رد توضيحي على الخارطة السياسية والتنظيمية في كوردستان سورية في 2008

عدنان بوزان
Bave-araz@hotmail.com

الأخ دلشاد مراد تحية كردية وبعد  …

عند قراءتي لما ورد في عملك حول الخارطة السياسية والتنظيمية لأحزابنا لا يسعني سوى أن أشكر جهودكم المضنية التي بذلتموها في سبيل أمتكم وأقول إنه عمل رائع يستحق الثناء والتقدير والاحترام منا جميعاً لأنك أتقنت بوضع الحصان أمام العربة كما يجب خاصة عند تناولك التقسيمات القيصرية والولادات الغير المكتملة التي تتصف بها أحزابنا الموقرة ولهذا يعتبر عملك المرجعية الأولى للمهتمين بشأن الحركة الكردية في سوريا لأنك قدمت بانوراما الانشقاقات للأحزاب وكشفت عن جانب مهم من الحقائق التي تتصف بها هذه التنظيمات والمؤسسات الكردية لعام 2008 لشعبنا التواق إلى الحرية ..

     ولعلني لا أستطيع أن أدلي بملاحظاتي المتواضعة إلا على جزء يسير منها فقط حتى لا أخرج عن جوهر الموضوع الذي نحن بصدده لأن القضية الكردية في سوريا تعتبر من القضايا المتشابكة التي آن الأوان أن يبدأ الجميع بالتفكير فيها وإيجاد حلول مناسبة تلاءم خصوصيتها القومية وتخرج قضية هذا الشعب من بواتق النسيان إلى العلن وبذلك تكتمل صورة اللوحة الفسيفسائية التي تتجمع فيها عناصر النسيج الاجتماعي السوري .

    أما ملاحظاتي حول ما ورد عن حركة المثقفين الكرد في عملك أرى نقصاً حاصلاً عن طريق الخطأ لأن مصدركم الذي أنهلتم منه معلوماتكم قد أعطاكم الموجز اليسير عن الحركة فقط وذلك غاية في قلب يعقوب كما يقال في المثل الشعبي أم إنه نتاج صدفة غير مقصودة .


وإليكم ما يلي من مصدره الموثوق …      
    ففي البداية عندما وصل الحزب الشيوعي السوري (بكداش) إلى الإحباط وسلب منه إرادته الأممية والطبقية بقي اسمه أممياً ومضمونه قومي عرباوي.

وفي المؤتمر التاسع ودع الحزب مجموعة من الرفاق الشيوعيين من بينهم عدنان بوزان وقدري جميل وكمال مراد ومحمد علي وماهر الحجار وضياء ونذير وأبو سلام وعبدي وغيرهم الكثيرون من الرفاق على أساس تشكيل حزب أممي حقيقي في سبيل الدفاع عن الطبقة المظلومة والمضطهدة والدفاع المستمد عن الشعب الكردي وقضيته العادلة في أولويات سلّم النضال لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فبعد الحوارات والمناقشات الساخنة وفي نهاية الأمر لم نتوصل إلى حل جذري وحقيقي للقضية الكردية وربما بعض الشخصيات الذين يعتبرون أنفسهم بالأمميين حالياً سيطرت عليهم النفسية العروبية أو ربما كان لهم مخاوف من جهة معينة … هنا انقسمت هذه الكتلة الأممية إلى شقين الأول جماعة قاسيون بقيادة قدري جميل وغيرهم , والثاني جماعة مع عدنان بوزان شكلوا حزباً تحت اسم (حزب الشعب الديمقراطي ” الإصلاحي “) ووضع المؤتمر التأسيسي الأول في العاصمة دمشق في  كانون الثاني عام 2001 لكن باء بالفشل بعد أشهر وتوقف الحزب عن النشاط بسبب الظروف والضغوطات ..

واستمر هذا الوضع حتى حزيران عام 2002 تم تأسيس هيئة المثقفين الكرد في سوريا على أنقاض حزب الشعب بقيادة عدنان بوزان وعدد من رفاقه واستمرت الهيئة وشاركت في الكثير من الفعاليات والاعتصامات السلمية في دمشق منها بمناسبة الإحصاء والحزام العروبي , وأرسلت الهيئة رسالة خطية إلى رئاسة مجلس الوزراء السوري لإيجاد الحل لمسألة المجردين من الجنسية السورية في منطقة الجزيرة نتيجة الإحصاء الشوفيني لعام 1962 وشاركت الهيئة في الاعتصام الرباعي (هيئة المثقفين مع أحزاب لجنة التنسيق الثلاثة) أمام القضاء العسكري بدمشق نتيجة محاكمة 47 شاباً كردياً وقتئذٍ تحاورنا مع اللواء رئيس القضاء العسكري بدمشق وكان الوفد المشكل من الأساتذة حسن صالح وفؤاد عليكو وبشار أمين ولقمان ومشعل التمو وعدنان بوزان فأظن أن الحركة الكردية وبعض الفضائيات الكردية مطلعة على ذلك , وكان الهدف الأساسي للهيئة بناء الدولة الديمقراطية وصون كرامة المواطن وتوحيد جهود الحركة الكردية وتوحيد الخطاب السياسي الكردي نحو تأسيس مرجعية كردية حقيقية تشارك فيها جميع فعاليات وأطياف المجتمع الكردي بيمينه ويساره نحو تحقيق الهدف الكردي المنشود ..

