مطلقا تجاهل الثقافات والمكونات الأخرى, وهو ما لم يحدث في أي مجتمع إنساني, وفي كل أنحاء المعمورة, إلا بدوافع عنصرية بغيضة غير مسندة علميا وتاريخيا, بل مدانة دستوريا وأخلاقيا, لاختلاف طبيعي بين الناس شعوبا وأمما وقبائل في لغاتها وثقافاتها, لتتعارف وتتواصل وتتكاتف, لا لتلغى وتحارب في خصوصياتها وتقاليدها وتراثها, وهو ما حدث في العهد العثماني الذي هدف إلى تعريب العرب والكورد والأرمن وغيرهم, فأقام العرب الدنيا وأقعدوها وقاوموا وقاتلوا ورفضوا كل أشكال التتريك وهو حق ولكنه لا يكاد يقتصر عليهم كشعب متميز أو متقدم, بحيث راحوا يمارسون بحق الكورد في سوريا ما هو أشد وأكثر هولا, فعلوا في التعريب على مدى نصف قرن ما يؤدي إلى ذوبان كامل دون أي جدوى, لأن ثقافات الشعوب ولغاتها باقية بقاء حياتها ووجودها, ولم يقتصر الأمر على تعريب حياة الكورد ونمط معيشتهم وثقافتهم بل حوربوا كشعب ووجود وكيان, بقرارات وقيم ومعايير استثنائية, وقوانين مكبلة, تسد منافذ الرزق في وجوههم, وتواجه مقدرات حياتهم , وتشدد القبضة الأمنية عليهم, مما يفاقم الأمر ويزيده توترا واحتقانا , ويبعدهم عن قيم الميثاق الوطني المشترك, والذي يقتضي الشراكة الوطنية الفعلية في الحقوق والواجبات جميعا , لنأخذ بقدر ما نبدع ونعطي وننتج, ونحقق العدل والتكافؤ بين المكونات الأصيلة في هذا الميثاق الذي يفترض أن يعبر عن نفسه ويرقى إلى الاعتراف بواقع حي لا يمكن القفز عليه وتجاوزه, إلا أن ندير ظهرنا لحقائق الحياة والتاريخ والحضارة الإنسانية والعيش المشترك.
إن غلبة الطابع العربي, والمستند إلى الاستعراب لعشرات القبائل والملل والأجناس والأقوام من الكورد والفرس والترك واليونان والسريان, وأصول أخرى متعددة, بفضل لغة القرآن الكريم…, مقرونا إلى الفتح الإسلامي وحضارته, التي شارك فيها مختلف المكونات وبخاصة الكورد عبر ملاحم تاريخية مشهودة, وانتشار العربية في سوريا والعالم الإسلامي برمته, لا يعني مطلقا تجاهل الثقافات والمكونات الأخرى, وهو ما لم يحدث في أي مجتمع إنساني, وفي كل أنحاء المعمورة, إلا بدوافع عنصرية بغيضة غير مسندة علميا وتاريخيا, بل مدانة دستوريا وأخلاقيا, لاختلاف طبيعي بين الناس شعوبا وأمما وقبائل في لغاتها وثقافاتها, لتتعارف وتتواصل وتتكاتف, لا لتلغى وتحارب في خصوصياتها وتقاليدها وتراثها, وهو ما حدث في العهد العثماني الذي هدف إلى تعريب العرب والكورد والأرمن وغيرهم, فأقام العرب الدنيا وأقعدوها وقاوموا وقاتلوا ورفضوا كل أشكال التتريك وهو حق ولكنه لا يكاد يقتصر عليهم كشعب متميز أو متقدم, بحيث راحوا يمارسون بحق الكورد في سوريا ما هو أشد وأكثر هولا, فعلوا في التعريب على مدى نصف قرن ما يؤدي إلى ذوبان كامل دون أي جدوى, لأن ثقافات الشعوب ولغاتها باقية بقاء حياتها ووجودها, ولم يقتصر الأمر على تعريب حياة الكورد ونمط معيشتهم وثقافتهم بل حوربوا كشعب ووجود وكيان, بقرارات وقيم ومعايير استثنائية, وقوانين مكبلة, تسد منافذ الرزق في وجوههم, وتواجه مقدرات حياتهم , وتشدد القبضة الأمنية عليهم, مما يفاقم الأمر ويزيده توترا واحتقانا , ويبعدهم عن قيم الميثاق الوطني المشترك, والذي يقتضي الشراكة الوطنية الفعلية في الحقوق والواجبات جميعا , لنأخذ بقدر ما نبدع ونعطي وننتج, ونحقق العدل والتكافؤ بين المكونات الأصيلة في هذا الميثاق الذي يفترض أن يعبر عن نفسه ويرقى إلى الاعتراف بواقع حي لا يمكن القفز عليه وتجاوزه, إلا أن ندير ظهرنا لحقائق الحياة والتاريخ والحضارة الإنسانية والعيش المشترك.
* الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا / العدد (337) ايار 2009