عشية الاحتفالات بذكرى تأسيس تيار المستقبل الكوردي في سوريا

إبراهيم مصطفى (كابان)
 
في غياب الناطق الرسمي لتيار المستقبل الكوردي بسبب اعتقاله والحكم عليه بثلاثة أعوام ونصف سيقضيها في الأقبية المظلمة ..
واستمرار الاعتقالات العشوائية بحق أبناء الشعب الكوردي .
يحتفل شعبنا وتيار المستقبل الكوردي في سوريا بذكرى الرابعة لتأسيسه .

حينما اختطفت القوى الأمنية السورية الأستاذ مشعل تمو الناطق الرسمي لتيار المستقبل الكوردي في سوريا أعتقد الكثيرون ممن كانوا يتمنون حلَ تيار المستقبل وفي مقدمتهم النظام وبعض التنظيمات الكريكتورية داخل الحركة السياسية الكوردية بالإضافة إلى بعض المتوهمون من المقربون أن تيار المستقبل الكوردي قد انتهى تماماً بحكم فقدانه مؤسسه وعدم تواجد كوادر ومناصرين له يقودون دفته بعد مشعل ..

وأن مشعل تمو كان وحده من يدير الإعلانات والنضالات التي كانت تتبناه التيار.
 وقد شبه الكثيرون تيار المستقبل آنذاك ممن كانوا ولا زالوا يعزفون بوق النظام ويتشدقون بفلكه بتجربة حزب الصاعقة الذي ظهر في الثمانينات من القرن المنصرم وما أن بدأ بهيلمانه الكبير انتهى فجأةً بحكم اختراق الدوائر الأمنية له.

ولكن بعد أن رفع الستار وكشف عن الواقع الذي كان عليه تيار المستقبل من قوى ومتانة فاجأ به الجميع ، حيث ظهر عشرات الأسماء من السياسيين والمثقفين يقودون دفة التيار ويثبتون في كل محفل وميدان جدارتهم وقدرتهم الهائلة على قيادة المجتمع وتعبئته للخوض في نضالات عملية أكثر تأثيراً مما سبق ، مما زالت الشكوك التي كانت تراود الحقودين وفضحت سيناريوهاتهم الوهمية التي أعتقدوه في الأمس القريب ..

وبدلاً من أن ينهار هذا التيار كما تمنى البعض ظهر في هيئة قوية أكثر صلابة وصرامة رافعاً وتيرة الخطاب السياسي الكوردي بعد تطويرها واستطاع قيادة النضالات الميدانية السلمية في الشوارع وأزداد قوته وشعبيته داخل المجتمع الكوردي والشارع السياسي والثقافي مما أصبح تجمعاً قوياً ثبت في كل الميادين قدرته على مواجهة المشاريع العنصرية وقيادة الجماهير نحو مزيد من النضال العملي.


هذا التيار الذي استطاع من تحديد وحسم موقفه اتجاه الاستبداد ..

خلق كاريزما جديدة لشخصية المناضل الكوردي الذي كان يبنى ثقافته من التنظيمات الكلاسيكية على (ألا إرادة للمواجهة وألا استطاعة في صناعة الحدث) ، هذا التيار الذي كان في مقدمة من صنعوا التظاهرة الكبرى التي نظمتها التنظيمات الكوردية في مواجهة المرسوم 49 بالإضافة إلى عشرات الأعتصامات والمظاهرات السابقة واللاحقة ، هذا التيار الذي قال مؤسسه وناطقه في الأمس القريب جداً للقاضي في قاعة المحكمة الجنائية العلنية التي كانت تديرها الدوائر الأمنية من خلف الستار : 
(إنني لست نادماً على ما أقوم به في تحرير شعبي من الظلم والاستبداد ..

وإذا كان الدفاع عن قضية شعبي جرماً فأنا مجرم وأحكم علي ما تشاء … أنا أفتخر ولست نادماً على قضائي ثلاث سنوات ونصف في سبيل حرية شعبي ..)
.


ومن الطبيعي أن يكون سبب تأسيس هكذا تيار نتيجة لإخفاق الحركة السياسية الكوردية في رفع وتيرة نضالها وتجاوز والتخلص من الآليات الكلاسيكية التي نخرت في كيانها وتبديلها بعملية أكثر تأثيراً في الشارع ، ولقد تأكد للشارع الكوردي والنخبة أن انتفاضة 12 آذار كانت نقطة مفصلية وبنى ارتكازية للنضال العملي الذي استطاع من خلالها شعبنا إثبات شخصيته وفعاليته النضالية والتجاوب معها ، ورسخ به لديها الإرادة وقوة المواجهة ، وحدد وحسم أمامه نوعية النضال الذي يجب عليه اتخاذه والذي هو في الحاجة الضرورية إليه في مواجهة المشاريع العنصرية والإلغائية التي كانت ولا زالت تسلكها وتمارسها الدوائر الأمنية في قمع وتذويب الإنسان الكوردي في البوتقة العربية ..

هذه الدوائر تعمل على إبقاء تنظيماتنا الكوردية على نحو كلاسيكي يحطم لدى الإنسان الكوردي إرادة المواجهة السلمية .