وللأسف قادة هذه الفصائل الحزبية لم تستجيب ربما من مخاوف القادة من أن تزاح الكراسي الخشبية من تحتهم ونتيجة ذلك تلقت الهيئة وابلاً من الانتقادات الكثيرة من هذه الفصائل الحزبية بسبب محاولاتها لفك طلسم النفسية القبلية وقد تدق بها إسفين العقول الناعسة وتحرمهم من السبات العميق ..


   وفي خريف 2005 قامت الهيئة بعملية اندماجية مع حزب يكيتي الكردي في سوريا وصدر بياناً من الحزب بهذا الشأن لكن عملية الاندماج كانت على أساس انتخابي حر لكن بعد ثلاثة أشهر ظهرت بعض التحفظات من قبل حزب يكيتي على العملية الانتخابية ومن جانب آخر رفض أعضاء هيئة المثقفين الانضمام إلى حزب يكيتي وعدم التلاؤم بين الطرفين انسحبت الهيئة من عملية وحدوية لكن بدون بيان رسمي بسبب الاتفاق بين الطرفين بألا يعودوا إلى لغة الصراعات والانتقادات والمواجهات العدائية , فعلى كل الأحوال أشكر رفاقنا في حزب يكيتي  ..


    وفي ربيع 2007 وفي مؤتمره الاعتيادي تحولت اسم الهيئة إلى حركة المثقفين الكرد في سوريا أظن أن الحركة أصدرت بياناً بهذا الشأن إلى الرأي العام الكردي والوطني ..

فلربما الحركة رفعت شعاراً أكثر واقعية في النضال الكردي السوري ..

ومن أجل هذا الشعار الواقعي والعقلاني أعتقل سكرتير الحركة عدنان بوزان بنفس العام في 19 / 6 /2007 وذاق ملذات الأقبية الرهيبة بما فيه الكفاية وحرم على أثرها من كافة الحقوق الإنسانية من خبز وماء وهواء ..

وأعتقد أن ملفي عن اعترافاتي ودفاعي عن القضية موجود حتى الآن في القضاء العسكري وأظن أن هذا الاعتقال التعسفي أذاعته فضائية (روج تفي) فلابد أن أشكر جهود هذه الفضائية كثير الشكر , فهي تعتبر العين الساهرة على نضال شعبها الأبي .

ولكن للآسف الشديد لم يذكر اسمي أحد لا في صحيفة حزبية كردية وكذلك لا على لسان قادتنا فشكراً لنضالهم لأني لم أحمل هوية كما يحملها غيري من القيادات الكردية أو لأني صادق مع قناعاتي ..إلخ
 باستثناء الحزبين الكرديين هما حزب يكيتي الكردي في سوريا وحزب الديمقراطي الكردي السوري اللذين ذكرا اسم عدنان بوزان مرور الكرام بين الأسطر وكما ورد (أعتقل الأمن السوري المواطن الكردي عدنان بوزان) ومع كل هذا أشكر جهود رفاقنا في الحزبين ..

وأشكر جهود اللجنة الكردية لحقوق الإنسان بقيادة الأستاذ المحامي رديف مصطفى الذي دافع عني حتى اللحظة الأخيرة ..

وأكرر شكري واحترامي له ولأعضاء اللجنة بكل صدق دائماً ..
      أما بالنسبة لانقسام حركة المثقفين الكرد إلى قسمين القسم الأول أنضم إلى تيار المستقبل الكردي والقسم الثاني أنضم إلى الحزب الديمقراطي الكردي السوري كما ورد في مقالكم          (عدنان بوزان ورفيق له) أظن أن لا صحة لهذا القول أبداً لأن أحزابنا الكردية حتى الآن نضالها بشكل سري ..

أخي دلشاد لو كان نضال أحزابنا علني لعرفت كم هو عدد حركة المثقفين وكيف كان دورها الفعال في ساحة النضال السياسي والثقافي ولو أنك أطلعت بشكل جيد عن مضمون ومبادئ حركة المثقفين لكنت واحداً من أنصار هذه الحركة ..


