في زمن الحوار والحلول السلمية

  جريدة الديمقراطي *

تتزايد هذه الأيام الدعوات المستمرة الى حل القضايا الشائكة في منطقتنا عبر الحوار،ولذلك ترى أن الأطراف التي كانت متصارعة ومتعادية تتجه اليوم الى ممارسة الأساليب الدبلوماسية ، فالجميع تحول الى المطالبة بحل القضية الفلسطينية  مثلا عبر التفاوض والاتفاق ، وكذلك فالأزمة بين ايران والغرب مطروحة اليوم للحلول الدبلوماسية والتواصل..

وهكذا الأمر بالنسبة الى باقي الأزمات.

ومن الطبيعي أن تتأثر القضية الكردية ، هي أيضا بهذا التطور التاريخي الايجابي ،للبحث في حلول سلمية لها وعبر الحوار ، وتأتي التصريحات المتلاحقة وعلى أعلى المستويات في تركيا والمطالبة بالبحث عن حل لها منسجمة مع التطورات في المنطقة .

وهكذا في العراق فان كل القضايا مهما كانت مستعصية ، تحال الى الحوار والتداول سواء في البرلمان أو بين القوى السياسية هناك والجميع يصر على الالتزام بالحلول السلمية وبالتوافق والتفاهم.
وقد يبدو غريبا أن تظهر الأمور مختلفة عندنا ،إذ بدلا من ذلك تزداد وتيرة التشدد إزاء الكرد والقضية الكردية ،وتصدر مراسيم وقوانين واجراءات جديدة بحق الكرد ، وكإن الأمور عندنا هي خارج سياق ذلك التطور الايجابي والطبيعي .ويحدث هذا دون أن يكون له مسوغ أو مبرر في الواقع ، فالحركة الكردية في سوريا ، كانت سباقة ،وقبل الآخرين تدعو الى حل القضايا الوطنية ، ومنها القضية الكردية ،  بالأساليب السلمية والديمقراطية ، وتأتي الأحداث والتطورات لتثبت صحة وصوابية توجهها ،وقد استطاعت هذه الحركة الثبات على هذا النهج ، رغم شدة وطأة سياسة الاضطهاد والتفرقة والتمييز التي تعرض لها الكرد ،ولم تنجر الحركة رغم محاولات البعض الى تبني سياسات ردة الفعل وتمكنت من حماية المجتمع الكردي في سوريا من مظاهر التطرف التي تنشأ عادة في مناخ الاضطهاد و الحرمان من الحقوق .


 فاذا كانت القضية الكردية يمكن حلها في الأجزاء الأخرى بالحوار والتفاهم بعد طول تجربة ،و لاننا في سوريا نعتبر رواداً ومبادرين وسباقين في الاعتماد على هذا الاسلوب ، لذا فإن الحركة السياسية الكردية ،مطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضى ، بالتمسك بتلك السياسة الموضوعية ،والابتعاد عن الانزلاق نحو أي تطرف  ، ورفض العمل بسياسات خاطئة تحت أي مبرر كان ، ورفض الشعارات العاطفية التي قد يتم استغلالها مثل حجة وحدة الحركة ، التي لا يمكن أن تقوم إلا عندما تبنى على سياسة سليمة تخدم الشعب الكردي وقضيته العادلة ، ولا يمكن أن يكون العكس صحيحا.
———
* جريدةنصف شهرية يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا – العدد (526) اواخر ايار 2009

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…