ـ تحظر المواثيق أو ما اتفق على تسميتها بالشرعة الدولية لتؤكد على منع الاندماج من خلال القهر أو الهتك أو الاندثار القسري من خلال فرض ثقافة بعينها على كامل المجتمع.
وفيما بين هاتين الفصلين تكمن أهمية الشرعة الدولية في معارضتها لأي ممارسة تفرض على المجتمع قسراً.
ـ ترتكز الشرعة الدولية في رؤيتها بحصانة “الأقليات” من خلال دفاعها عن الفرد وحريته في العيش والحياة، مع الأخذ بعين النظر الالتزام القانوني والدستوري للفرد بحق الجماعة.
ومن أجل الوقوف على دلالة هذا المفهوم كان لابد من تحديده وتعريفه, فما هي
الجماعة الإثنية (Ethnic)؟؟ :
اتفق على استخدام هذا المفهوم في الأساس كشكل من أشكال التحايل على الدلالات اللغوية المباشرة لمفهوم الأقلية التي تشير إلى القلة العددية، لكي لا يستنتج من المصطلح غاية التقليل من الشأن، ولكي لا تكون مبرراً للتعدي على ميراثه التاريخي الذي يشير ولو بطريقة لا شعورية إلى مفهوم التعصب العنصري و من ثم التشكيك في صدق انتمائه على الأقل بالمعنى “السياسي”.
ومنذ بدايات القرن التاسع عشر، حيث تداول هذا المصطلح، وصار أحد أكثر المفاهيم خلافية وخاصة بين البيولوجين والسيسيولوجيين (علماء الاجتماع )، وأكثر ما زاد من حدة الخلاف في التعبير والدلالة للمصطلح كان في وقت تدخل السياسين والتضارب في ما بين المصالح السياسية لتحديد وتأطير غاية المصطلح عند ترجمته بالمعنى الفعلي.
حيث تواترت مضامين هذا التعبير في التعريف عن الجماعة هل هي فرعية أم أقلية، وأيضاً في التعبير عن خواصها وتأطيرها عن جماعة أساسية أو الأمة، أو الجمع بين المعنيين.
باعتبار أن هناك الكثير من الشعوب تمتلك خواص الأمة ومقوماتها دون أن تكن لها دوله مستقلة الأكراد مثلا” أو الأمازيغ ..الخ.
أو هي بعيدة عن مواطن أممها المستقلة، فالجماعات الفرعية الأيرلندية واليونانية والإيطالية أو الافريكانية في المجتمع الأمريكي على سبيل المثال ليست في حقيقتها إلا أمما بذاتها وإن لم يعترف المجتمع لها بحقها في التمايز عنه من منطلق استيعابه لمختلف الأقليات وصهرهم في بوتقته.
لذلك فإن مفهوم الجماعات الإثنية لم يقدر له الذيوع المرجو، خصوصا مع التضارب في تحديد نطاقه الذي قد يتسع ليشمل كل أشكال التمايز لتعبر بذلك الجماعة الإثنية عن خط متواصل يبدأ بالقبيلة وينتهي بالأمة، كما أنه قد يضيق ليقتصر على التمايز العرقي دون سواه.
وهنا قد يقع نوع من الفصل التعسفي بين مفهوم الجماعة العرقية Ethnic Group بمعنى تلك الجماعة التي تتميز بمجموعة من التقاليد الثقافية والاجتماعية الخاصة بها، ومفهوم الجماعة العنصرية Racial Group بمعنى تلك الجماعة التي تتمتع بمجموعة من الخصائص البيولوجية، وذلك على الرغم من أنه في صحيح اللغة العربية ليس ثمة فارق يذكر بين مفهومى العرق والعنصر فكلاهما يشير إلى الأصل، علاوة على أنه في ظل امتزاج الدماء واختلاط العروق يصعب الحديث عن جماعة عرقية نقية… مابين مفهومي العرق..
و الإثنية.
