نص الكلمة التي ألقاها المحامي محمود عمر بمؤتمر نقابة المحامين فرع الحسكة

الأخوة الأعزاء:
السادة الأكارم:

في الوقت الذي كنا نتأمل فيه بأن يرفع عنا ولو جزء يسير من المعاناة التي نعيشها منذ عدة عقود وبذلك تختصر الأسئلة ـ التي تفرضها تلك المعاناة ـ أو لا تتكرر كل عام على مسامع مجلسكم الكريم, و من جملة تلك المعاناة كان جميع أبناء هذه المحافظة الكريمة ينتظرون وبفارغ الصبر بأن ترفع عن مناطقهم الصفة الحدودية أو تختصر هذه الصفة بمناطق ومساحات محدودة في ذات الوقت فوجئ الجميع بصدور المرسوم49الذي سد كافة المنافذ التي كان من يلجأ إليها أبناء هذه المناطق لتثبيت حقوقهم العينية نوعا ما ورهن هذا المرسوم أي تصرف عيني ومهما كان بسيطا بشرط وإجراءات الترخيص التعجيزية والمسبقة ولحق هذا المرسوم432الذي رمى بالعديد من مناطق ومدن ومساحات بلدنا العزيز في خانة وزنزانة المناطق الحدودية.
أيها الأخوة:
 لقد اتفق الجميع على ان المرسوم49  أصاب المناطق التي شملته بالجمود الاقتصادي التام بعد ان كان الجفاف قد أتى على قطاع الزراعة برمته في السنوات العجاف السابقة, هذان القطاعان اللذان لا ثالث لهما في ظل غياب المشاريع الاستثمارية الأخرى في المحافظة وكان من آثاره المباشرة القضاء على الآلاف من فرص العمل وتجميد رأس المال الذي كان يستثمر في قطاع العقارات وخلق لدى الجميع شعورا بالخوف والقلق على مصير واستقرار حقوقهم ومعاملاتهم, وأدى كذلك الى نزوح  الآلاف من العوائل نحو دمشق وحلب و المحافظات الأخرى لتلتحق بالأفواج السابقة التي دفعتها ظروف القحط للهجرة هذه العوائل التي مازالت تهيم على وجوهها وهي تبحث عن فرصة عمل تقيها شر الجوع والمرض وهي تسكن في بيوت لاتتوفر في معظمها شروط االحياة التي تليق بالبشر وحفظ كراماتهم, وتضاعفت هذه المعاناة لدى أبناء الشعب الكردي حينما اصطف هذا المرسوم الى جانب جملة القوانين والمراسيم والسياسات الاستثنائية الأخرى التي تطاله منذ عدة عقود كالحزام والإحصاء والتعريب وعدم القبول في الكليات والمعاهد العسكرية إضافة الى استمرار التنكر الدستوري لوجوده وحقوقه القومية ومنعه من التعلم بلغته وممارسة فلكلوره وإبراز الجوانب الحضارية من تاريخه وثقافته.
الأخوة الأعزاء:  هذا غيض من فيض معاناتنا ولأننا ننتمي الى مؤسسة أنيط بها مهمة الدفاع عن الحق والعدالة فإننا لن نكل ولن نمل في أن نطرق باب الأخوة هذا ا لا خوفا ولا استجداء ولكن إيمانا واحتسابا منا  بأن هذه الأخوة تستند الى منطق وحقيقة وحدة التاريخ والجغرافيا والحضارة والعيش المشترك, سنظل نطرق هذا الباب الى اليوم الذي يتداعى فيه الأخوة ليحملوا معنا وبيد واحدة  لرفع هذه المعاناة لأن قضية أي مواطن في هذا البلد مهما صغرت أو كبرت هي قضية الجميع ومن ضمنها قضية الكرد التي هي بالأساس قضية وطنية بامتياز لذلك سنظل نعمل معا حتى لا نورث لأبنائنا تركة ثقيلة مليئة بالاحتقان واللامساواة والتمييز والى أن يكون بلدنا سوريا بمثابة حديقة غناء تتنوع فيها ألوان وشذى وعبق كافة أنواع الورود والرياحين.

    
10/3/2009م 
ولكم جزيل الشكر 
المحامي محمود عمر
ملاحظة: كان المؤتمر بحضور وزير العدل وممثلين عن النقابة المركزية ومحافظ الحسكة وامين فرع حزب البعث وعد آخر من ممثلي الجهات الرسمية 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…