لا تنسوا أن لنا شركاء!.

  جريدة الوحدة (YEKÎTÎ)*
   شكّلت أحداث آذار الدامية عام 2004 بداية لمرحلة جديدة من التعامل بين الحركة الكردية، التي اتهمت السلطة بتدبير فتنة، أرادت بها إيقاف المد التصاعدي للآمال الكردية، التي انتعشت على خلفية التطورات التي جرت في داخل سوريا ومحيطها، وبين هذه السلطة التي ادعت  أن تلك الأحداث تناغمت مع دوافع خارجية، متهمة الجانب الكردي بأنه يخوض حالة تمرد، قد تتسع لتتجاوز المناطق والتجمعات الكردية إلى مناطق سورية أخرى ..

   ومنذ ذلك الحين، وحتى الآن ، ظلت السلطة تتعامل مع الشأن الكردي بمزيد من العداء والسلبية، وأصبح القمع عنواناً بارزاً للعلاقة مع أي حراك ديمقراطي كردي، ووصلت تلك العلاقة إلى درجة القتل العمد في ليلة نوروز 2008، وتتالت حملات الاعتقال بحق العشرات من الكوادر الكردية، ومن بينها العديد من القياديين الكرد الذين يحاكمون الآن بتهم ملفقة وسخيفة بنفس الوقت، هدفها توجيه رسائل متلاحقة للمجتمع الكردي عموماً، مفادها أن الكرد ليس أمامهم سوى الخضوع والاستسلام لواقعهم المرير، خاصة بعد أن شملت الملاحقات والاعتقالات حتى المهتمين باللغة الكردية ومتابعي الانترنيت.
   ورغم الآثار الخطيرة لتلك السياسة القمعية على طبيعة المجتمع الكردي المثقل بالهموم والتطبيقات العنصرية للسياسة الشوفينية، فإنها قوبلت بتعزيز إرادة النضال، وبالمزيد من التصميم على مقاومة المشاريع العنصرية، ووحًدت الموقف الوطني الكردي، رغم تعثر الجهود الرامية لتأطير الحركة الكردية.

    لكن ما تقدم لا يمنعنا من الاعتراف، في الجانب الآخر، بأن السلطة استطاعت إحداث بعض الشروخ بين الكرد وبين أوساط في الشارع السوري وإيهام الكثيرين من أوساط الرأي العام، وتشويه الحقيقة الكردية، وربط أية مطالبة بالحقوق أو مواجهة لمشاريع وقوانين استثنائية، بإيعازات خارجية لا وجود لها إلا في أذهان أصحاب القرارات الجائرة، الذين
وضعوا نصب أعينهم عرقلة تطور الشعب الكردي، وإطالة أمد حرمانه، وإبعاده عن المساهمة بدوره في صيانة وبناء الوطن الذي تشارك الجميع في كتابة تاريخه النضالي، مستغلة في ذلك الغياب الكردي عن الساحة الوطنية، وفي هذا الموضوع علينا أيضا أن نعترف بأن الأوساط الشوفينية نجحت كذلك في زرع مثل تلك الأوهام بين الأوساط التي لم نستطع تعريفها بحقيقة وعدالة القضية الكردية وشرعية الحركة والحراك الكردي، وكذلك بين الأحزاب والقوى التي تماهت مع السلطة في هذا الشأن تحت غطاء ضرورات التصدي للخطر الخارجي والمشروع الامبريالي الصهيوني، الذي بات يشكل مجالاً للتهرَب من الاستحقاقات الوطنية والديمقراطية، ومنها ضرورة البحث عن حل ديمقراطي للقضية الكردية في سوريا، خاصة بعد أن فشلت كل الحلول الأمنية في طمسها، وكذلك بعد التطورات الإقليمية، التي اتخذت المصالحة العربية عنواناً لها كتعبير عن مشروع عودة النظام إلى الإجماع العربي، وذلك بالتوازي مع محاولات فك الحصار الدولي عنه إثر الانفتاح الأوربي على سوريا واختبار النوايا الأمريكية، بشأن القدرة على فك الارتباط مع إيران.
  كما أن الجانب الكردي، الذي دفعت السياسة الشوفينية بعض فئاته نحو الانعزالية، يجب أن لا ينسى بأن لنا في هذا الوطن شركاء تربطنا بهم أواصر التاريخ والجغرافيا، وأن شمال وشمال شرقي سوريا هي مناطق كردية وتشكل أجزاء عضوية من وحدتها الوطنية، أرضاً وشعباً، وان لنا في هذا البلد أيضاً حلفاء وأصدقاء تربطنا بهم، عدا تلك الأواصر، أهداف التغيير الديمقراطي السلمي، الذي يعني، في جانبه الوطني، أن تكون سوريا وطناً آمناً وكريماً لكل مواطنيها، وان الكرد يستحقون حياة أفضل بعيداً عن الظلم والاضطهاد، وأن القضية الكردية سوف تجد حلاً ديمقراطياً عادلاً، مهما طال الزمن، وان قدرنا هو الانطلاق من مفهوم الشراكة الوطنية والالتزام بشروطها ومتطلباتها، ودعوة الآخرين لمساعدتنا في بناء وطن متعدد الانتماءات القومية والدينية والسياسية، يعترف بالوجود الكردي، ويبحث عن حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة البــلاد.

* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)– العدد (188) آذار/ 9 200م- 2621 ك 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…