استخدم مفهوم “العرق” Race – وهو مصطلح بيولوجي – في النقاشات العامة لتوصيف جماعة من البشر، تنبني روابطهم بين بعضهم البعض على عوامل أخرى غير العلاقات الوراثية.
فمصطلحات مثل “العرق الإنكليزي” والعرق الآري و “العرق الإفريقي” و “العرق الفرنسي” على سبيل المثال، تبدو صحيحة هنا.
إذ تنطوي هذه المصطلحات على أن اللغة المشتركة، والدين، والإقامة في البقعة الجغرافية نفسها، والمواطنة في دولة واحدة، تخلق روابط عرقية.
لكن البشر يطورون تشابهات وراثية بين بعضهم البعض، ويكرسون الاختلافات عن الشعوب الأخرى بغية تأسيس عرق منفصل، وذلك عندما تفصل الحواجز التي استمرت لآلاف من السنين إحدى الجماعات عن الجماعات الأخرى..
لقد هاجر البشر عبر العالم آلاف السنين، ينزرعون في كل شبر في بيئاتهم الجديدة، وعندما تمت الهجرات تم الاختلاط البيولوجي.
لم تمنع الفروق الجسدية، ولا التحريمات الدينية، والقومية، من الاتصال مع الغرباء – أي من اختلاط الأجناس، فقد موهت العوامل البيئية والاختلاط المتداخل، الحدود بين الأجناس.
وتُظهر مئات الدراسات أن الخصائص الجسدية التي تميز عرقاً عن عرق آخر ليست لها معايير بيولوجية ثابتة، بل هناك عوامل أخرى كالمناخ، والتغذية، والأمراض، من بين عوامل عديدة يمكن أن تحدث اختلافات من جيل إلى جيل, وهو ما يدحض النظرية العرقية القائمة على نقاء الشعوب, وصفاء دمائها, وما يتبعها من ادعاء التفوق والاستعلاء العنصري وآفاته الوبيلة.
كما أن ليس هناك من تقسيم حاسم للأنواع البشرية إلى أجناس، ذلك أن انتخاب الخصائص المميزة، ومستويات الاختلاف، عملية اعتباطية بحد ذاتها, كما أنها تخضع لشروط معقدة ومتعددة.
ولهذا السبب أثبتت مقولة العرق – كأداة لتعقب الارتقاء البشري والهجرة – عدم جدواها الآن.
وعليه فقد نبذ علماء الأنثروبولوجيا هذه الفكرة برمتها.
أما العلماء الذين استمروا في الإشارة إلى الأجناس البشرية، إنما يفعلون ذلك للتمييز بين التقسيمات الأساسية بين البشر.
وخلافاً للمقولات الشائعة حول معنى العرق الذي يخلط بين البيولوجيا والثقافة، يبقى الاستخدام العلمي له محدداً على الصعيد البيولوجي.
لقد سيطرت الدراسات العرقية في ما مضى على حقل الأنثروبولوجيا، لكن العديد من الأنثروبولوجيين كفوا عن تصنيف البشر على صعيد عرقي.
وفي الوقت ذاته روج العديد من الكتّاب لفكرة التفوق العرقي، ونقلوا الانطباع أن علماء الأنثروبولوجيا يصادقون على أن تنسب الصفات السايكولوجية إلى الأجناس، لكنهم تجاهلوا حقيقة أن التصنيفات العلمية قد بنيت أساساً على الفروق في الخصائص المادية.
كما أنهم ربطوا “رقعأً” إلى الأجناس أسيء تقديمها، فقد تم تقديم هذه الأجناس على أنها مصطلحات عرقية صالحة.
“فالآري” – وهو مصطلح لغوي وليس بيولوجي – هو صاحب الصيت الأسوأ.
لقد ميز هتلر بين الآريين وغير الآريين على أساس سجلات وراثية.
وتبعاً للنازية، فإن الأجناس الأخرى من غير الآريين كان يتم تحديدهم بخصائص سايكولوجية وجسدية لصيقة بهم.