ومن المعلوم أن الانتفاضة حدث مفصلي ومعيار مهم في فرز واختبار الحركة الكوردية التي أعلنت إخفاقها من اللحظة الأولى ، وإيداعها أمام النضال العملي الذي ثبت لدى الجماهير عجزها في قيادة دفة النضال ، مم دفعه إلى التصرف دونه والقيام بما قام به في الإعلان عن سخطه لما يتعرض له من مظاليم ، وتلك الإرادة الجديدة لدى الجماهير صنع فيما مدى لدى التيارات المتصاعدة في مقدمتهم تيار المستقبل اللبنة الأساسية في صناعة نوع متقدم من النضال العملي السلمي ..

أكثر فعالية في تحديد وتطوير الآلية ، ومسلكاً مهماً لتصحيح الوجه الذي كان ولا زال يظهر به بعض التنظيمات الكلاسيكية الكوردية في سوريا .


ولعل الوصف الحقيقي الذي يجب أن نوصف به تيار المستقبل هو ..

أنه معيار لتشخيص الحالة الكوردية والسورية ..

واستخلاص لها ، ومعالجة صحيحة لمشاكلها ، وسبيلاً سليماً لتطويرها وإخراجها من معمعتها الفردية الشمولية لإيصالها إلى مسار الدولة الديمقراطية التي ترعى حقوق الإنسان وتصون كرمة المواطن وتحترم القانون .

ولقد استطاع كوادر التيار ومناصريه إدراك ومعرفة مفاتيح اللعبة السياسية الجارية في منطقتنا واستخلاص العبر والدروس من تاريخ الحركة السياسية الكوردية مما ساهم ذلك في تمكين التيار وإرادة كوادره ومناصريه .
(ولقد ظهر التيار كتجمع سياسي وثقافي واجتماعي , غير حزبي و كفاعل ميداني يقوم على الإيمان بمبادئ حقوق الإنسان ودولة المؤسسات الدستورية والمجتمع المدني ، بهدف بناء شخصية قومية كوردية سورية , تمتلك القدرة على التفاعل مع محيطها السوري العام  و الكوردي الخاص ..
كما وتأكد للعيان هوية التيار الوطنية وكحالة معارضة للاستبداد تعمل بكل الوسائل السلمية والديمقراطية على إنهاء احتكار السياسة والدولة والمجتمع , والتحول من دولة أمنية إلى دولة ديمقراطية , وما يتطلبه ذلك من خطوات تمهيدية من إلغاء الأحكام العرفية، وكل الأحكام الاستثنائية الجائرة والقوانين الفوق دستورية، وإشاعة الحريات العامة، وإطلاق سراح سجناء الرأي والضمير وإعادة الحقوق المدنية للمجردين منها والعفو العام عن المنفيين وضمان عودتهم , وإنصاف المرأة وضمان مشاركتها في الحياة العامة , واحترام الحريات الشخصية وتوفير الظروف المناسبة لممارستها دون تمييز بسبب المعتقد أو الرأي أو العقيدة , واحترام حرية التعبير والفكر وممارسة الشعائر والطقوس الخاصة , وفصل الدين عن الدولة ، وتكريس ثقافة التسامح والمشاركة ، وقبول الاختلاف كأساس لمفهوم المواطنة الذي يشكل عصب الدولة الوطنية ..
وأن الديمقراطية كهدف مركزي يحقق العدل والمساواة وتكافؤ الفرص , و كنظام سياسي , يتحقق في ظلها بناء دولة حق وقانون , دولة مدنية , تقر بالتعددية السياسية والتنوع القومي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي , تكون لكل السوريين على أرضية الحق والواجب , وينتفي فيها مجمل السياسات الشوفينية المطبقة على الشعب الكوردي والتي استهدفت وجوده وكينونته , وبما يضمن ذاك الوجود دستوريا كقومية رئيسية في البلاد , على أرضية ترسيخ حق المواطنة  وتوفير حل ديمقراطي للمسالة الكوردية , على اعتبار أنها قضية وطنية عامة , سياسية وتاريخية , وجزء من المسالة الديمقراطية في سوريا , مما يحقق التشابك والتمازج الموضوعي بين الهوية الوطنية السورية ومكوناتها ، وبين الهوية السياسية/الثقافية للشعب الكوردي كجزء لا يتجزأ من تلك المكونات بعيدا عن كل ما يثير العصبية والرأي الواحد وإنكار الآخر المتمايز والمختلف قوميا أو فكريا ..) .
 
ولا يسعني في النهاية ..

إلا أن أشكر كل من ساهم ودعم ومازال في استمرار مشروع تيار المستقبل الكوردي ..

وأرفع آيات التمجيد والتذكير بهذه المناسبة إلى الناطق الرسمي لتيار المستقبل الكوردي في سوريا الأستاذ مشعل تمو وكافة المعتقلين في سجون البلاد ونعاهدهم بالاستمرار على نهجهم النضالي العملي السلمي .
 
نبارك شعبنا بالمناسبة ..

ونواعدهم بمزيد من النضال والعمل من أجل رفع الظلم عن كاهله .
 
——————————–
– ما بين قوسين : مقتطفات من بيان لمكتب العلاقات العامة في تيار المستقبل الكوردي في سوريا / 28- 5- 2009/ .
 
 
   ‏2009‏‏-‏05‏‏-‏29‏
Kobani101@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…