الحب في زمن السياسة

 شيرزاد يوسف

الحب يصنع المعجزات…..
لعل هذه العبارة  قد مرت على مسامعنا جميعا منذ إن كنا أطفالا على مقاعد الدراسة في المرحلة الابتدائية في حينها لم نكن نعرف عن الحب سوى بعض  القصص التي سمعناها عن مجنون ليلى وعن عنترة وعبلة وعن الأساطير الكردية لممو وزين كما أن المعجزة  في حينها كانت مرتبطة في أذهاننا  فقط ببعض قصص الأنبياء التي كنا نقرأها في مناهجنا الدراسية .

كبرنا فكبر الحب في أذهاننا فبتنا قراء نهمين لكل القصص والأشعار التي تحدثت عن الحب ومعانيه كما أن  المعجزة لم تعد مقتصرة على الأنبياء وحدهم بل أن شعراء كنزار قباني بدو لنا أعجازا حقيقياً كما أن تأثرنا بمشاهير الحب أمثال عنترة وقيس بن الملوح صار أكثر تعمقاً فصرنا نبكي حين كنا نشاهد النهايات الدرامية للأفلام والمسلسلات التي أنتجت عن هذه الشخصيات كل هذه  الأمور والأحداث العاطفية لاقت قبولا واسعاً بين الأجيال الشابة في مجتمعاتنا الشرقية وهذا ليس بالمستغرب أبداً فلطالما عرف الرجل الشرقي بعواطفه المتوقدة والمتهورة لحد الجنون.
 كذلك الأمر فنحن الشرقيون عموماً نهتم بالأمور السياسة كأهتمامنا بالحب نفسه ففي دولنا العربية مثلا وحين  يتم الحديث عن أية تواريخ زمنية حدثت في أشهر معينة  فأن أول ما نفكر به هي الأحداث السياسية الساخنة التي حدثت في هذا التاريخ  ففي سوريا مثلا وحين يتم ذكر شهر تشرين فأول ما يخطر في تفكيرنا هي ذكرى حرب تشرين  التي انتصرنا فيها على إسرائيل عام 1970 في حين أن الأمور تأخذ منحى معاكسا حين يتم الحديث عن شهر حزيران حيث نكسة حزيران عام  1967 كما أن هذه التواريخ التي ظلت حية في ذاكرتنا لا تعدو مقتصرة على أحداث سياسية وقعت في دولنا فقط بل أحيانا تتجاوز حدود بلداننا فوالدتي مثلا لطالما ربطت في ذاكرتها بين تاريخ ميلادي في عام 1979وذكرى قيام الثورة الإسلامية في إيران والتي جرت في العام نفسه.
 وهكذا تجري الأمور في مجتمعاتنا الشرقية فالعاطفة والسياسة هما السمتان الرئيسيتان للتعبير عما يجري في نفوسنا المتعبة ولذلك فليس بالمستغرب أبدا أن تأخذ الاحتفالات في دولنا العربية وبذكرى  عيد الحب مثلا هذا الطابع الكرنفالي الضخم فهذا اليوم العاطفي المميز أراه يوما مناسباً للتعبير عما يجول في داخلنا من نوازع سياسية فالبعض منا  يستطيع أن يرى في الألوان الحمراء المعبرة عن هذا العيد والتي تكسو المحلات والشوارع في هذه الأيام حنينا إلى أيام المد الشيوعي وبأعلامها الحمراء التي غزت ذات مرة  جميع بقاع العالم  كما أن البعض الآخر وخاصة أخوتنا في لبنان فيمكنهم أن يروا في هذا اليوم  ذكرى مناسبة لتجديد حبهم وولائهم لرئيس وزرائهم  الأسبق رفيق الحريري والمغتال في هذا اليوم بالذات (14 شباط 2005) وبما تركه هذا ألاغتيال من تأثيرات سياسية هامة على الساحتين العربية والدولية .
وبما أنني لست حالة استثنائية في هكذا مجتمع لذا سأعبر عن ميولي السياسية في هذا العيد على طريقتي الخاصة حيث سأقدم لصديقتي الارمنية تنازلا سياسيا لا مثيل له فهي تتهمنا نحن الكرد وعلى الدوام بمسؤولية المجازر البشعة التي ارتكبتها  السلطات العثمانية بحقهم أيام السلطان العثماني عبد الحميد الثاني  عام 1915لذلك سأقدم الاعتذار لها ونيابة عن كامل شعبي الكردي عن  جريمة لم نرتكبها وسأهديها وردة حمراء مكتوب عليها الحب كالسياسة فن للكذب والممكن…

موقع العربية نت

http://www.alarabiya.net/views/2009/02/14/66392.html

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…