«أبو مازن» في كردستان

صلاح بدرالدين

    قبل أيام حطت طائرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مطار أربيل الدولي مترجلا منها ليعانق رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني على أنغام النشيدين الكردي والفلسطيني الذي استقبله وصحبه على رأس وفد يمثل القيادة الكردستانية السياسية والحكومية والبرلمانية  وقد كانت زيارته التي دامت يوما واحدا حافلة بالنشاطات فالى جانب المحادثات الرسمية بين وفدي السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله وادارةسلطة الاقليم الفدرالي في أربيل قام الوفد الزائر بجولة استطلاعية للتعرف على معالم العاصمة أربيل وزيارة بعض المؤسسات واللقاء بالمواطنين ثم توجت الزيارة بحفل استقبال مقتصر على عدد من الشخصيات أقامه نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة الاقليم في منزله دام لساعات عديدة تخللته محادثات ودية صريحة وحوارات كردية فلسطينية تتعلق بماضي وحاضر ومستقبل العلاقات بين الشعبين الصديقين  .
   لم يكن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات صديقا للكرد فحسب بل كان قريبا من قضيتهم ومتواصلا مع قادتهم في مختلف المراحل ولم يدخر وسعا في دعم نضالهم بسبل متعددة فالرئيس مسعود بارزاني يذكر في كتابه ويردد في مناسبات عديدة أنه تلقى الدعم والمساندة من الرئيس الفلسطيني عندما جرى محاولة اغتياله من جانب الأجهزة العراقية في – النمسا – وأوساط الاتحاد الوطني الكردستاني تشير الى دعمه خلال ثورة كولان والشيوعييون العراقييون من عرب وكرد يشهدون بدعمه المتعدد الأوجه عندما تركوا العراق وتوزعوا في لبنان والبلدان العربية كما أنه تضامن مع كرد العراق خلال الهجرة المليونية ببيان معلن وقدم الهلال الأحمر الفلسطيني مساعدات انسانية بهذا الخصوص وقد تجاوب الراحل مرتين مع طلب الحركة الكردية في العراق المتمثلة آنذاك في الجبهة الكردستانية للتوسط بين الكرد والحكومة العراقية كما استقبل الشيخ عزالدين الحسيني وقادة حزبي ديموقراطي كردستان ايران  لمرات عديدة ووقف الى جانب كرد ايران وقدم  دعما سياسيا وفنيا لعدد من منظمات الحركة التحررية الكردية في كردستان تركيا وقبل وفاته أشرف على اقامة جمعية الصداقة الفلسطينية – الكردية في رام الله كأول جمعية صداقة بين الكرد والعرب وكان خلال لقاءاته الكردية لايخفي اعجابه الشديد بالزعيم الراحل مصطفى البارزاني مرددا أن هناك من ظلموه وغدروا به .

–        *  –
   خلف الراحل عرفات الرئيس محمود عباس – أبو مازن – كان في اطار العلاقات الفلسطينية الكردية ومتابعا لها الى جانب القيادات التاريخية في فتح مثل الراحلين أبو أياد وأبو جهاد ومنظمات اليسار وسار أبو مازن على درب سلفه في سياسته الكردية مواصلا العلاقات والتنسيق والتشاور مع أطراف الحركة التحررية الكردية في العراق وخارجه وقد حاول مرارا زيارة كردستان العراق وتم له ذلك وكانت زيارة تاريخية بكل المقاييس سترسخ نهجا متوازنا في العلاقات العربية الكردية ومن دلالاتها التاريخية كون أربيل ورام الله يشكلان آخر عناقيد حركات التحرر وتجربتان جديدتان قيد التشكل والانجاز في مطلع القرن الجديد تواجهان تحديات متماثلة في انتزاع حق تقرير المصير وتحقيق السلم والاستقرار ومواجهة العنصرية ومخاطر الارهاب والاسلام السياسي وزيارته كانت الأولى لرئيس عربي مفندة ادعاءات بعض الشوفينيين الحاقدين على الكرد الزاعمين بتحول كردستان الى ساحة لأعداء العرب خاصة وقد أعلنت في هذه الزيارة عن قرب افتتاح القنصلية الفلسطينية في اربيل كأول قنصلية عربية وهنا أحسن الرئيس مسعود بارزاني صنعا عند مخاطبة مضيفه : نحن مع فلسطين وحركة فتح .
–         *  –
   الرئيس أبو مازن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية لم يطلب من القيادة الكردستانية سابقا وفي زيارته الأخيرة توطين فلسطينيي العراق في كردستان بل شكرها على موقفها الداعم والمتعاطف في معاناة الفلسطينيين في بغداد وعلى الحدود العراقية مع سوريا والأردن وبادر رئيس اقليم كردستان في بادرة انسانية صادقة بابلاغ الرئيس الفلسطيني عن استعداد حكومة الاقليم لاستقبال الكفاءات العلمية من فلسطينيي العراق للعمل في المؤسسات الكردستانية عبر قنوات السلطة الوطنية وتزكية الرئاسة اسوة بعرب العراق وغيرهم .
    من الواضح هناك ارادة كردية فلسطينية مشتركة لتمتين وتطوير العلاقات والتواصل وهناك أيضا مجالات عديدة في هذا السياق : دبلوماسية واقتصادية وثقافية وعلمية وسياسية قد تؤسس فاتحة لعلاقات كردية عربية أشمل على قاعدة الصداقة والشراكة والمصالح المشتركة.

  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…