حشر العمال الكردستاني في الزاوية

زيور العمر

الإتصالات المكثفة, و الزيارات المتبادلة , بين المسؤولين الكرد في العراق , و نظرائهم في تركيا , تشير الى طبخة سياسية , جرى إعدادها , منذ آمد قريب , في إتجاه حشر حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) في زاوية ضيقة , بهدف إجباره على إلقاء السلاح , و وقف عملياته العسكرية  ضد الدولة التركية .

زيارة الرئيس التركي عبد الله غول الى بغداد, وهي الأولى لرئيس تركي للعراق منذ 33 عاماً, بعد الزيارة الخاطفة للرئيس العراقي الكردي جلال الطالباني الى تركيا, و اللقاء الذي جرى الترتيب له بعناية, بين الرئيس التركي غول, و رئيس الوزراء في إقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني , فضلا ً عن المؤتمر الكردي الذي يجري الإعداد له في العاصمة هولير, تشكل أضلاع الإتفاق الثلاثي بين العراق و إقليم كردستان و تركيا , حول حزب العمال الكردستاني .

المسؤولين الأتراك رفضوا في السابق, التخاطب مع القادة السياسيين في إقليم كردستان العراق, و تجاهلوا دعواتهم , بشأن التوسط في قضية العمال الكردستاني, و إيجاد حل سلمي للقضية الكردية في تركيا, و نظروا الى قيام إقليم كردي في العراق , على أنه بمثابة خطر على الأمن القومي التركي , لأنه يؤثر على الداخل التركي , الذي يؤم أكثر من عشرين مليون كردي, محرومين من الإعتراف القومي و الثقافي.

كما أن الرئيس التركي تماطل في مناسبات عدة من زيارة العراق, و الإلتقاء بالمسؤولين الكرد العراقيين, على إعتبار, أن ذلك كان من شأنه, أن يشكل إعتراف بالحقائق التي تشكلت في العراق, بعد إحتلاله من قبل الأمريكان, و القبول بكيان شبه مستقل للكرد في العراق.


غول إعتبر المؤتمر الكردي المزمع عقده في أربيل, أمر مهم , الأمر الذي يعني, أن الترتيبات الجارية على قدم و ساق , من قبل القادة في كردستان العراق , بشأن توجيه رسالة كردية الى العمال الكردستاني, لحضه على إلقاء السلاح, و إنهاء الكفاح المسلح, تم الإتفاق بشأنها مع المسؤولين الأتراك.

و  قد تم توجيه دعوة لحضور تركي, بصفة مراقب, في المؤتمر.

و لكن لماذا المؤتمر الكردي, إذا كانت القيادة الكردية في العراق, قد إتفقت بالأساس مع تركيا , بشأن ال (ب ك ك) ؟ المعطيات الأولية , على الأقل , تشير الى أن القادة الكرد العراقيين, لم يتشاوروا مع حزب العمال الكردستاني بما فيه الكفاية, و لم يطلعوا قادته  على تفاصيل المحادثات التي أجروها مع الأتراك, ولم يعطوا ضمانات بشأن حقه في ممارسة العمل السياسي في تركيا, إن ترك العمل المسلح, و أزال قواعده العسكرية من كردستان العراق, و هو ما يفسر الرد الفوري من ال (ب ك ك) على تصريحات الطالباني, عندما خير الحزب بين إلقاء السلاح , او مغادرة أراضي الإقليم.

فلو كان هنالك تشاور وتنسيق خفي, بعيد عن وسائل الإعلام, بين القادة الكرد في العراق و تركيا, حول الترتيبات السياسية لحل مسألة سلاح الحزب, و مستقبله السياسي, لما كان الحزب حازما ً في موقفه الرافض من تصريحات الطالباني.
 المؤتمر الكردي المزمع عقده في العاصمة هولير في الشهر المقبل, بمشاركة واسعة من الكرد في سوريا و العراق و تركيا و إيران, يهدف, بالأساس, الى تحميل العمال الكردستاني مسؤولية تطورات مستقبلية , يحتمل أن تكون دراماتيكية , ترتبط بإحتمال رفض الحزب للمبادرة التي ستصدر عن المؤتمر , بضغط من قيادة إقليم كردستان العراق, و ربما نشوب مواجهات عسكرية , لن تكون إلا دامية , بين قوات ال (ب ك ك), و الكرد العراقيين.

فضلا ً عن التنصل المسبق, عن أي فشل سياسي, في حال تنصلت تركيا عن بعض الوعود , من قبيل عدم السماح لحزب العمال الكردستاني, في نهاية المطاف , بمارسة النشاط السياسي , تحت قبة البرلمان التركي.
و يجدر بنا أن لا ننسى, أن اللقاءات الأخيرة, بين الكرد في العراق و المسؤولين الأتراك, تأتي في مرحلة حساسة , ترتبط بالحسابات الداخلية لحزب العدالة و التنمية , المقبل على إنتخابات محلية مهمة , و لا سيما في المناطق الكردية ,  حيث من المتوقع أن يمنى بهزيمة قاسية أمام الكرد .

لذا كان من الأجدى على القادة الكرد في إقليم كردستان, الإنتظار الى حين ظهور نتائج الإنتخابات , بغية بناء موقف كردي ينطلق من موقع القوي, و ليس المساعدة على إنقاذ العدالة و التنمية من الغرق.


التكالب الكردي العراقي على الشأن الكردي في تركيا , في هذا التوقيت , و في ظل غياب الإرادة الجدية, و الحقيقية للدولة التركية, لحل القضية الكردية في تركيا, بشكل سياسي, يضعف الموقف الكردي, و يحشر حزب العمال الكردستاني في زاوية ضيقة, و يفسح المجال لشرخ وحدة الصف الكردي.

فرأفة بإخوتكم يا قادتنا في إقليم كردستان.

25/03/2009

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…