     أما بالنسبة للجواب على القسم الذي أنضم إلى تيار المستقبل باسم الحركة أو الهيئة بكل تأكيد لا علاقة لنا به كل ما هنالك وحسب معلوماتي أنه تم طرد شخص من الهيئة قبل أن تتحول إلى حركة المثقفين , ومع ذلك لست بصدد ذكره هنا وكيفية طرده أظن أن الفصائل الكردية وبالأخص اللجنة الكردية لحقوق الإنسان على إطلاع كامل وتعلم أسباب الطرد جيداً …
      أما بالنسبة للاندماج والعملية الوحدوية بين حركة المثقفين والحزب الديمقراطي الكردي السوري وبكل تواضع رأينا أن هذا الحزب ذات رؤية قومية ووطنية واضحة وجديرة بمواقفها وتتحمل المسؤولية أثناء الصعوبات وتربط بين القول والفعل كما نرى وبالتالي تلاقت أفكار الطرفين  واشتركت الرؤية ..

في سبيل أن نخدم القضية وإيجاد حلول مناسبة لها بالطرق السلمية والديمقراطية , فهذا لا يعني أن حركة المثقفين انتهت نهائياً وتنازلت عن كافة مطاليبها كما يتصورها البعض ..

إنما نضالنا اليوم كحزب ديمقراطي كردي سوري نناضل من أجل إيجاد حلول واضحة لبناء الإطار السياسي الجامع والشامل على أسس ديمقراطية حقيقية تتناسب مع مواكبة العصر للقضاء على حالة التفكك والشرذمة في الحركة الكردية ..


     مع هذا أؤكد أن حركة المثقفين لم تنقسم أبداً إنما انضممنا إلى الحزب الديمقراطي الكردي السوري بمحض إرادتنا ..

ومع هذا لا أنكر أن بعض الشخصيات تركوا عمل الحركة تحت دافع الخوف وخاصة بعد اعتقالي ومازالوا مستقلين وبعيدين عن التنظيمات السياسية , ولا أنكر الطيور المهاجرة التي تنتقل بين هذا الفصيل أو ذاك ..

  والنصر مع الصدق والصادقين بالقول والفعل .

     أما بالنسبة للتوقعات التي وردت في مقالتكم عن 2009 وحسب اعتقادك أن هذا العام  لا يوجد أي مؤشر للانشقاق في صفوف الحركة الكردية ..

وأنا أقول الحركة الكردية في سوريا كالسفينة في عمق البحر جاهزة في أي لحظة لتستوفي شروط الغرق بما أن النفسية القبلية المسيطرة على الساحة الكردية وجرثومة الأنا الذاتية الذكية في عقول بعض الكرد فتوقع الانشقاق ..

ياعزيزي دلشاد لأن التقارب والألفة والمحبة بين هذه الفصائل شبه معدوم , بالرغم من المناشدات والدعايات من كل حزب نحو المرجعية الكردية أو الإطار السياسي أو غيرها فكل هذه الدعايات بشكل مؤقت وربما تؤدي إلى الإطار السياسي بين بعض الفصائل الكردية ولكن أقول أنه لا تتصف بالديمومة بما أن هذا الحل ضمن إطار جزئي وليس كلي والهدف الأساسي لهذه الفصائل الحزبية هو السيطرة على بقاءهم على أرض الواقع ولا تجيد الحل الكلي للقضية الكردية في سوريا في هذه المرحلة , وتأكيد لقولي عندما نعود إلى الجذور التاريخية للانشقاقات في الحركة وهذا الكم الهائل من الأحزاب والتنظيمات الكردية الموجودة على أرض الواقع أو ما وراء الكومبيوتر … ما شاء الله ما أكثرها ..فنجد أن خلافاتهم ليست إيديولوجية , إنما خلافاتهم نفسية وقبلية ولا تستطيع احتواء الآخر لأنهم ما زالوا يعيشون على نفسية الآغا والعبيد فأنا لا أقول هذا من نظرة تشاؤمية بل هي حقيقة واقعة نتلمسها , مرة أخرى أقول وأؤكد أن لا حل للقضية إلا بوعي الجماهيري الكردي وبالتخلص من هؤلاء القادة المتخاذلين والشخصيات ذات النفوس المريضة وأن إيجاد أي حل جامع وشامل للقضية يكمن في وحدة الصف الكردي بعيداً عن المهاترات والخزعبلات التي لا تخدم القضية وبالتالي لا تخدم الشعب ولعل الكم الهائل من هذه الولادات والأسماء بدءاً من الديمقراطية حتى الليبرالية والغيبية والمجهرية ليس سوى ضياع لبوصلة الحقيقة والحق.

مرة أخرى أشكرك وأهنئك يا أخ دلشاد بالرغم من أني لم أعرفك شخصياً ولكني عرفتك جيداً من خلال هذا السرد التاريخي الناجح والرائد في مجال الانقسامات والولادات القيصرية في صفوف الحركة الكردية في سوريا ..

فلتنصرك آلهة العشق

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…