ولا شك إن هذا اليوم جاء في تاريخه, ليتوج نضال وكفاح المرأة العالمية الطويل , من أجل رفع الغبن والظلم الذي لازمها منذ زمن بعيد.
ويؤكد بما لا يترك مجالا للشك على تمكنها من أن تنفض غبار المفاهيم البالية والمعوقات المختلفة عن نفسها , التي ظلت تشكك بقدراتها وطاقاتها في كل العهود والمراحل الماضية.
وكذلك على تمكنها من أن تواجه أعباء ومهام ومتطلبات الحياة بأوجهها المختلفة, بما لا يقل عن الرجل وربما أزيد .
ويخطأ كثيرا من لازال يعتقد بأن المرأة غير ذلك , أو يحصر وجودها في وظائف خاصة , لا تتعدى وظائف الإنجاب وتربية الأطفال وخدمة الزوج ,.
والقيام بمهام المطبخ والاعتناء بنظافة المنزل .
ومن المؤسف إن مثل هذا الاعتقاد لا زال يلاحق المرأة بهذا الشكل أو ذاك خاصة , في مجتمعاتنا السورية , بل وتطوقها في بعض البيئات الاجتماعية بجملة من القيود , تحرمها حتى من الهواء النقي عندما تخرج من البيت .
وعلى العموم يمكن القول بأن المرأة في بلادنا , قد دخلت معترك الحياة بهذا الشكل أو ذاك , وأكثر من أي وقت مضى ولكن لم يزل من الباب الضيق .
وبالتالي فهي لم تصل بعد إلى سوية الرجل , مع إن الطريق أمام الرجل ذاته ليس مستقيما كما هو منشود في بلادنا, وهو نفسه يعاني في الوقت ذاته من هموم كبيرة.
ولكن ما يهمنا هنا أن نشير إليه وباختصار, وضع المرأة السورية بشكل عام والمرأة الكردية بشكل خاص , والمعوقات التي تحول دون تطورهما , ودون فتح الباب واسعا أمامهما أسوة بالرجل .
في الحقيقة لا زالت المرأة بوجه عام , ضحية لمفاهيم وموروثات اجتماعية قديمة , ولسيل من التوجهات الخاطئة.
التي لا تتناسب مع سمة العصر وظروف الحياة الصعبة ومتطلباتها المتشعبة , وتعقيدات المعيشة المتزايدة , التي باتت من الصعوبة بمكان أن ينهض الرجل بها بمفرده .
كما يضاف إلى ذلك تبعات بعض القوانين والتشريعات المعمول بها حتى هذه اللحظة في البلاد , والتي تحد من حرية المرأة ومن كرامتها ومن مكانتها.
ولا شك إن ذلك يشكل إجحافا كبيرا بحقها كإنسانة , وكذلك بحق المجتمع , خصوصا أن المرأة في بلادنا وبمختلف انتماءاتها , وكما هو يثبت يوما بعد يوم , لا توفر جهدا ولا تتأخر عن العطاء , إذا ما تسنى لها ذلك وتسلحت بالعلم والمعرفة من أجل ازدهار ورفاهية الإنسان والمجتمع والوطن .
وبالمحصلة فلا يمكن ضمان تطور المجتمع وتقدمه المنشود , إذا ظلت كل هذه المعوقات الاجتماعية والقانونية في طريق المرأة السورية بوجه عام .
هذا في الوقت الذي يجب فيه أن لا يغيب عن البال , وضع المرأة الكردية بشكل خاص , حيث المعوقات بأشكالها المختلفة , أكثر والمعاناة في هذه الحالة تبقى أكبر , وما تكابده من مظالم تفوق ما تكابده أخواتها في الجانب الآخر.
ذلك بسبب انتمائها إلى الشعب الكردي في سوريا , الذي يتم التعامل معه منذ زمان بعين حولاء , وما ينتج عن ذلك من تبعات الاضطهاد القومي الذي يتعرض إليه منذ عقود عديدة .
لرفد مصالح البلاد العليا , بزخم حضاري وديمقراطي وإنساني , ولتحقيق رفعته ومنعته وقوته , ونقله إلى مصافات متقدمة .
لابد من العمل الجاد والمتسرع خاصة , من لدن من يتولى أمر البلاد والعباد .
ذلك لإزالة ما يمكن إزالته من المعوقات ذات الأشكال المختلفة, عن طريق المرأة السورية , بما فيها المرأة الكردية ذات الهم المزدوج , والمعروفة بوطنيتها واستعدادها الدائم للبذل والتضحية والعطاء , واستثمار الطاقات الكبيرة التي تمتلكها كل منهما في الأوجه الصحيحة.
ويحضرني هنا قول أحد الشعراء عن المرأة ” الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق” وفي زاوية أخرى المرأة بحد ذاتها بما فيها المرأة الكردية , مدعوة إلى توسيع وعيها , وتعميق شعورها بالمسئولية , وتطوير قدراتها وطاقاتها وتحصيلها العلمي والمعرفي , وضخ نفسها بمزيد من الثقة , وتكثيف نشاطها وحركتها في أوجه الحياة المتعددة , بما يثبت شخصيتها ومكانتها وفاعليتها , و يدحض بقوة مقولة تفوق الرجل عليها .